اقتراع بنكهة التوتر.. تايوان تنتخب رئيساً تحت أنظار أمريكا والصين
في خضم ضغط متزايد من بكين التي تطالب بالسيادة على الجزيرة، فتحت مراكز الاقتراع في تايوان أبوابها في الثامنة صباح السبت بالتوقيت المحلي، لتمكين الناخبين من المشاركة في الاستحقاق الرئاسي.
ويتنافس ثلاثة مرشحين على الرئاسة في الانتخابات التي تجري في دورة واحدة، هم لاي تشينغ-تي الذي يتولى حاليًا منصب نائب رئيسة تايوان تساي إنغ-وين وينتمي مثلها إلى الحزب التقدّمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال، وهو يو-إيه (66 عامًا) مرشح حزب كومينتانغ الذي يُعد أقرب إلى بكين، ورئيس حزب الشعب التايواني الصغير كو ون-جي.
مطالب بالسلام
وكُتبت عبارة «نريد السلام وليس الحرب» على لافتات ملونة رفعها أنصار لحزب الكومينتانغ في تجمع انتخابي لهم، على مسافة غير بعيدة.
وتُعد تايوان البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة وتقع على بعد 180 كيلومترًا فقط من الساحل الصيني، نموذجًا للديمقراطية في آسيا. وتتمتع تايوان بحكم ذاتي، لكنّ الصين تعتبرها جزءاً من أراضيها.
ودعت الصين الناخبين في تايوان الخميس إلى اتخاذ «الخيار الصحيح». وانتقدت بكين لاي تشينغ-تي المرشّح الأوفر حظًا بحسب استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات الرئاسية المقرّرة السبت، واعتبرت أن فوزه يشكل «خطراً جسيماً» على العلاقات بين الصين وتايوان بسبب مواقفه المؤيدة للاستقلال.
وقال المسؤول عن أنشطة الصين في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مارك جوليين لـ«فرانس برس» خلال زيارة لتايبيه تزامناً مع عملية الاقتراع إن «هذه الانتخابات تثير اهتماماً متزايداً لأنّ الوضع الجيوسياسي للمنطقة تصاعد بشكل كبير جداً»، مضيفًا أن «مثلث الصين والولايات المتحدة وتايوان يزداد توتراً».
دولة ذات سيادة
ويُعد وضع تايوان أحد أكثر الملفات خطورة في إطار التوترات بين الصين والولايات المتحدة؛ فوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد خلال لقائه مسؤولا صينيا كبيرا الجمعة، أهمية «الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان بعد اجتماع في واشنطن بين بلينكن وليو جيان تشاو رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إن «وزير الخارجية شدد مجددا على أهمية الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي».
وتعدّ الولايات المتحدة الداعمة الأولى عسكرياً للجزيرة، وقررت إرسال «وفد غير رسمي» إلى تايوان بعد الانتخابات الرئاسية.
وتسعى الولايات المتحدة إلى ثني بكين عن أي إجراء ضد الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتطالب بها الصين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل الخميس إن الولايات المتحدة «تعتبر أنه يعود إلى الناخبين في تايوان تحديد قائدهم المقبل بحرية وبلا تدخل خارجي».
وطوال الأسبوع، زادت بكين ضغوطها الدبلوماسية والعسكرية على تايوان. وعَبَرت الخميس خمسة مناطيد صينية مرة جديدة الخط الذي يفصل الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي عن الصين، وفقًا لوزارة الدفاع التايوانية التي رصدت أيضًا عشر طائرات وست سفن حربية.
وحذرت الولايات المتحدة الصين من أي رد فعل على نتيجة الانتخابات عبر «مزيد من الضغط العسكري أو الإجراءات القمعية».
وردا على ذلك دعت بكين الخميس واشنطن إلى «عدم التدخل في الانتخابات في منطقة تايوان بأي شكل من الأشكال، لتجنب الإضرار بشكل خطير بالعلاقات الصينية الأمريكية».
ويرى حزب لاي تشينغ-تي المرشّح الأوفر حظًا بحسب استطلاعات الرأي للفوز بالانتخابات الرئاسية أنّ تايوان دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، في حين يدعو حزب الكومينتانغ وهو حزب المعارضة الرئيسي إلى تقارب مع الصين.
وأكدت مونيكا (48 عاماً)، وهي من أنصار لاي تشينغ- تي أنّ «تايوان دولة ذات سيادة ومستقلة»، مضيفة: «لهذا السبب ننتخب رئيسنا المقبل».
تحرّك عسكري
منذ 2016، قطعت بكين كلّ الاتصالات الرفيعة المستوى مع تايوان احتجاجا على انتخاب الرئيسة الحالية تساي إنغ-وين التي تنتمي إلى الحزب التقدّمي الديمقراطي المؤيد للاستقلال.
وأكد الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية جيمس كرابتري أنّ «التوترات المتزايدة حول تايوان تشكل مشكلة حقيقية لواشنطن التي تسعى إلى تخفيف حدة توتراتها مع الصين».
والثلاثاء، أكد لاي تشينغ-تي، أن «باب تايوان سيكون مفتوحاً دائماً للتواصل والتعاون مع الصين تحت قيادته»، مضيفًا: «لكن لا يمكن أن تكون لدينا أوهام بشأن السلام».
من جهته، قال المرشح الثالث رئيس حزب الشعب التايواني كو ون-جي الخميس «يجب أن نعرب للصين عن رغبتنا في التواصل، لكننا "نريد الحفاظ على ديمقراطيتنا وحريتنا وأسلوب حياتنا».
واعتبر هو يو-إيه (66 عامًا) مرشح حزب كومينتانغ أن «أياً يكُن ما تعتقده الصين، فإن ما يريده منا الرأي العام في تايوان هو الحفاظ على الوضع الراهن».