مفاجأة في وفاة جان جودار.. أنهى آلامه عبر "الانتحار"
لجأ المخرج السينمائي الفرنسي جان لوك جودار الذي توفي الثلاثاء عن 91 سنة إلى المساعدة على الانتحار، حسب ما أكد وكيل عائلته.
وأوضح باتريك جانريه لوكالة فرانس برس أن "جودار استعان بالمساعدة على الإنهاء الطوعي للحياة، وهو إجراء قانوني في سويسرا، نتيجة معاناته "أمراضاً عدة تسبب الإعاقة" بحسب ما جاء في تقرير طبي لحالته"، مؤكداً بالتالي المعلومات التي نشرتها صحيفة "ليبراسيون".
ويُستعان في سويسرا بأشكال مختلفة من الإجراءات المساعِدة على إنهاء الحياة، من بينها القتل الرحيم والمساعدة على الانتحار التي تشكل أشهر الممارسات المستخدمة ويُسمح بها في حالات معينة مع أنّها لا تخضع لأي قانون واضح.
ومن حيث المبدأ، يُعاقب بالسجن لخمس سنوات أو أكثر أو يُغرّم مالياً أي شخص يساعد "بدافع أناني" فرداً آخر على الانتحار من خلال توفير مادة قاتلة له مثلاً. ورغم ذلك، توفر منظمات من بينها "إكزيت" المساعدة على الانتحار ضمن ما يسمح به القانون وطالما لم يُنسب لها إقدامها على هذا الإجراء لدوافع أنانية.
وجان لوك جودار هو عراب الموجة السينمائية الجديدة في فرنسا، والذي أدى اقتحامه لموضوعات محظورة واستخدامه لقوالب روائية جديدة إلى ثورة في مؤسسة صناعة الأفلام وظل يلهم مخرجين متمردين حتى بعد عقود من ذروة نشاطه في الستينيات.
وبزغ نجم جودار بإخراجه بعضا من أشهر الأفلام التي زادت قيمتها مع مرور الزمن وباتت ضمن الأعمال الكلاسيكية في تاريخ السينما، مثل فيلمي (بريثليس) "منقطع الأنفاس" و(كونتمت) "ازدراء".
وخرجت أفلامه عن التقاليد الراسخة للسينما الفرنسية وساعدت في إطلاق طريقة جديدة في الإخراج تعتمد على التصوير بالكاميرا المحمولة والانتقالات الفجائية في المشاهد والحوارات الوجودية.
ولا ينسب الفضل إلى جودار وحده في إطلاق الموجة السينمائية الجديدة في فرنسا حيث شاركه في تأسيس تلك المدرسة ما لا يقل عن 12 من أقرانه، من بينهم فرانسوا تروفو وإريك رومر، ومعظمهم أصدقاء من حركة (الضفة اليسرى لباريس) وهي حركة بوهيمية نشأت في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
ومع ذلك، فقد أصبح الرمز الأشهر لهذه الحركة السينمائية التي امتدت إلى اليابان وهوليوود، وحتى في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية وكذلك في البرازيل. وكان جودار واحدا من أغزر أقرانه إنتاجا، إذ أخرج عشرات الأفلام القصيرة والطويلة على مدار أكثر من نصف قرن منذ أواخر الخمسينيات.
وجاءت معظم أفلامه الأكثر تأثيرا ونجاحا من الناحية التجارية في الستينيات، ومن بينها (فيفر سا في) "حياتي التي سأعيشها" و(تو أور ثري ثينجس آي نو أبوت هير) "شيئان أو ثلاثة أعرفها بشأنها" و(ويك اند) "عطلة نهاية الأسبوع".
وفي عام 2010، حصل جان لوك جودار على جائزة أوسكار فخرية عن مجمل مسيرته السينمائية، رغم كونه منتقدا شرسا لهوليوود وشخصية مثيرة للجدل، لكن جودار أعلن أنه لن يذهب شخصيا لتسلم الجائزة.
ولم يشكل القرار مفاجأة من قبل السينمائي الذي يتجنب الظهور في مناسبات عامة وسبق أن امتنع عن حضور مهرجان كان عام 2010 رغم عرض فيلمه الأخير "فيلم سوسياليسم".
غير أن البعض قد يكون فسر القرار على أنه تحد جديد لهوليوود التي غالبا ما انتقدها جودار، معربا في الوقت ذاته عن إعجابه بعصرها الذهبي.
واشتهر جان لوك جودار بمناهضته العلنية للصهيونية ودفاعه عن القضية الفلسطينية، بحيث ضم في فيلمه الوثائقي "هنا وهناك" (1976) صورا لهتلر إلى جانب صور لرئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA=
جزيرة ام اند امز