خبراء وأكاديميون يؤكدون دور "ترجمان" في تعزيز الحوار بين الشرق والغرب
الجلسة يشارك فيها الناقد اللبناني الفرنسي الدكتور صبحي البستاني، والدكتور لويس ميجيل كانيادا، والمؤرخ السوري فاروق مردم.
نظم مجلس أمناء جائزة ترجمان التابعة لهيئة الشارقة للكتاب، الأحد، جلسة حوارية عن أهمية وفرادة الجائزة، ودورها في تعزيز أسس الحوار بين الشرق والغرب بلغة الفكر والثقافة، ضمن فعاليات الدورة الـ37 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، في مركز إكسبو الشارقة.
وشارك في الجلسة، الأكاديمي والناقد اللبناني الفرنسي الدكتور صبحي البستاني عضو مجلس أمناء جائزة ترجمان، والدكتور لويس ميجيل كانيادا مدير مدرسة طليطلة للمترجمين بإسبانيا عضو مجلس أمناء جائزة ترجمان، والكاتب والمؤرخ السوري فاروق مردم بيك مدير سلسلة سندباد التابعة لدار نشر أكت سود (Actes Sud) الفائزة بجائزة ترجمان لهذا العام عن كتاب طبائع الاستبداد، لعبدالرحمن الكواكبي، وأدارها الدكتور شاكر راضي.
وقال فاروق مردم بيك إن سلسلة سندباد التابعة لدار سندباد – أكت سود "Actes Sud"، تعنى بالدرجة الأولى بترجمة الآداب العربية الكلاسيكية والمعاصرة إلى اللغة الفرنسية، لافتا إلى أنها نشرت حتى الآن 60 كتابا خلال 20 عاما، نصفها من الأدب العربي القديم، مؤكدا اعتزازهم في سندباد بهذا الاهتمام المتعاظم بالأدب العربي الكلاسيكي.
وأضاف فاروق مردم: "نلاحظ وجود ضعف شديد في نقل ترجمة الأدب العربي إلى الفرنسية، وتشير الإحصاءات إلى أن الترجمات التي تتم في هذا المجال سنويا في فرنسا لا تتعدى نسبتها 0.6%، فعدد دور النشر التي تعني بالترجمة من العربية إلى الفرنسية قليل جدا، ويمكننا القول إن سندباد تعتبر الدار الوحيدة التي لها برنامج نشر سنوي، حيث نترجم سنويا 8 روايات إلى جانب مجموعات شعرية، في حين نجد أن معظم دور النشر الأخرى تترجم كتابا واحدا كل سنتين".
وتابع: "الناشر الأجنبي لا يريد من المؤسسات العربية إغراق داره بالمساعدات المادية، بل يحتاج إلى علاقة تعاقدية متكافئة بين الطرفين، لمعالجة الكثير من الاختلالات أهمها ضعف التوزيع، فهناك مؤسسات كثيرة تبذل جهودا كبيرة في مجال الترجمة، ولكن للأسف تظل الإصدارات حبيسة الأدراج ولا تصل إلى يدي القارئ الأجنبي".
عن أهمية وقيمة كتاب طبائع الاستبداد الفائز بالدورة الثانية من جائزة ترجمان، قال بيك: "الكتاب ترجمته هالة القطباني، وكتب له سلام الكواكبي حفيد المؤلف وهو باحث يقيم في فرنسا مقدمة مختصرة، وأرى أن اختيار هذا الكتاب جاء في سياق التحولات التي يشهدها العالم العربي، وتنبع قيمة الكتاب من أن مؤلفه استمد معظم أفكاره من أنوار النهضة الأوروبية في القرنين الـ18 والـ19، وفي الوقت نفسه قدم هذه الأفكار والفلسفات الأوروبية للعالم العربي مستندا إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية".
فيما تحدث الدكتور صبحي البستاني عن جائزة ترجمان، التي انطلقت في 2017، من النواحي التقنية والموضوعية إلى جانب الشروط والأهداف، وقال: "جاءت جائزة ترجمان تنفيذا لتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتهدف إلى تشجيع الترجمات العالمية الراسخة، التي تتخذ من المنجز الإنساني منطلقات قويمة ترتكز عليها في بناء حضارة الإنسان ومد جسور التواصل بين الشرق والغرب، وتعريف العالم بالثراء المعرفي والأدبي والفكري الذي تزخر به الحضارة الإسلامية والعربية".
وأضاف البستاني: "تضع الجائزة حزمة من الشروط والمعايير التي تضبط المشاركة، أهمها أن تكون النسخة الأصلية من العمل المترجم قد نشرت بالعربية، وأن يكون الإصدار مستلهَما من الثقافة العربية والإسلامية، إلى جانب قيمته ودوره في تعريف الغرب بالثقافة العربية والإسلامية وتغيير النظرة النمطية تجاههما، والتأكيد على أنهما متجذرتان في التاريخ الإنساني منذ القدم، ولا تشترط الجائزة أن يكون الكتاب المترشح في الأدب، فهي تستهدف شتى مجالات المعرفة".
ومن جانبه، سلط الدكتور لويس ميجيل كانيادا، الضوء على تجربة مدرسة طليطلة للمترجمين، والتي ترجمت إصدارات لعدد من أبرز الشعراء والمفكرين والمبدعين العرب من أمثال أبي العلاء المعري، وجبرا إبراهيم جبرا، وبدر شاكر السياب، ومحمد بنيس، وغيرهم، مؤكدا أن طليطلة تهدف إلى بناء جيل جديد المترجمين من العربية إلى الإسبانية.
وتابع كانيادا: "نشاط الترجمة من العربية إلى الإسبانية كان مرتبطا إلى حد كبير بالمجالات الأكاديمية، حيث كان يهتم به الأكاديميون وأساتذة الجامعات، ولكن، وبعد نيل نجيب محفوظ جائزة نوبل، حدثت انتعاشة، حيث بدأ الاهتمام بالترجمة من العربية إلى الإسبانية يتجاوز الحيز الأكاديمي، وازدهرت الكثير من دور النشر التي اهتمت بالأدب العربي الكلاسيكي والحديث".
وحول نسبة المترجم من العربية إلى الإسبانية، أشار كانيادا إلى أن سوق النشر الإسباني شهدت في العام 2017 إصدار وطباعة 90 ألف كتاب جديد، 21% منها كتب مترجمة، 50% منها مترجمة من الإنجليزية، بينما تبلغ نسبة الكتب المترجمة من العربية 0.3%، وأشار كانيادا إلى أن مدرسة طليطلة تنظم برنامج ماجستير في الترجمة تشارك فيه مجموعة من الجامعات العربية، إلى جانب تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.
وأجمع المتحدثون في الجلسة على الدور الكبير الذي تلعبه جائزة ترجمان في فتح قنوات حوار بين الشرق والغرب، أساسه الثقافة والفكر والمعرفة، وذلك لكونها تسهم في تسليط الضوء على الثراء الكبير الذي تزخر به الثقافة العربية والإسلامية، فضلا عن إبراز إسهامات المسلمين والعرب الأوائل في حقول العلم والفكر.
aXA6IDE4LjExNi44NS4yMDQg
جزيرة ام اند امز