ماذا يفعل الحاج خلال أيام التشريق الثلاثة؟
تأتي أيام التشريق بعد يوم النحر (أول أيام عيد الأضحى)، هناك أعمال يجب أن يفعلها الحاج خلال أيام التشريق الثلاثة حددتها السنة وأوضحها الفقهاء والعلماء.
تكتمل مناسك الحج بأداء ما يزم خلال أيام التشريق الثلاثة، وهي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر، وتقابل أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، كما تُعرف باسم الأيام المعدودات.
ما سبب تسمية أيام التشريق بهذا الاسم؟
سُميت أيام التشريق بذلك لأن العرب كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره، وهناك قول آخر إنها سميت بذلك لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس، فسميت الأيام كلها بأيام التشريق تبعاً ليوم العيد.
ويُعد الحادي عشر من ذي الحجة، اليوم الذي يلي يوم النحر، ثاني أعظم الأيام عند الله، وسُمي بـ"القَرّ" لأن الناس يقرّونَ ويستقرون في مشعر بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا.
وهي أيام لم يرخص فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوم إلا من عجز عن هدي التمتع أو القرآن وذلك عملا بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي".
أعمال أيام التشريق
يقضي الحاج في مشعر منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر أو ليلتين لمن أراد التعجل، تحقيقًا لقوله تعالى "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"
ويجب على الحاج أن يقوم بالآتي:
1. المبيت بمنى ليلتي هذين اليومين
بعد طواف الإفاضة الذي به التحَلُّل الأَكبر يتوجه الحاجُّ للمبيت بمنى، ويقوم برمي الجمرات، حيث يخرج في اليوم الأول بعد دخول وقت صلاةِ الظهرِ (بعد الزوال) برمي الجمار الثلاث على الترتيب.
الجمرة الأولى أو (الصغرى)، وهي أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف بمنى، ثم الجمرة الثانية أو (الوسطى)، ثم الثالثة الكبرى (جمرة العقبة)، ويرمي في كل واحدة منها 7 حصوات، ويدعو بين كل جمرتين، ويقوم بنفس هذا الفعل في اليوم الثاني.
والواجب على الحاج رمي الجمرات الثلاث طوال الأيام التي يقضيها في منى، ويكبر الله مع كل حصاة، ومن السنة الوقوف بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى مستقبلًا القبلة، رافعًا يديه يدعو بما شاء، ويتجنب مزاحمة ومضايقة إخوانه المسلمين.
أما جمرة العقبة الكبرى فلا يقف ولا يدعو بعدها، فمن أراد التعجل في يومين وجب عليه رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر، ثم يغادر منى قبل غروب الشمس، فإذا غربت عليه الشمس ومازال في منى لزمه البقاء للمبيت بها ليلة الثالث عشر، والرمي في اليوم الثالث عشر ما لم يكن قد تهيأ للتعجل فيخرج ولا يلزمه المبيت بمنى.
النفر الأول أو الثاني
يحل للحاج إذا رمى جمار اليوم الثاني من أيام التشريق أن يرحل من منى إذا انتهى من رمي الجمارِ الثلاث قبل الغروب، ويُسمى النفر الأول.
أما إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني فوجب عليه أن يمكث إلى اليوم الثالث من أيام التشرِيق (وهو رابع أيام عيد الأضحى)؛ حيث يقوم فيه بنفس أعمال رمي الجمار الثلاث السابق بيانها، وهذا يسمى النفر الثاني.
2. رمي الجمرات
ويشترط في رمي الجمرات أن يكون المرمي به حصى، وأن تقع في الحوض الدائري، وترمى مفرقة، أي يرمي الحاج واحدة بعد واحدة، ولا يصح أن يرمي السبع جميعاً بكف واحد، وإذا رمى السبع بكف واحد تعتبر له رمية واحدة، أما ترتيب رمي الجمرات في أيام التشريق فيبدأ من رمي الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة ولا يصح العكس.
والجمرات الثلاث هي عبارة عن أعمدة حجرية وسط أحواض ثلاث، تشكل علامات للأماكن التي ظهر بها الشيطان، ورماه سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث تبعد المسافة بين جمرة العقبة والجمرة الوسطى نحو 247 مترا وبين الجمرة الوسطى والجمرة الصغرى نحو 200 متر.
3. التحصيب
نزول الحاجِّ بالمُحَصَّب (موضع بمكة) يُصَلِّي فيه ويَذكُرُ اللهَ تعالى فيه وهو مُستَحَّبٌ.
4. طواف الوداع
يمكث الحاج بمكةَ ما أراد أن يمكث في ذكر لله تعالى، وفي غيرِه من أعمالِ البِر وأعمال المعاش. وليعلم أنه في حرم الله تعالى وفي أطهرِ بِقاع الأرض، فليتق الله وليراقبه دائمًا، ويجوز له أن يعتمر أو يزور من يعرفهم أو يشتري أو يبيع أو يتزوج أو يجتمع بمن يشاء.
وإذا أراد السفر من مكة فيجِب عليه أن يطوفَ بالبيتِ طوافَ الوَداعِ، والمعنى الملاحَظُ في هذا الطواف أن يكونَ آخِرُ العَهدِ بالبيت، وبعد أن يصلي ركعتي الطواف.
يأتي "زمزم" ويشرب مِن مائِها مُستَقبِلاً البيتَ ويدعو بما شاء، ويتشبث بأَستار الكعبة، ويستلم الحجر الأسود إن تيسر له من غير إيذاء أحد، ثم يسير إلى باب الحرم ووجهه تلقاء الباب، داعيًا بالقَبول والغفران، وبالعود مرة بعد مرة، وألا يكون ذلكَ آخرَ العهد من هذا البيت العتيق.
وطواف الوادع هو آخر واجبات الحج التي ينبغي على الحاج أن يؤديها قبيل سفره مباشرة، ولا يعفى من طواف الوداع إلا الحائض والنفساء.
ومن الأعمال المُستحبة في أيام التشريق: "الاستغفار والدعاء"، و"التكبير المطلق والمقيِّد بأدبار الصلوات المكتوبة"، والإكثار من قول "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، وهو من أجمع الأدعية لخيري الدنيا والآخرة، وهو ما كان عليه الصلاة والسلام يكثر منه.