"أدوات مشبوهة".. تحريض حوثي ضد منظمات الإغاثة وشرعنة قتل ممثليها
لا تكترث مليشيا الحوثي بمصير اليمنيين، ولا تلقي بالاً لمعاناتهم جراء الحرب التي أشعلتها منذ 6 سنوات، ويتجلى ذلك في نهبها للمساعدات وابتزاز وكالات الإغاثة الدولية والأممية.
ولم يقتصر الأمر على النهب والابتزاز، بل وصل إلى التحريض المباشر على المنظمات الإنسانية الدولية بالعمل ضد مصالح الشعب اليمني وأنها مجرد أدوات عسكرية مشبوهة، وفق وصف الانقلابيين وأبواقهم الدينية والإعلامية.
المليشيا الحوثية تدرك أن مثل هذه الخطوة تعد ابتزازا، وستفضي في نهاية المطاف إلى حرمان اليمنيين، بل تتعدى إلى شرعنة استهداف العاملين في المنظمات ويضع مخاطر قد تصل إلى تصفيتهم من قبل عناصرهم المتطرفة والتي لم تتورع بالتنكيل باليمنيين.
فبعد أن تكشفت وافتضحت أساليب ووسائل نهبهم للمساعدات الإغاثية، عمد الانقلابيون إلى كيل التهم للمنظمات والوكالات الدولية، بممارسة الأعمال الإنسانية كغطاء لأغراض عسكرية داخل اليمن، حسب وصفهم.
كان ذلك على لسان ما يسمى "مفتي الديار الحوثية" المدعو شمس الدين شرف الدين، الذي قال: "إن بعض المنظمات -العاملة في مناطق سيطرة المليشيا الإرهابية- تسمي نفسها إنسانية، لكن في الحقيقة هي "أدوات استخباراتية".
هذا الوصف الذي أعلنه مفتي المليشيا من على منبر خطبة الجمعة، أرجعه إلى أسباب عسكرية وسياسية، غير أن الحوثيين اعتادوا على الزج بكل ما هو إنساني في السياسة، وفقاً لمراقبين.
وأثار هذا "التحريض" الممنهج والمغلف بغطاء ديني، الذي اعتمدته المليشيا رسميا، كونه جاء على لسان المفتي الذي عينه زعيم مليشيا الحوثي ويعبر عنها وعن سياستها الحقيقية، سخطا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي التي انتقدت هذا التوجه المليشاوي.
وتدعي المليشيا الانقلابية المدعومة إيرانيا أن المنظمات الإنسانية تحرص على البقاء في البلاد لتقدم معلومات عسكرية وإحصائيات لخصوم المليشيا أكثر مما تقدم معونات ومساعدات، حسب زعم المفتي الحوثي.
ذعر التصنيف بالإرهاب
ويأتي التحريض الصادر من الداعية المتطرف للحوثيين ردة فعل لعدم مقدرة المنظمات الأممية والدولية على ثني الإدارة الأمريكية للتراجع في قرار تصنيف المليشيا الانقلابية كجماعة إرهابية، وإدراج زعيمها وأذرعها العسكرية والأمنية تحت مقصلة الملاحقة ولوائح الإرهاب.
وكذلك ضمن تحريض ممنهج وضغط كبير وصل لحد مقاطعة المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن جريفيث ومنعه من زيارة صنعاء، وفقا لمصادر حكومية، بالإضافة إلى استغلال كيان أنشأته لاستثمار الأزمة الإنسانية في مناطق سيطرتها لتوجيه تهديدات ضمنية للمنظمات.
واستبقت مليشيا الحوثي التحريض وقرار تصنيفها كجماعة إرهابية بتعميم "فرمان" في 10 يناير/كانون الثاني الجاري يحذر المنظمات الدولية والأممية من ممارسة أي أعمال مسح ميدانية أو دراسة أو رصد، وغيره من أعمال في الميدان إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة.
وشككت المليشيا الحوثية، وفقا لوثيقة صادرة عمّا يسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي" حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، بأعمال المنظمات بادعاء أن تعميمها يأتي"تجنبا لأي أعمال قد تنخرط في أعمال مشبوهة مخالفة والتي قد يترتب عليها إغلاق المنظمة وطردها خارج البلاد".
ولم يقتصر الأمر عند التشكيك بالشبهة، إشارة إلى أنها غطاء لأغراض عسكرية، وتحريض الأتباع المتطرفين ضمنيا لقمع العاملين في المجال الإنساني، إذ نصت الوثيقة على تشديدات حوثية أخرى وصلت إلى تحذير المنظمات الدولية من عقد أي اجتماعات عبر تقنية "الكونفرانس" مع الموظفين في اليمن دون إذن مسبق وتقديم الأدبيات لذلك.
ويذهب ناشطون يمنيون إلى أن تحريض مليشيا الحوثي عبر كياناتها وقياداتها المتطرفة يعد بمثابة إشارة إنذار ضمنية، مفادها تكثيف درجة مستوى الابتزاز للمنظمات الدولية والأممية بالأزمة الإنسانية التي تفتعلها عمدا في مناطق سيطرتها، وذلك في مسعى لتوجيهها نحو الضغط لإلغاء التصنيف على لوائح الإرهاب.
ووفق خبراء لـ"العين الإخبارية"، فإن مليشيا الحوثي باتت تعد مخططات من بينها الرهان على الأزمة الإنسانية والسكان الذين تضعهم بمثابة رهائن لابتزاز المنظمات الدولية والأممية لتعمل في مساندة شبكة أذرعها الناعمة المدعومة إيرانيا، لتحث الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن لإلغاء القرار، والذي يهدد شبكة تمويلاتها الواسعة داخليا وخارجيا.
استغلال سياسي
ويقول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي إن التحريض الحوثي يمثل حلقة في سلسلة التعامل الحوثي مع كل ما يمنع مساعدة الشعب اليمني، أو يرفع عنهم تداعيات وآلام حرب المليشيات، على المستوى المعيشي والخدمي.
الناشط اليمني نيازي اليوسفي قال "إن المليشيا ما زالت تبحث عن أي مبررات لمضاعفة معاناة اليمنيين، تارة عبر نافذة الدين، وتارات أخرى عن طريق القوة والعنف والتنكيل".
وأشار اليوسفي، في سلسلة تدوينات عبر "تويتر" اطلعت عليها "العين الإخبارية"، إلى إدراك المليشيا سطوة الفتوى، واستغلال إيمان الشعب اليمني وقوة عقيدته للتأثير عليه وإقناعه بشعارات دينية، أو تمرير توجهات سياسية عبر وسائل كالمنابر والمساجد وغيرها".
وهذا ما انتهجته المليشيا بالفعل، في آخر مناسبة، حين هاجمت وكالات الإغاثة الأممية والدولية، ووصفتها بالاستخباراتية على لسان مفتي المليشيا.
فيما تعتقد المحامية اليمنية تهاني الصراري أن استغلال الدين والأزمة الإنسانية، والعبث بفكر العامة، هو ديدن المليشيا، وأداتهم الرئيسية للتأثير على الشعب اليمني.
وذكرت المحامية اليمنية في "فيسبوك" أن هذه الممارسات لمليشيا الحوثي تأتي في إطار خنق المواطن اليمني، حيث إنه المتضرر الأول من ابتزاز أنشطة الوكالات الإغاثية.
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز