طواف الإفاضة في الحج.. ما حكمه وكيف يؤديه الحاج للتحلل من الإحرام؟
طواف الإفاضة من أبرز نسك الحج في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، يؤديه حجاج بيت الله الحرام بعد أن يفيض من عرفة ويبيت بالمزدلفة، وهو شرط التحلل الأكبر من الإحرام.
بعد أن يمَنّ الله على ضيوف الرحمن بالوقوف على صعيد عرفات يوم 9 ذو الحجة، وقد أدوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم قضائهم الليل في مزدلفة، يتوجهون في يوم النحر أول أيام عيد الأضحى (10 ذو الحجة) أفواجًا إلى مسجد بيت الله الحرام ليؤدوا طواف الإفاضة.
ويعد طواف الإفاضة أبرز نسك اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك (يوم النحر) وهي: رمي جمرة العقبة الكبرى، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، ولكن وقت أدائه لا يشترط أن يكون في اليوم نفسه.
نسك يوم النحر
عند وصول الحاج إلى منى يقصد الجمرة الكبرى فيرميها بسبع حصيات، يكبّر مع كل حصاة (ثم يذبح الهدي إذا كان عليه هدي) ثم يحلق رأسه، ثم بعد ذلك يفيضون إلى مكة فيطوفون بالبيت العتيق طواف الإفاضة ضحى يوم النحر، هذا الترتيب أفضل ويجوز للحاج أن يبدأ بأيٍّ من هذه المناسك الثلاثة، وإن قدم عملًا على العمل الآخر فلا حرج في ذلك.
حكم طواف الإفاضة
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج المجمع عليها، لا يتحلل الحاج التحلل الأكبر من دون أن يفعله، ولا ينوب عنه شيء البتة. وطواف الإفاضة له 5 أسماء؛ هي: طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وطواف الفرض، وطواف الركن، وطواف الصدر.
وقت طواف الإفاضة
يبدأ طواف الإفاضة بعد منتصف الليل من ليلة النحر للضعفاء ومَن في حكمهم، وليس لنهايته وقت محدد، لكن الأولى أن يبادر الحاج بالطواف للإفاضة قدر استطاعته، مع مراعاة الرفق بنفسه، وتحين الأوقات التي يكون المطاف فيها خفيفًا من الزحام؛ حتى لا يؤذي ولا يؤذى.
أما وقت الفضيلة فهو أن يطوف الحاج ضحى يوم النحر، بعد أن يفرغ من أعمال مناسك هذا اليوم، فيرمي جمرة العقبة، وينحر هديه، ويحلق رأسه؛ لأن هذا هو الوقت الذي طاف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث ابن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى.
ولحديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء فيه: أنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة، ثم انصرف إلى المنحر فنحر هديه، ثم أفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر.
شروطه وكيفية طواف الإفاضة
وللطواف شروط عدة لصحته، وهي الطّهارة؛ سواء أكان في الثوب أو في المكان، وستر العورة، والنيّة عند الشروع في الطواف.
يبدأ بالطواف من الحجر الأسود، وأن يكون البيت الحرام عن يسار الطائف، وأن يكون الطواف حول الكعبة وخارجها؛ فلو طاف الشخص داخل حِجْر إسماعيل لم يصح طوافه، وأن يكون الطواف 7 أشواط كاملة، يبدأ كل شوط من أمام الحجر الأسود وينتهي به، والموالاة بين أشواط الطواف، فإن فصل بين الأشواط بفاصل كثير، ابتدأه من أوله.
وتعد الطهارة شرطاً لصحة الطواف لأنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يطوف توضأ.
سنن الطواف
من أبرز سنن طواف الإفاضة المُستحبة ما يلي:
صلاة ركعتين
من السنة المؤكدة بعد الانتهاء من الطواف صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر، وإلا فليصل الركعتين في أي مكان من المسجد الحرام.
ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية بعد الفاتحة يقرأ (قل هو الله أحد) وإن قرأ بغيرهما فلا بأس في ذلك.
استلام الركن اليماني
وإذا وصل إلى الركن اليماني يستلمه بيده إن تيسر، ولا يقبله أو يتمسح به كما يفعل البعض مخالفين بذلك سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن لم يتيسر استلام الركن اليماني يمض دون أن يشير إليه أو يكبر.
