بلغة المال.. كيف يغير "دوري السوبر" كرة القدم الأوروبية؟
أحدث إطلاق بطولة "دوري السوبر الأوروبي" ضجة كبيرة في أوروبا والعالم، بعدما لقيت المسابقة معارضة شرسة.
وأعلن 12 ناديا من كبار أوروبا، مساء الأحد، تأسيس دوري السوبر الأوروبي، وقوبل هذا الإعلان برد قوي من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، الذي حصل على مساندة من نظيره الدولي "فيفا"، والاتحادات المحلية وروابط الدوريات الكبرى في القارة العجوز، وحتى حكومات عدد من الدول مثل فرنسا وبريطانيا.
البطولة الجديدة ستُلعب بنظام مختلف تماما عن دوري أبطال أوروبا، وذلك بمشاركة 20 فريقا مقسمين على مجموعتين، يتأهل منها 8 فرق تلعب دورين إقصائيين وصولا للمباراة النهائية، لكن الاختلاف الأوضح والأكثر أهمية يتعلق بالمبالغ المالية التي يجنيها المشاركون.
لغة المال
حسب ما ذكرته عدة تقارير صحفية، وأكدته بيانات رسمية من الأندية الـ12 المؤسسة للبطولة، فإن تلك الأندية ستحصل على مبالغ ضخمة تصل إلى 350 مليون يورو بمجرد انطلاق البطولة، وهو مبلغ أقل بقليل من 3 أضعاف ما يحصل عليه الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا.
الجدير بالذكر أن هذا الفارق الواضح ليس سببه قلة عائدات دوري أبطال أوروبا، حيث أن أرباح تلك البطولة في دورتها التسويقية الأخيرة تبلغ تقريبا 3 مليار يورو، تأتي من إيرادات البث والحقوق التجارية والرعاية والتذاكر.
وحسب ما ذكره تقرير لمجلة "فوربس" الاقتصادية الأمريكية، فإن بطولات الأندية التي ينظمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" حصدت 4 مليارات دولار (3.32 مليار يورو) من عائدات البث التليفزيوني الموسم الماضي.
ويحصل الاتحاد القاري على حصة كبيرة من تلك العائدات لأغراض التنظيم والإدارة ودعم اللعبة في المناطق الأقل تطورا بالقارة، علما بأن نسبة تتجاوز 50% من أرباحه تأتي من أرباح دوري أبطال أوروبا.
وأشارت المجلة إلى أن بطولة دوري السوبر تستطيع جلب أرقام أكبر من عائدات البث سواء على قنوات التليفزيون أو المنصات الرقمية، لكن في هذه الحالة ستكون موزعة على الأندية فقط، دون أن يحصل طرف آخر (الاتحاد الأوروبي) على نسبة منها.
وقد يتمكن الفائز بالبطولة الجديدة من الحصول على مبلغ 400 مليون يورو، مقابل مكافأة في حدود 130 مليون يورو فقط يحصدها بطل دوري أبطال أوروبا.
وذكرت "فوربس" أن تلك البطولة الجديدة ستجعل الأندية المشاركة أكثر ثراء -ومالكيها أيضا كذلك-، كما أن قيمتها السوقية سترتفع بشكل جنوني، وبطبيعة الحال سيؤثر ذلك على الأندية الأقل شأنا.
كيف يتم توزيع أرباح دوري الأبطال؟
من أجل فهم أكبر للفارق الشاسع من الناحية المالية بين بطولتي دوري السوبر ودوري الأبطال، ينبغي فهم كيفية توزيع الأرباح في المسابقة القارية العريقة.
يتم توزيع الجوائز المالية لدوري الأبطال بناء على 3 معايير أساسية، هي إنجاز الفريق في البطولة، وموقعه في تصنيف "اليويفا"، بجانب ما يعرف بـ"تجمع السوق".
وكلما اجتاز الفريق مرحلة من مراحل المنافسة في دوري أبطال أوروبا يحصل على جائزة مالية، تصل إلى 19 مليون يورو للفائز، بخلاف ما يحصل عليه في المراحل التي تسبق النهائي، فضلا عن أرباحه من مشاركته في السوبر الأوروبي، وتبلغ 3.5 مليون يورو، ويزيد عليها مليون يورو حال فوزه باللقب.
