الإرهاب وخروج بريطانيا يعكران صفو احتفالات الوحدة الأوروبية
روما تستعد للاحتفال بالذكرى الستين لاتفاقية روما التي أرست إنشاء الاتحاد الأوروبي، على وقع مشاكل وجودية تهدد الاتحاد.
يلتقي قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27، السبت، في روما، للاحتفال بالذكرى الستين لاتفاقية روما، التي أرست إنشاء هذا الاتحاد، بهدف التركيز على الوحدة والمستقبل المشترك بمواجهة أجواء الانشقاقات والتيارات الشعبوية المناهضة للعملية الأوروبية.
ويلقي الحادث الإرهابي الأخير الذي وقع مساء الأربعاء واستهدف البرلمان البريطاني بظلاله على الاحتفالات، خلافاً لعدة هجمات شهدتها أكثر من دولة أوروبية بينها بلجيكا وفرنسا.
كما يأتي عقد هذه القمة قبل أيام من إطلاق عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس/آذار الحالي، والذي شكل ضربة قاسية للاتحاد.
وتخضع العاصمة الإيطالية، الجمعة، لإجراءات أمنية مشددة، استعداداً لاستقبال 27 رئيس دولة وحكومة للمشاركة في الاحتفالات.
وسيتم تركيز قناصة على أسطح المباني، كما ستحلق طائرات بدون طيار في الأجواء، وسيتم نشر ثلاثة آلاف شرطي في الشوارع المحيطة بوسط "المدينة الأبدية"، السبت، تحسباً لأية هجمات، عقب اعتداء لندن، الأربعاء.
وستجري معظم الاحتفالات في تلة "كولي كابيتولينو" التي كانت القلب السياسي والديني للإمبراطورية الرومانية في القرون الماضية، وفي مبنى البلدية الحديث، حيث وقّعت الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي معاهدة روما في 1957.
ويقول منظمو الاحتفالات، إن المدينة لم تشهد مثل هذه الإجراءات الأمنية منذ جنازة البابا يوحنا بولس الثاني في 2005، حيث تتحسب الشرطة لأية هجمات، وكذلك أية تظاهرات مناهضة لأوروبا.
وبحسب الإعلام الإيطالي المحلي، فقد تلقت أجهزة الأمن الإيطالية المساعدة من شرطة اسكتلنديارد البريطانية.
ويتوقع مشاركة نحو 30 ألف متظاهر في أربع مسيرات منفصلة بعضها معارض وبعضها مؤيد للاتحاد الأوروبي، خلال اليوم. وستلتقي المسيرات عند مدرج الكولوسيوم الشهير.
وستراقب الشرطة بشكل خاص مسيرة "أوقفوا اليورو" وسط مخاوف من أن يتسلل إليها عناصر من التيار اليساري المتطرف أو الفوضويين اليمينيين المتطرفين القادمين من ألمانيا واليونان أو فرنسا.
وتطبق حالياً إجراءات أمنية في مواقع سياحية من بينها الفاتيكان والبانثيون، إضافة إلى محطات القطارات وكبرى المطارات في البلاد.
وسيفرض حظر للطيران فوق المدينة لمدة يوم، كما سيتم حظر مرور الشاحنات في وسط المدينة، وسيتم إغلاق العديد من محطات المترو.
وستشدد إجراءات الدخول إلى منطقتين أثناء الاحتفالات، أطلق عليهما المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء.
وسيتم إغلاق موقع تلة "كولي كابيتولينو" التي سيوقع فيها الزعماء على إعلان بشأن مستقبل أوروبا، أمام حركة المشاة من الساعة 0,30 صباح السبت، وسيخضع الأشخاص الذين يدخلون "المنطقة العازلة" لإجراءات أمنية مشددة.
وتم تركيب نظام مراقبة جديد في الشوارع المحيطة بمناسبة الاحتفالات، وحظر ارتداء الأقنعة التي عادة ما يرتديها المشاغبون من "الكتلة السوداء" لكي لا يتم التعرف عليهم.
أما السياح الذين ليس لديهم التصريح الضروري للوصول إلى الكولوسيوم، فلن يكون بإمكانهم الوصول إليه.
ويبدو أن العديد من سكان روما قرروا الخروج من المدينة في عطلة نهاية أسبوع طويلة، ما ترك الشوارع التي كانت دائما مزدحمة خالية تماماً، كما تغيب نصف الطلاب تقريباً من المدارس".
ويستقبل البابا فرنسيس أول حبر أعظم متحدر من أمريكا اللاتينية، الجمعة، القادة الأوروبيين عشية الاحتفال بالذكرى الستين لتوقيع معاهدة روما المؤسسة للاتحاد الاوروبي، وذلك بينما يمر التكتل بازمة وجودية.
وغالباً ما يتطرق البابا إلى خطر تصاعد الأحزاب الشعبوية المناهضة للهجرة.
وسيستقبل، الجمعة، الرئيس الفرنسي الاشتراكي، فرانسوا هولاند، الذي أُضعف موقعه، والمستشارة الألمانية المسيحية-الديموقراطية المهددة في الانتخابات، بسبب سياستها لاستقبال المهاجرين.
وسيكون مقعد رئيسة الوزراء البريطانية شاغراً بعد أن صوتت بلادها لصالح الخروج من الاتحاد (بريكست).
وأمام السفراء الأجانب لدى الكرسي الرسولي، شدد البابا في كانون الثاني/يناير، على أن الاتحاد الأوروبي لا يزال "فرصة فريدة للاستقرار والسلام والتضامن بين الشعوب".
وكان الاتحاد الأوروبي منح في أيار/مايو 2016 البابا جائزة شارلوماني، التي تكرم الشخصيات المميزة الداعمة للوحدة الأوروبية.
ولهذه المناسبة كان البابا حث القادة الأوروبيين الذين اجتمعوا في الفاتيكان على العودة إلى جذور المشروع الأوروبي.
وقال البابا في حينها "لم تصبح مشاريع الآباء المؤسسين من الماضي فهي اليوم مصدر وحي أكثر من أي وقت مضى لبناء جسور وإسقاط الجدران".
وأضاف "أحلم بأوروبا لا تعتبر فيها الهجرة جريمة".