ومن السنة أن يقول الحاج بين الركن اليماني والحجر الأسود:
"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
الدعاء
يشرع الدعاء والذكر في الطواف والسعي بما يسر الله من الأذكار الشرعية والدعوات الطيبة التي لا محذور فيها، وليس في ذلك شيء محدود، إلا أنه يستحب ختم كل شوط من أشواط الطواف السبعة بالدعاء المعروف:
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، بين الركنين: اليماني والأسود؛ لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما يشرع التكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله، وعند الإشارة إليه إذا لم يتيسر استلامه، وهكذا يشرع عند استلام الركن اليماني أن يقول الطائف: "بسم الله والله أكبر".
وعلى الحاج ألا يرفع صوته حتى لو كان يدعي بأدعية مخصوصة، فإن ذلك يشوش على غيره من الطائفين. والأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة.
لا رمل ولا اضطباع
لا يشرع الاضطباع والرمل إلا في طواف العمرة، وطواف القدوم للمفرد والقارن، أما فيما عدا ذلك فلا يشرعان، فطواف الإفاضة لا رمل فيه ولا اضطباع.
ويسن الرمل وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم فقط.
أما الاضطباع في الطواف، فهو أن يكشف الرجل المحرم عن كتفه الأيمن جاعلاً وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر.
ماذا يترتب على طواف الإفاضة؟
يرتبط أداء طواف الإفاضة بالتحلل من الإحرام، التحلل من الإحرام يعني الخروج من الإحرام، وحل ما كان محظوراً على الحاج، منذ أن قام بالإحرام، مثل لبس الملابس المخيطة، وتقليم الأظافر، وقتل الصيد، والنكاح.
والتحلل من الإحرام قسمان، يرتبطان بقيام الحج بإتمام نسك اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك (يوم النحر) وهي: رمي جمرة العقبة الكبرى، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة.
وتحل به محظورات الإحرام عدا النساء (الجماع)، ويحصل بفعل شيئين من ثلاثةٍ مِن أعمال يوم النحر وهذه الثلاثة هي: رمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السعي في حق من عليه سعي إذا كان متمتعاً أو إذا لم يكن قد سعى قبل ذلك مع طواف القدوم لمن كان قارناً أو مفرداً فيلزمه حينها السعي، فإذا رمى الحاج وحلق أو قصر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سعي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر، بذلك يكون قد تمّ له التحلل الأول وبإمكانه حينئذ أن يلبس ثيابه وتحل له كل محظورات الإحرام إلا النساء.
والتحلل الثاني أو الأكبر وتحل به كل محظورات الإحرام حتى النساء، ويحصل بطواف الإفاضة فقط بشرط الحلق عند الحنفية، وبطواف الإفاضة مع السعي عند المالكية والحنابلة، وباستكمال الأعمال الثلاثة عند الشافعية. والأفضل هو استكمال الأعمال الثلاثة (رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة)، فإذا فعل الحاج هذه الأمور الثلاثة حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء.
حكم ترك طواف الإفاضة في الحج
وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يجبر بدم، ولا يتم الحج دونه، ومَن تركه فهو باق على إحرامه حتى يأتي به، ومَن ترك طواف الإفاضة، عليه أن يعود مجدداً ويؤديه سواء كان رجلاً أو امرأة حتى ولو سافر إلى بلاده خارج السعودية.
ولو كانت امرأة وأتاها زوجها قبل أن تطوف يكون عليها دم، يذبح في مكة للفقراء مع التوبة، وإذا كان زوجها ما طاف كذلك عليه دم أيضاً، والتوبة إلى الله.
فمَن ترك طواف الإفاضة عليه أن يرجع ويطوف ولو بعد مدة، فهذا الركن ليس له وقت انتهاء كما قال الفقهاء، بل لا يخرج وقته مدى الحياة، ويبقى الحاج مُحْرِماً حتى أدائه، لأنه بعدم أدائه قد يكون تحلَّل التحلُّل الأول الذي يُحِلُّ كلَّ محظورات الإحرام إلا ما يتعلق بالنساء ولم يتحلل التحلل الثاني.