ويحصل الفريق المشارك في دوري أبطال أوروبا على مبالغ إضافية متعلقة بتصنيف "يويفا"، ويتعلق بأدائه ونتائجه في المسابقات القارية، فمثلا، إذا خرج ريال مدريد (متصدر التصنيف)، من دور المجموعات، سيحصل على 35 مليون يورو، بينما يجني بورتو 26 مليون يورو إذا فاز باللقب.
الجانب الثالث أكثر تعقيدا، حيث يرتبط باختلاف قيمة حقوق البث التلفزيوني في كل بلد عن الأخرى، وتم اعتماد هذا العنصر لمكافأة البلدان التي تجلب أكبر قدر من الأموال إلى خزائن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
ويتم حساب هذه النسبة بناء على عاملين، إلى أي مدى وصل الفريق، وفي أي مركز أنهى الدوري المحلي في الموسم السابق.
وكمثال على ذلك في موسم 2018-2019، حين خرج مانشستر سيتي، بطل الدوري الإنجليزي (2017-2018)، من ربع النهائي، حصل على 21.2 مليون يورو، فيما جنى ليفربول، البطل، 13 مليون يورو، بسبب حصوله على المركز الرابع في الدوري.
ومن المنتظر أن تتضمن البطولة الجديدة معايير مشابهة لكن أقل تعقيدا لتوزيع الأرباح على المشاركين، الذين لن يطرأ على أسمائهم الكثير من التغييرات بعكس ما يحدث في دوري أبطال أوروبا، فمن المفترض أن يشارك 15 ناديا كل موسم، بجانب 5 أندية فقط متغيرة.
وبتغير الوضع لن تتداخل تلك المعايير المعقدة المتعلقة بترتيب الدوري والبث التليفزيوني في توزيع الأرباح المالية للمشاركين في دوري السوبر.
على الطريقة الأمريكية
الإسباني فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد وصاحب فكرة البطولة، سيكون على رأس المؤسسة الحاكمة لها، ومعاونه الأول هو الإيطالي أندريا أنييلي رئيس يوفنتوس، لكن في الوقت ذاته فإن النواب الـ3 الآخرين من الولايات المتحدة الأمريكية، وهم جويل جليزر رئيس مانشستر يونايتد، وجون هنري أحد ملاك ليفربول، وستان كرونكي مالك أرسنال.
كذلك فإن فكرة دوري السوبر الأوروبي ظهرت للنور بسبب مبلغ مالي قدمه بنك "جي بي مورجان" الأمريكي، ويصل 5 مليارات دولار.
النظام المغلق أو شبه المغلق للبطولة، بغياب الفكرة التقليدية للصعود والهبوط، يبدو أقرب شبها بالمسابقات الكروية في الولايات المتحدة، ومنافسات كرة السلة، ما يجعل كبار القارة العجوز ينسلخون تدريجيا من النمط التقليدي لكرة القدم الأوروبية، والشائع في أغلب أنحاء العالم.
ضربة قاضية
سيصبح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في موقف لا يحسد عليه بسبب البطولة الوليدة، التي تمثل ضربة قاضية لدجاجته التي تبيض ذهبا، دوري أبطال أوروبا، بسبب انسحاب الكبار منها.
غياب الأندية الكبيرة والنجوم المميزين سيسبب عزوف المشاهدين عن متابعة البطولة وبالتالي لن يتلقى "يويفا" عروضا كبيرة للبث التليفزيوني، وستهبط أرباح البطولة وقيمتها السوقية بشكل جنوني.
لكن التأثير لن يتوقف عند هذا الحد، ففي ظل الدعم الكبير الذي يحظى به الاتحاد الأوروبي في مواجهة أندية دوري السوبر، تم تهديد تلك الأندية بعقوبات رادعة تتضمن منعها من المشاركة في الدوريات المحلية، وحرمان لاعبيها من المشاركة مع منتخبات بلادها.
بغض النظر عن تنفيذ تلك العقوبات من عدمه، فإن الاتحادات التي لوحت بها وضعت نفسها في مأزق، إما بتنفيذها والمخاطرة بفقدان الأندية الكبيرة، التي تستمد البطولات قوتها منها، أو عدم تنفيذها والرضوخ لفكرة دوري السوبر، ما يضعها في موقف محرج ونادر في تاريخ كرة القدم.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز