«مناورة سياسية».. وثيقة إخوان سوريا لـ«العيش المشترك» بعيون خبراء
قال خبراء سياسيون، إن إطلاق تنظيم الإخوان في سوريا لما يسمى وثيقة "العيش المشترك"، هو محاولة لـ"البحث عن موطئ قدم في المشهد السوري الجديد، وتلميع صورة التنظيم الذي فقد حضوره وتأثيره"
يأتي ذلك في ظل ما يعانيه التنظيم من عزلة شعبية وسياسية، مع تعالي أصوات تدعو إلى حل التنظيم في سوريا.
وأكد خبراء سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن وثيقة الإخوان أقرب إلى "مناورة سياسية" هدفها إبقاء الإخوان في دائرة النقاش، أكثر من كونها مشروعًا واقعيًا قابلًا للتنفيذ في الداخل السوري.
وطالبت وثيقة "العيش المشترك" التي أطلقها تنظيم الإخوان عبر موقعه الإلكتروني، أمس بدولة "ديمقراطيّة وتعدديّة سياسيّة وتداول سلميّ للسلطة".
وقالت: "ما تحتاجه سوريا اليوم لضمان مصالحها المشتركة هو عيش مشترك، بحيث لا يَحجرُ أحدٌ على أحد، ولا يستقوي مكون سوري بدولة خارجية على دولته للحفاظ على مصالحه".
وفي تعقيبه على دلالات إطلاق الإخوان للوثيقة، قال المحلل السياسي السوري، محمد هويدي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن ما أطلقه الإخوان في سوريا، مجرد "محاولة رمزية لتلميع صورة التنظيم الذي فقد حضوره وتأثيره في الداخل السوري منذ عقود".
وأشار إلى أن "الوثيقة في سياقها الزمني والسياسي، لا تبدو تعبيراً عن مراجعة فكرية أو تحوّل عميق في البنية التنظيمية للجماعة، بقدر ما تمثل محاولة للتكيّف الخطابي في مرحلة الانكشاف السياسي للإسلام الحركي، أكثر من كونها مشروعا إصلاحيا حقيقيا".
وأضاف: "لم تكن (وثيقة العيش المشترك) هي الأولى من نوعها؛ فقد سبقتها وثيقة (العهد والميثاق) عام 2012، وميثاق (العهد الوطني) عام 2004، وكلاهما تضمّن مفردات شبيهة حول الدولة المدنية والحرية السياسية، لكن الجماعة لم تُترجم تلك المفردات إلى أي تغيير تنظيمي أو فقهي فعلي، إذ بقيت مرجعيتها الفكرية محافظة على المنطق الإخواني التقليدي القائم على التمكين الدعوي ثم السياسي".
وبذلك، والحديث لـ"هويدي"، فإن التحول الذي تقدمه الجماعة هو تحول لغوي وليس معرفي؛ أي انتقال من خطاب الصدام إلى خطاب التجميل دون مراجعة فكرية جذرية.
كما أكد المحلل السياسي السوري، أن "الوثيقة تأتي في سياق تراجع حاد في مكانة الإسلام السياسي في المنطقة، فبعد سقوط حكم الإخوان في مصر عام 2013، وانكفاء التجارب الإسلامية في تونس والسودان، مع إعادة تموضع تركيا في علاقاتها الإقليمية، فقدت جماعة الإخوان في سوريا الدعم السياسي والمالي والإعلامي الذي كان يشكّل غطاءها الخارجي".
وفي حديثه عن توقيت إطلاق الوثيقة، أكد الباحث والمحلل السياسي اللبناني، طارق أبوزينب، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أنها تأتي في توقيت تحاول فيه الجماعة إعادة إنتاج نفسها سياسيًا بعد عقود من الإقصاء والعزلة.
والوثيقة في مضمونها – يضيف أبوزينب- تسعى لتقديم صورة معتدلة تقوم على مفاهيم الديمقراطية والتعددية، لكنها في جوهرها محاولة لاستعادة الشرعية والبحث عن موطئ قدم في المشهد السوري الجديد، لا سيما بعد تراجع نفوذها الشعبي وتراجع تأثيرها الميداني داخل سوريا.
وعمليًا، لا يملك الإخوان اليوم أي حضور حقيقي على الأرض السورية؛ وفقا للمحلل السياسي اللبناني، الذي يضيف: "اقتصر وجودها على نشاط سياسي وإعلامي خارجي، وقوتها الرمزية باتت محدودة جدًا، والجمهور السوري بات أكثر حذرًا من الخطاب الأيديولوجي بعد ما عاناه من صراعات".
وذهب أبوزينب، إلى أن الوثيقة أقرب إلى "مناورة سياسية هدفها إبقاء الإخوان في دائرة النقاش، أكثر من كونها مشروعًا واقعيًا قابلًا للتنفيذ في الداخل السوري".
واتفق وائل الأمين، المحلل السياسي السوري، مع قراءة سابقيه لدلالات وثيقة "العيش المشترك" للإخوان في سوريا، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الوثيقة التي أصدرتها الجماعة في 15 بندا، تعتبر تحولا استراتيجيا في تفكيرها، من أجل البحث عن دور ينتشلها من واقع العزلة الذي تعيشه، مع وجود أصوات في الداخل طالبت بحلها".
وبين الأمين في هذا الصدد، أن وثيقة العيش المشترك في هذا التوقيت الحساس من عمر الدولة السورية الجديدة، هو محاولة لتحسين صورة التنظيم وسمعته.
وأضح المحلل السياسي السوري، أن تنظيم الإخوان لا يمتلك أي قوة على الأرض، لا شعبيا ولا عسكريا، ويسعى لاستعادة الدور بصيغ جديدة تقوم على التعددية والعيش المشترك وغيرها من المفاهيم، مشددا على أن "فكر التنظيم لم يعد مقبولا في المجتمع، لاسيما مع وجود توجه دولي وإقليمي لمحاربة التطرف".
وتابع: "تعمل الجماعة على محاولة تغيير صورة التوجه الأيديولوجي المتطرف الذي كان يعتمد على تشويه وإقصاء الجميع، حيث إن الشعب السوري هو شعب يرفض للتطرف بكل أشكاله".
وتصاعدت مطالب في الداخل السوري بحل تنظيم الإخوان.
وفي وقت سابق، دعا أحمد موفق زيدان مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، تنظيم الإخوان إلى حل نفسه، أسوة بالفصائل العسكرية والسياسية الأخرى، مشيرًا إلى أن "حل التنظيم اليوم، كما فعلت المكونات الأخرى سيخدم البلد، الذي هو رأسمالنا جميعا، ومقصدنا كلنا".