أسوأ تدهور للأمن الغذائي في تاريخ سوريا.. ندرة محاصيل ومساعدات
تتجه سوريا نحو وضع غذائي هو الأسوأ في تاريخها في ظل تفاقم أزمة محصول القمح، وإغلاق المعابر الحدودية وهو ما يؤثر على دخول المساعدات.
باتت حملة عام القمح، التي أطلقتها الحكومة السورية مطلع موسم الزراعة معرضة للخطر بسبب الجفاف الشديد الذي تتعرض له البلاد.
التقديرات التي كانت تطمح إلى ما يتجاوز إنتاج مليون طن من القمح، لن تتجاوز في الواقع 400 ألف طن، وهو ما يعتبر أسوأ مواسم القمح في البلاد، حسب أكثر التقديرات تفاؤلا.
وتسبب انخفاض معدل هطول الأمطار، في فجوة في الواردات قد تبلغ 1.5 مليون طن على الأقل، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء رويترز.
وستزيد المشكلات الزراعية ونقص التمويل للواردات الضغوط على الاقتصاد السوري، الذي يرزح بالفعل تحت وطأة صراع مستمر منذ 10 سنوات، وعقوبات أمريكية، وانهيار مالي في لبنان المجاور، وتبعات جائحة كوفيد-19.
الجفاف
ووفقا لوسائل إعلام محلية فإن وزير الزراعة، محمد حسان قطنا، أعلن من قبل أن الجفاف هذا العام كان شديدا، ولم يمر على سوريا مثله، وأضاف أن معظم المساحات المزروعة خرجت من الاستثمار.
وقال الوزير في تصريح لإذاعة "شام إف إم" المحلية، منتصف شهر مايو/أيار الماضي"لم يمر على سوريا جفاف كهذه السنة، ففي سنوات سابقة كان يمر الجفاف على محافظة أو اثنتين، بينما في العام الحالي طال الجفاف كل المحافظات".
وقال إن المحصول لا يكفي الاحتياجات، أرجع أسباب نقص محاصيل القمح والشعير إلى الجفاف، إذ انخفض معدل هطول الأمطار بين 50% و70% حسب المحافظات، ففي الحسكة كان أقل من 50%، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة بنحو 6-7 درجات، ما يزيد من معدل التبخر.
400 ألف طن
وقال رئيس اتحاد الفلاحين أحمد صالح، في تصريحات لصحيفة البعث إن كميات القمح المستلمة كانت تقدر بنحو 237 ألف طن، متوقعا أن يتراوح إجمالى المحصول الموسم الحالي بين 350-400 ألف طن، وهو ما يعادل أقل من ربع حاجة البلاد.
المساحات المزروعة
وبلغت المساحات المزروعة قمحا في سوريا نحو 1.5 مليون هكتار، نصفها مروي، والآخر يعتمد على الأمطار، وتزيد هذه المساحات عن العام السابق بنحو 120 ألف هكتار، ومعظم المساحات الزائدة كانت في الزراعة البعلية، وفقا مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أحمد حيدر.
ويقول حيدر إن أكثر من 90% من المساحات المزروعة بعلا فُقدت، ورغم أن تقديرات إنتاجها كانت جيدة، وتجاوب المزارعين كان كبيرا، إلا أن الإنتاج فيها كان بالحدود الدنيا نتيجة التغيرات المناخية والجفاف، وتوقف الأمطار تماما وانقطاعها منذ منتصف مارس، وخاصة في مناطق زراعة القمح، إضافة إلى سوء توزع الأمطار بالنسبة للزراعة المروية خلال موسم النمو.
الاعتماد الأساسي على الزراعة المروية، لكن تلك الزراعة تأثرت نتيجة قيام تركيا بخفض تدفق المياه إلى نهر الفرات، وخروج بعض المساحات المروية في دير الزور خاصة، وكذلك في الرقة.
الأمن الغذائي والمعابر
وفي ظل معاناة سوريا من أزمة القمح، فهي أيضا تعاني تهديدا للأمن الغذائي خاصة بعد خروج مساحات، كبيرة كانت المصدر الرئيسي للقمح، عن السيطرة الحكومية.
وأعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن سوريا تشهد تدهورا فى أوضاع الأمن الغذائي وهو الأسوأ من نوعه منذ بدء الحرب، محذرة من أن شحنات المساعدات الحيوية ستتعرض للتهديد إذا تم إغلاق معبر حدودى .
وقال برنامج الأغذية العالمي "بشكل عام، مستويات انعدام الأمن الغذائي في سورية هي الأسوأ منذ بداية الصراع. اليوم يقدر من يعانون من انعدام الأمن الغذائي بنحو 12.4 مليون سوري، ويصل هذا إلى ما يقرب من 60 % من السكان الذين لا يعرفون ماذا سيأكلون غدا".
وأضاف "هذه زيادة قدرها 4.5 مليون شخص في عام واحد فقط"، داعية إلى تمديد ترتيب الأمم المتحدة للسماح بوصول المساعدات إلى المناطق السورية التي لا تسيطر عليها الحكومة عبر تركيا.
وصرح طومسون فيري المتحدث باسم البرنامج بأن "ملايين الأرواح معرضة للخطر".
ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الترتيبات عبر الحدود، بمعبر باب الهوى، في 10 يوليو/تموز ما لم يتم تمديدها. لكن روسيا، أحد أهم حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد، قالت إنها تدعم إغلاق آخر معبر حدودي أمام شحنات المساعدات.
وتريد موسكو بدلا من ذلك، توجيه الشحنات عبر دمشق التي يسيطر عليها الأسد.
سوريا قبل عام 2011
قبل عام 2011 كانت سوريا تكتفي بأربعة ملايين طن، وتصدر ما يفيض عنها، وقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح عام 2007 قرابة 1.7 مليون هكتار، أنتجت ما يزيد على 4 ملايين طن بمتوسط إنتاج قدره 2423 كيلو جراماً للهكتار الواحد من النوعين الطري والقاسي.
وفي سنين مضت نعمت سوريا بمخزون احتياطي يكفيها لسنوات من دون إنتاج، مع اتساع رقعة الصوامع المنتشرة في الأرياف لتستوعب الفائض الكبير من الإنتاج المتراكم في كل موسم.
وذكرت تقارير أنه في الفترة ما بين 1994 -2008 كانت سوريا تصدر القمح إلى دول الجوار وتؤمن حاجة الأردن بشكل كامل وجزءا من حاجة مصر وتونس، إضافة إلى دول أوروبا وخاصة إيطاليا لإنتاج المكرونة بسبب ميزات القمح السوري الممتازة.
وبلغت الكميات المستوردة من روسيا العام الماضي 1.5 طن، فيما تجري الاستعدادات بين الجانبين لتوريد كميات جديدة في وقت تعاني فيه سوريا من أزمة رغيف بسبب تراجع الموارد الزراعية وفي مقدمتها القمح .