سوريا وخطة ترامب للسلام.. اتفاق قيد التحضير وعقبات على الطريق

تتجه الأنظار نحو سوريا كعنصر محوري في استراتيجية السلام الإقليمية التي تتبناها إدارة دونالد ترامب في الفترة الحالية.
إذ تشير تقارير إلى مفاوضات متقدمة بين إسرائيل وسوريا، قد تؤدي إلى توقيع اتفاق أمني تاريخي برعاية أمريكية.
هذا التحول الجيوسياسي الكبير قد «يُحدث زلزالاً» في المعادلة الإقليمية، ويؤسس لمرحلة جديدة من إعادة تشكيل الهندسة الأمنية في منطقة أنهكتها الحروب والأيديولوجيات، وفقا لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية.
هذا التحول لا يأتي من فراغ، بل جاء نتيجة لتحول جذري في الرؤية الأمريكية للملف السوري، حيث تتبنى إدارة ترامب، رؤية براغماتية تعتبر الاستقرار في سوريا المدخل الأساسي لأي تسوية إقليمية.
ووفق المصدر ذاته، فإن هذا المنعطف تجسد في الدعوة غير المسبوقة التي وجّهها ترامب للرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقاء الرياض في مايو/أيار الماضي، للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، وهي خطوة جريئة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الشرع كان حتى وقت قريب على قوائم الإرهاب الأمريكية.
اللافت في هذه المعادلة الجديدة هو بروز نموذج القيادة البراغماتية التي تقدم المصالح الوطنية على الاعتبارات الأيديولوجية. فالرئيس السوري الجديد، الذي قاد عملية الإطاحة بنظام بشار الأسد المدعوم إيرانياً، يبدو مصمماً على تغيير الصورة النمطية لسوريا.
وعبر سلسلة من الزيارات الدبلوماسية المكثفة للعواصم العربية والأوروبية، ومصافحة قادة كانوا حتى الأمس خصوماً، يسعى الشرع إلى كسب الشرعية الدولية وفتح أبواب إعادة الإعمار.
وأولوياته المعلنة - الوحدة الوطنية وإعادة البناء والاستقرار - تشكل جسراً للعبور نحو علاقات جديدة مع الجيران.
عقدة أساسية
غير أن طريق التطبيع ليس مفروشاً بالورود، حيث شكلت قضية الأقلية الدرزية اختباراً حقيقياً للنية الإسرائيلية والسورية على حد سواء؛ فمع تزايد الهجمات ضد الدروز في مناطق سوريا المختلفة، برزت إسرائيل كلاعب رئيسي في حماية هذه الأقلية، مستندة إلى "ميثاق الدم" التاريخي الذي يربطها بالطائفة الدرزية، على حد قول المصدر ذاته.
الرد الإسرائيلي لم يقتصر على الإدانة الدبلوماسية، بل امتد إلى تقديم مساعدات إنسانية عاجلة وتوجيه ضربات عسكرية لمناطق سورية «مما تسبب في إراقة الدماء».
الجولان والملفات الإقليمية
يمثل ملف هضبة الجولان عقدة أخرى أمام أي تفاهم محتمل؛ فإسرائيل تصر على أن سيادتها هناك «غير قابلة للتفاوض»، بينما قد تقبل دمشق بصيغة إدارة مشتركة مستندة إلى خطوط فض الاشتباك لعام 1974.
وتشير المجلة إلى أن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، تحت قيادة ترامب، تظهر تركيزاً واضحاً على البراغماتية السياسية بدل الانغماس في الصراعات الأيديولوجية.
فعبر رفع العقوبات عن سوريا وفتح قنوات اتصال مع قيادتها الجديدة، تسعى واشنطن لتحقيق اختراق دبلوماسي قد يمكنها من استبدال النفوذ الإيراني بتحالف عربي-إسرائيلي-أمريكي، بحسب المصدر ذاته.
هذا التحول الجذري في السياسة الأمريكية لا يهدف فقط إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، بل أيضاً إلى إعادة رسم خريطة التحالفات بما يخدم المصالح الأمريكية في مواجهة النفوذ الصيني والروسي المتصاعد.
وخلصت "ناشيونال إنترست"، إلى أن المشهد الإقليمي اليوم يشهد تحولات جيوسياسية عميقة، حيث تتراجع الأيديولوجيات لصالح المصالح العملية، وتبرز سوريا - بمفارقة تاريخية - كحلبة للصراع والتعاون الإقليمي في آن واحد.
ونجاح أو فشل هذه المعادلة المعقدة «سيكون محدداً أساسياً لشكل الشرق الأوسط في العقود القادمة، وقد يمثل بداية لنموذج جديد من الدبلوماسية الإقليمية القائمة على البراغماتية والمنفعة المتبادلة بدل الصراع الأيديولوجي»، بحسب المجلة الأمريكية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA== جزيرة ام اند امز