خطة سرية سويدية لمقاومة اجتياح سوفياتي.. الغموض يحيط بمصير «مترو»

تخيل رتلاً مدرعًا سوفياتيًا يتقدم عبر لابلاند، محيطًا بميناء لوليا على بحر البلطيق، بينما تنفذ قوات برمائية هجمات خاطفة على أقصى جنوب سكانيا وأرخبيل ستوكهولم وجزيرة غوتلاند. وخلال أيام معدودات تصل قوات الجيش الأحمر إلى مشارف ستوكهولم.
ذلك السيناريو، الذي بدا واقعيًا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، دفع ستوكهولم إلى إعداد خطة طوارئ سرّية لحماية رموز الدولة وتنظيم مقاومة مسلّحة ومدنية في حال احتلال البلاد. تفصيل هذا البرنامج، المعروف رمزياً باسم "مترو"، هو ما يكشفه بحث جديد أجراه الباحث يوهان وينستروم، بحسب صحيفة "التايمز".
شبكة البقاء خلف الخطوط
في 1949 كلّف رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي تاغي إرلاندر مجموعة من القيادات لوضع خطة "لحركة مقاومة يجري تفعيلها إذا احتلت قوة أجنبية أي جزء من البلاد".
وتحت ستار من التكتم ودعم استخباراتي بريطاني وأمريكي، صُممت الشبكة لتؤمّن خطوط إجلاء للعائلة الملكية وكبار المسؤولين، وتضع خططًا للتخريب وحروب عصابات تُجهز لشلّ قدرة القوة المحتلة.
وبحسب التقرير، لم تكن شَبكات "البقاء خلف الخطوط" فكرة فريدة؛ فقد أُنشئت أنظمة مماثلة في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا الغربية. لكن خصوصية النسخة السويدية - وغموضها الذي امتد عقودًا - أطلق موجات من التكهنات ونظريات المؤامرة، حتى وصلت إلى اتهامات غير مؤكدة بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء أولوف بالم عام 1986.
قيادة سرية وبديلة للحكم
تم اختيار أربعة مسؤولين رفيعي المستوى لقيادة المشروع، ثم انضم لاحقًا وزير الداخلية وزعيم اتحاد عمال المعادن ليشكلوا ما عُرف بـ«السداسي» - مجلس طوارئ مدني كان مهيأً للعمل كحكومة بديلة تدير المقاومة إذا تعطلت مؤسسات الدولة.
العمل الميداني قاده ثيدي بالم، رئيس جهاز الاستخبارات السويدي آنذاك. ولا يزال عدد المشاركين غير دقيق لكن وينستروم يقدّره ببضع مئات؛ تواصلوا بأسماء رمزية واعتمدوا وسائل سرية من بينها رسائل تُودَع في صناديق بريد محددة، بينما لم يُطلع الكثيرون على هوية بقية الأعضاء للحفاظ على السرية ومنع الانحراف.
دعم خارجي ومقر لحكومة منفي
تلقى "مترو" دعماً من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والاستخبارات البريطانية. وأُعدت مسارات هروب عبر النرويج لهروب العائلة المالكة وكبار المسؤولين إلى مقر في جنوب إنجلترا — لم يُكشف عنه بدقة — حيث كان من المقرر أن يقود ألفار ليندنكروونا المقاومة المدنية من الخارج.
بعد وفاة ستالين خفتت احتمالات الغزو، وفي خطوة مفاجئة أقرّت الحكومة وجود الحركة عبر مرسوم سري وقع عليه الملك غوستاف السادس أدولف - وثيقة ظلّت مجهولة لمعظم الوزراء لعقود، بحسب وينستروم.
نهاية رسمية أم بقاء خفي؟
وظلت مصادر تمويل الشبكة غامضة؛ ويشير وينستروم إلى أن الدعم الحكومي توقف رسميًا عام 1992، رغم أن التنظيم استمر بطرق غير معلنة حتى منتصف التسعينيات. وتوقّف تحقيق وينستروم عند 1994 حفاظًا على الأمن القومي، لذا تظل أسئلة مصير "مترو" اليوم بلا إجابات قاطعة.
مع ذلك، يرى وينستروم أن على السويد إعادة النظر في مثل هذه الآليات أو على الأقل الإعراب عن وجودها كأداة ردع، قائلا "إعلان وجود شبكة مقاومة منظّمة قد يتحوّل إلى كابوس للقوة المحتلة؛ فحتى القوى العظمى تصبح هشة أمام مقاومات ملتزمة".