بالصور.. رسم الوشم فن ممنوع على الفنانين بأمر القانون
فنانو رسم التاتو يعملون في الخفاء لأن القانون يجرم عملهم، ويجعله حكرا على الأطباء فقط.. الآن فنانو الرسم على الأجساد يطالبون بحقوقهم
تُميّز الدقة والرقة الوشوم التي يرسمها الكوري الجنوبي دوي على أجسام زبائنه، ومن أبرزهم نجوم كالممثل براد بيت وأعضاء فرقة "إكسو" الكورية، لكنّ هذا الفن لا يزال مهنة غير شرعية في كوريا الجنوبية.
ولأنه لا يريد بعد اليوم أن يعمل في الخفاء، أطلق دوي حملة لإلغاء قانون يعود إلى الحقبة التي كان فيها الوشم يُعتَبَر من مظاهر عصابات الجريمة المنظمة.
ومع أن الوشم نفسه ليس مخالِفاً للقانون في كوريا الجنوبية، إلا أن من غير المسموح أن يرسمه إلا طبيب مجاز.
وتصل عقوبة مخالَفة هذا القانون إلى الحبس سنتين على الأقل، لكنّ العقوبات التي تُفرَض على المخالفين غالباً ما تكون أقلّ من ذلك.
ويلقى الوشم رواجاً واسعاً في كوريا الجنوبية كما في كل أنحاء العالم، وقد ساهم نجوم موسيقى البوب الكورية والرياضيون وسواهم من المشاهير في جعله شعبياً، لكنّ التشريعات لم تطوّر لمواكبة هذه الموضة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ويتجسد هذا التناقض في حالة دوي، أحد أبرز رسّامي الوشم في كوريا الجنوبية، ويبلغ عدد متابعيه على إنستغرام نحو 500 ألف شخص.
وإذا كان دوي يمتنع عن إفشاء الوشم الذي رسمه لبراد بيت العام الفائت بداعي السرية المهنية، فإن شهرته المحلية والعالمية تعود إلى رسومه المميزة، ومنها مثلاً وشوم على شكل عصفور أو قفزة لاعب جمباز.
لكنّ دوي لا يعمل علناً، ولا لافتة مثلاً تشير إلى مركزه للوشم في وسط سيول.
صورة سيئة
وقال الفنان البالغ 40 عاماً لوكالة الأنباء الفرنسية "لا كلمات يمكن أن تعبّر عن الشعور بالفخر عندما يعود المرء إلى بيته وقد رسم وشماً لبراد بيت".
ولكن، على قول دوي، "ما إن تصل إلى مطار إنشيون الدولي، تخشى أن تُكتَشَف معدات رسم الوشم التي تحملها في حقيبتك".
ولاحظ دوي (واسمه الأصلي كيم دو يون) أن رسّامي الوشم البالغ عددهم نحو 200 ألف في كوريا الجنوبية معرّضون للملاحقات ومداهمات الشرطة أو للابتزاز من زبائن حقودين أو غير راضين".
وقبل بضعة أشهر، بادر دوي إلى تأسيس أول نقابة لفناني الوشم ويعتزم دعوة المحكمة الدستورية سريعاً إلى أن تشرّع لغير الأطباء رسم الوشم.
ولكن عندما أوردت وسائل الإعلام خبر تأسيس النقابة، سارع أحدهم إلى التقدّم بشكوى في حق دوي، وفتحت الشرطة تحقيقاً فيها.
وأقرّ دوي بأن "الأمر مؤلم"، لكنه يضيف "كان يجب أن أقوم بشيء"، لأن "شيئاً لن يتغير إذا تُركَت الأمور على حالها".
وأفادت الجمعية الكورية للوشم (وهي تختلف عن نقابة دوي)، بأن نحو مليون كوري جنوبي على الأقل موشومون، ملاحِظَةً أن هذا القطاع يشهد نموا مستمراً. ويبلغ حجم القطاع 200 مليار وون (نحو 142 مليون يورو) سنوياً.
ورغم شعبيته المتزايدة، لا يزال الانطباع الذي يتركه الوشم سيئاً وخصوصاً في عالم العمل.
"لا ارتياح"
وغالباً ما يتم تعتيم صور الوشوم في التحقيقات المصورة التي تعرضها محطات التلفزة الحكومية.
ولا يزال عدد من الأطباء يعارضون بشدة تشريع مهنة رسم الوشم، متخوفين من مخاطر صحية.
ونبّه مسؤول في نقابة الأطباء الكورية إلى أن الوشم قد يسبب "التهابات خطيرة وتفاعلات تحسسية".
لكن دوي شرح أن نقابته لحظت اعتماد تعليمات صحية توضع بالتعاون مع الأطباء الذين يؤيدون قضية رسّامي الوشم.
وإذا كان دوي لم يتعرض حتى الشهر الفائت إلى أي ابتزاز خلال مسيرته المستمرة منذ 14 عاماً رسم خلالها وشوماً لعشرة آلاف شخص على الأقل، فإن زملاءه في المهنة لم يكونوا محظوظين مثله.
وصدرت أحكام قضائية في حق هؤلاء، مما حرم عدداً منهم مدخوله المادي، ودفع ببعضهم إلى الانتحار.
وعلّق دوي بقوله "لقد خسروا حياتهم نوعاً ما لأنهم كانوا يرسمون".
غير أن هذا الوضع لم يمنع البعض، على غرار كيم جوانعج سيوك (54 عاماً) من الاستمرار في تكريس حياتهم لفنّهم.
ويتذكّر كيم الذي انطلق في هذا المجال قبل 25 عاماً أن 80 في المئة من زبائنه في تلك الحقبة "كانوا من أفراد العصابات، وكنت أرسم لهم باستمرار وشوماً تمثّل النمر أو التنّين".
ورغم أن ثلاثة أحكام قضائية صدرت في حق كيم، أحدها قضى بحبسه ثمانية أشهر، هو مصمم على مواصلة عمله.
وقال كيم الذي يرسم الوشوم منذ أكثر من عقدين في مركز "سيكرت" في أولسان (جنوب شرق كوريا) "كنت ولا أزال أنزعج باستمرار من أني أفعل شيئاً غير شرعي".
لكنه أضاف "إنه العمل الوحيد الذي أملك الموهبة فيه. لقد تقبلت الأمر عندما صدر أول حكم في حقي".