طواف الوداع.. كيف يختم ضيوف الرحمن رحلة مناسك الحج؟
يودع حجاج بيت الله الحرام المشاعر المقدسة بعد أن يتموا مناسك حجهم بتأدية طواف الوداع شاكرين الله أن اصطفاهم واختارهم لأداء هذه الفريضة.
يعد طواف الوادع آخر واجبات الحج وآخر مناسكه، بعد إتمام رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق (12 ذو الحجة) للمتعجلين، أو آخر أيام التشريق (13 ذو الحجة) لغير المتعجلين.
حيث يتوجه الحاج إلى مكة المكرمة للطواف حول البيت العتيق، ليكون طواف الوداع آخر العهد بالبيت امتثالاً لأمره صل الله عليه وسلم الذي قال: (لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)، ولا يعفى من طواف الوداع إلا الحائض والنفساء.
ما هو حكم طواف الوداع؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن طواف الوداع واجب يجب بتركه دم، فعلى من تركه أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على فقراء الحرم، فإن عجز صام 10 أيام، إلا أنه يعفى منه المرأة الحائض والنفساء.
وطواف الوداع واجب على الآفاق -أي الذي ليس من أهل مكّة، قبل خروجه من الحرم إلى بلاده، ويكون ذلك آخر عهده بالبيت، والمقيم في مكة ليس عليه طواف وداع.
ما هي شروط طواف الوداع؟
للطواف شروط عدة لصحته، وهي:
1. النية
هي شرط لجميع أداء العبادات، فينوي الحاج نية الطواف ولا يشترط تعيينها، فلو طاف في وقته دون أن يعين شيئاً وقع طواف وداع.
2. أن يكون الحاج من أهل الآفاق
أي الذين يسكنون خارج حدود مكة فلا يجب الطواف على أهل مكة الذين يقيمون فيها.
3. أن يقع طواف الوداع في وقته
وقت طواف الوداع يكون بعد الانتهاء من جميع أعمال الحج والعزم على السفر، فيبدأ سفره مباشرة بعد الانتهاء من الطواف، ولا بأس بأن ينشغل بأسباب السفر كالشراء ونحوه، لكن لا يطيل.
4. أن يكون طواف الوداع بعد طواف الإفاضة
إن أول طواف يؤديه الحاج هو طواف الإفاضة ويليه طواف الوداع، فلو طاف الحاج بنية طواف الوداع ولم يكن قد طاف طواف الإفاضة من قبل، وقع طواف الإفاضة لا الوداع، لأن الوقت وقت طواف الإفاضة، وطواف الوداع إنما هو مترتب على الإفاضة.
5. الطهارة من الحيض والنفاس
يشترط لوجوب طواف الوداع على المرأة أن تكون طاهرة، فلا يجب طواف الوداع على الحائض ونفساء، ويسقط في حقها دون أن يلزمها شيء.
متى نؤدي طواف الوداع؟
طواف الوداع هو الطواف الأخير من الأطوفة الثلاثة في الحج، وآخر مناسك الحج، إذ يجب أن يكون طواف الوداع آخر عهد الحاج أو المعتمر بالبيت الحرام.
ويأتي طواف الوداع في الحج بعد نفور الحاجّ من مِنى، فإن عزم الحاج على السفر وجب أن يطوف طواف الوداع، وإن ارتأى أن يتأخر فعليه أن يؤخر طواف الوداع إلى آخر إقامته، فهو بمثابة استئذان قبل مغادرة البيت الحرام.
كيف نؤدي طواف الوداع؟
يبدأ الطواف من الحجر الأسود، ويجب أن يكون البيت الحرام عن يسار الطائف، وأن يكون الطواف حول الكعبة وخارجها؛ فلو طاف الشخص داخل حِجْر إسماعيل لم يصح طوافه، وأن يكون الطواف 7 أشواط كاملة، يبدأ كل شوط من أمام الحجر الأسود وينتهي به، والموالاة بين أشواط الطواف، فإن فصل بين الأشواط بفاصل كثير، ابتدأه من أوله.
وتعد الطهارة شرطاً لصحة الطواف لأنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يطوف توضأ، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "لما أراد صلى الله عليه وسلم أن يطوف توضأ".
ومن السنة المؤكدة بعد الانتهاء من الطواف صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر، وإلا فليصل الركعتين في أي مكان من المسجد الحرام، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية بعد الفاتحة يقرأ (قل هو الله أحد) وإن قرأ بغيرهما فلا بأس في ذلك.
وفي ختام تلك الرحلة الإيمانية يغادر ضيوف الرحمن المشاعر المقدسة داعين الله أن يكون حجهم مبرورًا وذنبهم مغفورًا، متضرعين لله ألا يجعل هذا آخر عهد لهم ببيت الله الحرام.