ناجية من كارثة عبارة الموصل تروي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل الحادث
"سُرى يعرب" تؤكد أن إدارة الجزيرة السياحية كانت تعلم أن بوابات سد الموصل مفتوحة والمياه تجري بقوة لكنها أصرت على استمرار حركة العبارات.
لم تكن الفتاة العراقية، سُرى يعرب محمد، ذات الـ١٩ عاما، تعلم أن يوم ٢١ مارس/آذار الجاري هو الأخير لها مع والديها وشقيقها الصغير، وأن نزهتهم في نهر دجلة ستنقلب إلى حزن مع انقلاب العبارة التي تقلهم من أيسر الموصل إلى أيمنه، فهي وابنة شقيقتها كانتا الناجيتين الوحيدتين من بين أفراد عائلتها التي غرقت في النهر.
تجلس سرى، وهي واحدة من بين ١٠ ناجين فقط من الحادثة، في مجلس عزاء والدتها بمنزل جدها في حي سومر بالجانب الأيسر من الموصل والحزن يطغى على ملامحها، وتروي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل حادثة غرق العبارة في نهر دجلة، قائلة: "بعد شراء التذاكر في منطقة الجزيرة السياحية صعدت مع عائلتي المكونة من أبي وأمي وأخي الصغير، الذين فقدتهم، وابنة شقيقتي إلى العبارة، وكان عدد الركاب هائلا جدا أي نحو ٣٠٠ شخص في حين أننا كنا في الماضي عندما نصعد العبارة كانت الأعداد لا تتجاوز الـ٥٠ شخصا لكن هذه المرة كانت مكتظة جدا بحيث كنا نقف بصعوبة من شدة الازدحام".
وتابعت سُرى: "بعد تحرك العبارة تعرضنا لموجة مياه لكنها كانت خفيفة وأعقبتها موجة أقوى منها فابتللنا بالمياه لكن الموجة الثالثة كانت الأشد وأغرقت العبارة بالكامل، فوجدنا أنفسنا تحت الماء، وحاولت السباحة مع العلم أني لا أجيدها ولا أعلم كيف تمكنت من العوم، وفجأت رأيت زورقا يعوم فوقي فتشبثت بحبل كان ينسدل منه وكانت هناك فتاة أخرى تمسك بقميصي من خلف وتحاول النجاة هي الأخرى وكادت أن تخنقني، وكانت هناك جثة رجل بجانبي، وكنت أصيح وكدت أن أغرق إلا أن صاحب الزورق شاهدني فجأة، وانتشلني مع فتاتين وشاب ثلاثيني وطفلين اثنين وأوصلنا الزورق إلى دورية الشرطة النهرية".
وأضافت سُرى أن ابنة شقيقتها تمكنت هي الأخرى من النجاة وهي ترقد حاليا في المستشفى وتعاني من صدمة شديدة، وبعد وقت قصير من إنقاذها ووصولها إلى بيت جدها اتصلت الشرطة النهرية بهم وأبلغتهم أنها وجدت جثة والدة سُرى في النهر، لكن والدها وشقيقها ما زالا مفقودين حتى هذه اللحظة.
وتحمّل سرى صاحب وإدارة الجزيرة السياحية مسؤولية الحادثة لأن إدارة الجزيرة كانت تعلم أن بوابات سد الموصل كانت مفتوحة والمياه تجري بقوة لكنها أصرت على استمرار حركة العبارات، بحسب قولها، وأوضحت: "نطالب نحن أهالي الضحايا بإعدام صاحب الجزيرة السياحية ومحاكمة كافة المتورطين في هذه الجريمة وإقالة محافظ نينوى كي لا تذهب دماء الناس هدرا".
وأكد الطبيب بلاسم الطائي، أحد الأطباء في المديرية العامة لصحة نينوى، لـ"العين الإخبارية"، نجاة ١٠ أشخاص من ركاب العبارة فقط بينما غرق الآخرون الذين تقدر أعدادهم بنحو ٢٩٠ شخصا"، لافتا إلى أن سرعة المياه أوصلت العشرات من الجثث إلى سامراء وبغداد، وأن الفرق الخاصة تواصل عمليات انتشال الجثث من النهر.
وفي سياق متابعتها لحادثة غرق العبارة في الموصل، اتصلت "العين الإخبارية" بإدارة سد الموصل للحصول على تفاصيل وتمكنت بعد محاولات عدة من الحصول على معلومات من أحد مسؤولي السد الذي أكد، مفضلا عدم الكشف عن اسمه أن "إدارة سد الموصل اتصلت بإدارة الجزيرة السياحية وأبلغتها أن بوابات السد مفتوحة ومن الخطر تسيير العبارات فيها لأن المياه سريعة وقوية لكنها لم تبد اهتماما بالتحذيرات وواصلت تسيير العبارات ووقعت الكارثة".