الغرب يتحسس طريقه في سوريا.. رحلات مكوكية وفتح سفارات
منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد تسارعت وتيرة زيارات الوفود الغربية إلى دمشق، في محاولة لاستطلاع طريق التواصل مع النظام الجديد.
فصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام التي يقودها أحمد حسين الشرع المعروف باسم "أبو محمد الجولاني" أعلنت في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، السيطرة على الحكم في دمشق بعد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
ومنذ ذلك الوقت، زارت دمشق عدة وفود غربية، والتقت بالجولاني، بحثا عن وسيلة للتعامل مع النظام الجديد، الذي أثار وصوله إلى الحكم في دمشق حذرا غربيا.
واليوم الثلاثاء أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن دبلوماسيين ألمان سيجرون محادثات مع السلطات الجديدة في سوريا الثلاثاء، ستركز على عملية انتقالية شاملة في سوريا وحماية الأقليات بالإضافة إلى احتمالات وجود دبلوماسي في دمشق.
وأضافت الخارجية الألمانية أنه "من المقرر أيضا عقد اجتماعات مع المجتمع المدني السوري وممثلين للطوائف المسيحية"، معتبرة أنه "يجب الحكم على جماعة هيئة تحرير الشام من خلال أفعالها"، مشددة على أنها تصرفت في حتى الآن "بحذر".
وأوضحت الوزارة أن أي تعاون مع هيئة تحرير الشام "يفترض حماية الأقليات العرقية والدينية واحترام حقوق المرأة".
وأدى الصراع السوري إلى لجوء نحو مليون سوري إلى ألمانيا. وأثار انتهاء الصراع نقاشا في ألمانيا عن إجراءات اللجوء، المعلقة حاليا بالنسبة للسوريين لحين تقييم الوضع في بلدهم.
وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية إن ألمانيا تتواصل بشكل وثيق مع شركائها، ومن بينهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول عربية، بشأن سوريا.
وفي روما، أعربت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني الثلاثاء عن استعدادها للتحاور مع السلطة الجديدة في دمشق، داعية إلى توخّي "أقصى درجات الحذر" إزاء هيئة تحرير الشام التي تتولّى الحكم منذ إطاحة بشار الأسد.
وقالت ميلوني في خطاب أمام البرلمان إن إيطاليا "مستعدة للتحاور مع القيادة السورية الجديدة" بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين، مشيرة إلى أن "الإشارات الأولى تبدو مشجّعة لكن لا بدّ من توخّي أقصى درجات الحذر".
ومن جهته، شدد المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن، بعد لقائه الجولاني، ورئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير على الحاجة إلى «انتقال سياسي شامل، وذي مصداقية بقيادة وملكية سوريا، ومبنيّ على المبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وأكد، في بيان، له أمس الإثنين، على "نية الأمم المتحدة في تقديم كل أشكال المساعدة للشعب السوري".
وعلى صعيد متصل، أعرب توم فليتشر مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة الثلاثاء عن شعور "مشجّع" بعد اجتماعات عقدها في دمشق مع السلطات الجديدة، مشيرا إلى وجود "أساس لزيادة الدعم الإنساني الحيوي".
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في وقت سابق بـ"التزام الحكومة الموقتة حماية المدنيين" والعاملين في المجال الإنساني.
وأضاف في بيان له "أرحّب بالاتفاق على منح الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية عبر كل المعابر الحدودية، واختصار البيروقراطية بشأن التصاريح والتأشيرات للعاملين في المجال الإنساني وضمان استمرارية الخدمات الحكومية الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم والاضطلاع في حوار حقيقي وعملي مع المجتمع الإنساني الأوسع".
وأرسل غوتيريش مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر إلى دمشق الإثنين لإجراء محادثات مع أبو محمد الجولاني ورئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير.
وقال فليتشر على إكس إن هناك "لحظة أمل حذر في سوريا".
وأضاف "لدي شعور مشجّع بعد اجتماعاتي في دمشق، بما في ذلك مناقشات بنّاءة مع زعيم الإدارة الجديدة أحمد الشرع.. لدينا أساس لزيادة طموحة للدعم الإنساني الحيوي".
وعلى صعيد متصل، قالت كايا كالاس ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية إن التكتل الأوروبي مستعد لإعادة فتح سفارته في دمشق.
أما المبعوث الفرنسي الخاص إلى سوريا جان فرنسوا غييوم فقد قال إن "فرنسا تستعدّ لتكون إلى جانب السوريين" بعيد وصوله إلى دمشق حيث رفع العلم الفرنسي للمرة الأولى في السفارة التي أغلقت في 2012.
وقال غييوم لصحفيين، من بينهم مراسلو وكالة فرانس برس في دمشق، إن "فرنسا تستعدّ لتكون إلى جانب السوريين على المدى الطويل".
وأشار إلى أنه جاء إلى دمشق "لإجراء أيضا اتصالات مع سلطات الأمر الواقع"، معربا عن أمله في أن تكون "الفترة الانتقالية سلمية".
ودخل عناصر من قوى الأمن الفرنسية إلى مبنى السفارة عبر المطبخ وخلعوا القفل على الباب الرئيسي من الداخل، بحسب ما أفاد مصور فيديو من وكالة فرانس برس، ثم تم رفع العلم الفرنسي على المبنى.
وردّا على سؤال حول تاريخ إعادة فتح أبواب السفارة، قال غييوم إنه يتعذر عليه تقديم إجابة في هذا الصدد "طالما لم تستوفَ المعايير الأمنية".
وكانت سفارة فرنسا في سوريا قد أغلقت أبوابها في 6 آذار/مارس 2012 بقرار من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
أما بريطانيا، فقد أعلن وزير خارجيتها ديفيد لامي أمس الإثنين إن مسؤولين بريطانيين سيجتمعون مع السلطات السورية الانتقالية لإجراء محادثات في دمشق هذا الأسبوع.
وأضاف لامي في مؤتمر صحفي "بوسعي أن أؤكد اليوم أننا أرسلنا وفدا من مسؤولين بريطانيين كبار إلى دمشق هذا الأسبوع لعقد اجتماعات مع السلطات السورية الجديدة المؤقتة وأفراد جماعات المجتمع المدني في سوريا".