الاقتصاد العالمي في 2024.. صورة وردية تحمل الكثير من الألغاز
قدم الاقتصاد العالمي أداء قويا في عام 2024 لدى بعض الدول، رغم الأزمات الاقتصادية التى تجتاح العديد من البلدان، وأسعار الفائدة القياسية، والحروب في أوروبا والشرق الأوسط.
ووفقا لتقرير لمجلة الإيكونوميست، قال صندوق النقد الدولي، إن الناتج المحلي الإجمالي العالمي ارتفع بنسبة 3.2% وتباطأ التضخم وظل نمو العمالة قويا. وارتفعت أسواق الأسهم بأكثر من 20% للعام الثاني على التوالي.
5 مؤشرات
مع ذلك، تخفي الصورة العالمية الوردية اختلافات واسعة بين البلدان. ولتقييم هذه الاختلافات، تم جمع البيانات حول 5 مؤشرات اقتصادية ومالية هي الناتج المحلي الإجمالي، وأداء سوق الأوراق المالية، والتضخم الأساسي، والبطالة، والعجز الحكومي لـ37 دولة أغلبها غنية.
يستمر نمو دول البحر الأبيض المتوسط للعام الثالث على التوالي، وتصدرت إسبانيا قائمة هذا العام فيما تواصل كل من اليونان وإيطاليا، اللتين كانتا ذات يوم رمزا لمحنة منطقة اليورو، تعافيهما القوي، وأكملت كل من إيرلندا، التي اجتذبت الكثير من شركات التكنولوجيا، والدنمارك، موطن شركة نوفو نورديسك الشهيرة بأوزمبيك، المراكز الخمسة الأولى.
- أعلى 10 دول في معدل المواليد.. حضور كثيف للقوى الاقتصادية العظمى
- الإمارات تتفق على بنود «الشراكة الاقتصادية الشاملة» مع الاتحاد الأوراسي
المؤشر الأول
ينظر للمؤشر الأول وهو نمو الناتج المحلي الإجمالي، على نطاق واسع على أنه المقياس الأكثر موثوقية لصحة الاقتصاد بشكل عام.
وقد تم دعم الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا العام من خلال الاقتصاد الأمريكي المرن ومستهلكيه.
وفي إسبانيا، يسير نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي على المسار الصحيح لتجاوز 3%، مدفوعًا بسوق العمل القوية ومستويات عالية من الهجرة، ما يدفع الناتج الاقتصادي.
في المقابل، أعاقت أسعار الطاقة المرتفعة وصناعات التصنيع البطيئة نمو ألمانيا وإيطاليا. ومن المقرر أن تسجل اليابان نموا ضئيلا بنسبة 0.2%، مثقلة بضعف السياحة وصناعة السيارات المتعثرة، بينما انزلقت المجر ولاتفيا إلى الركود.
المؤشر الثاني
عائدات سوق الأسهم هي المؤشر الثاني، وحققت الأسهم الأمريكية عائدات مذهلة معدلة حسب التضخم بلغت 24%، مع ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا، التي كانت مرتفعة بالفعل.
كما سجلت سوق كندا، المرتبطة ارتباطا وثيقا بجارتها الجنوبية، مكاسب مدعومة بأداء قوي في صناعات الطاقة والخدمات المصرفية. وسجل مؤشر نيكي الياباني أعلى مستوى له على الإطلاق، حتى لو كان أداؤه السنوي الإجمالي متوسطا.
المؤشر الثالث
التضخم الأساسي هو المؤشر الثالث، والذي يستبعد السلع ذات الأسعار المتقلبة مثل الطاقة والغذاء لإظهار ضغوط الأسعار الأساسية. ورغم انخفاض التضخم العالمي بشكل كبير، تظل أسعار الخدمات مرتفعة في العديد من البلدان.
وفي بريطانيا، يستمر نمو الأجور في دفع تكاليف الخدمات إلى الارتفاع، فيما تواجه ألمانيا ضغوطا مماثلة. على النقيض من ذلك، تمكنت فرنسا وسويسرا من إبقاء ضغوط الأسعار تحت السيطرة، مع انخفاض معدلات التضخم الأساسي إلى أقل من 2%.
المؤشر الرابع
حلت البطالة رابعا، وتظل أسواق العمل قوية، حيث تقترب معدلات البطالة من أدنى مستوياتها القياسية. وشهد جنوب أوروبا، الذي لا يزال يعاني من ارتفاع معدلات البطالة، تحسنا ملحوظا إذ تراجعت معدلات البطالة في اليونان وإيطاليا وإسبانيا إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمان.
وحظيت إيطاليا بأكبر قدر من التقدم، حيث انخفض معدل البطالة بنحو 1.4 نقطة مئوية منذ بداية العام. وفي أمريكا وكندا، ارتفعت البطالة بشكل طفيف، وهو اتجاه يرجع إلى حد كبير إلى حقيقة مفادها أن الناس يعودون إلى قوة العمل.
المؤشر الخامس
تعتبر الأرصدة المالية هي المقياس الأخير، باستثناء مدفوعات الفائدة، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وبعد سنوات من الإنفاق الضخم، أصبحت ادارة الديون أمراً ضرورياً في العديد من البلدان لضمان بقاء أعباء الديون قابلة للإدارة.
وتبرز الدنمارك والبرتغال في تحقيق فوائض ميزانية نادرة من خلال الانضباط المالي وكما تفتخر النرويج وإيرلندا بالفوائض، وإن كان لأسباب أخرى النرويج بفضل عائدات النفط وإيرلندا بفضل مكاسب ضريبة الشركات، التي عززتها مدفوعات ضريبة بمليارات الدولارات من شركة أبل.
مع ذلك، تواصل معظم الحكومات الإنفاق ويتدهور مسار الديون في بريطانيا؛ فقد فشلت ميزانيتها الأخيرة في إصلاح المالية العامة. كما أن فرنسا غارقة في الاضطرابات السياسية وغير قادرة على كبح جماح الإنفاق.
ومع اقتراب عام 2025، يواجه الاقتصاد العالمي تحديات جديدة، إذ يعيش ما يقرب من نصف سكان العالم في بلدان مرت بانتخابات هذا العام، وأفرزت العديد منها زعماء يمكن وصفهم بأنهم "غير متوقعين"، فيما تظل التجارة مهددة، والديون الحكومية تتضخم، وأسواق الأسهم ليس لديها احتمالات مرتفعة للتراجع.