في غياب المدارس.. مخاوف من سقوط أطفال الموصل ضحية للفقر والصراع
أحمد عبد الستار في الرابعة عشرة من العمر عندما اجتاح تنظيم داعش الموصل في 2014. وخوفا من تجنيده للقتال أخرجه أبواه من المدرسة.
كان أحمد عبد الستار في الرابعة عشرة من العمر عندما اجتاح تنظيم داعش الموصل في 2014. وخوفاً من تلقينه أفكار التنظيم وتجنيده للقتال أخرجه أبواه من المدرسة.
بعد 3 سنوات أصبح أحمد يبيع البوظة (الآيس كريم) في مخيم للعراقيين النازحين عن بيوتهم. فقدت أسرته بيتها كما أن والده المسن لا يقدر على أداء الأعمال اليدوية المطلوبة في المخيم ليصبح هو عائل الأسرة الوحيد.
ولا يرى أحمد ما يدعوه للذهاب إلى المدارس المؤقتة المقامة في مخيم خازر بالقرب من أربيل في ضوء النقص الذي تعاني منه في المدرسين والكتب والأدوات الدراسية.
وقال "لا فائدة في الذهاب إلى المدرسة الآن، فأنا أساعد أسرتي".
وأضاف أن الوقت قد فات بالنسبة له على أي حال فلو أنه استمر في التعليم بلا انقطاع لكان أمامه أسابيع قليلة ويحصل على الشهادة.
وأحمد واحد من عشرات الآلاف من الأطفال الذين أصبحوا يتامى أو مشردين بسبب الحرب على داعش، واضطروا للعمل لإعالة أسرهم في الموصل آخر معاقل التنظيم الكبرى في العراق.
وتقول الأمم المتحدة، إن إعادة هؤلاء الأطفال إلى الدراسة يمثل أولوية للعراق من أجل إنهاء دائرة العنف الطائفي التي يسهم الفقر والجهل في تغذيتها.
وقالت ليلى علي، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف): "الاستثمار في التعليم مطلوب بشكل عاجل ومن دونه قد يخسر العراق جيلا كاملا".
وأضافت أن "وجود أطفال من أعراق وديانات مختلفة في فصل واحد سيدعم مجتمعا متماسكا وسيجعل الأطفال يفكرون بشكل مختلف".
وحتى في الشطر الشرقي من الموصل شرقي نهر دجلة والذي استردته القوات العراقية وأعيد فيه فتح 320 مدرسة من بين 400 مدرسة.
من بين عشرات الأطفال الذين يعملون في جمع القمامة وبيع الخضر أو يعملون في ورش إصلاح السيارات، قال فلاح البالغ من العمر 12 عاما وهو يقف بجوار عربة يد يبيع الخضر: "لم أذهب للمدرسة لأن داعش جاءت وكانوا سيعلمون الأولاد القتال ويرسلونهم للحرب".
واحد زائد واحد يساوي اثنين
وترددت حيث يقف أصداء الاشتباكات. فعلى الضفة الأخرى من النهر كانت القوات الحكومية ومدفعيتها وطائراتها تهاجم آخر معاقل تنظيم داعش في الشطر الغربي من الموصل. ولفلاح 4 أشقاء أصغر سنا لم يذهب أي منهم إلى المدرسة.
انتظم حذيفة في المدرسة لتحصيل العلم حتى السنة الخامسة لكنه توقف عندما وصل رجال داعش. وقال ابن الثانية عشرة الذي يبيع المعادن الخردة، إن الإرهابيين كانوا يعلمون التلاميذ الحساب باستخدام الرصاص والبنادق والقنابل.
وقال "كانوا يعلمونا ‘رصاصة زائد رصاصة‘ وكيف نضرب بالسلاح".
وتقدر إدارة التعليم المحلية في محافظة نينوي التي تمثل الموصل عاصمتها أن 10% من الأطفال في شرق الموصل ما زالوا خارج المدارس. وقالت الإدارة إنه لم يحدث إحصاء رسمي منذ ما يقرب من 4 سنوات.
وقال متحدث باسم وزارة التربية والتعليم، إنه لا توجد إحصاءات رسمية لمعدل التسرب من المدارس وخاصة؛ لأن كثيرا من الأسر رحلت عن الموصل أو حتى غادرت العراق إلى الخارج.
وقال إبراهيم السبتي: "نعول على مؤتمرات الآباء والمدرسين وعلى المسؤولين المحليين في إقناع الآباء بإعادة أطفالهم إلى المدارس".
ويقول نواب ومنظمات أهلية استنادا إلى نتائج تحقيقات أجريت عامي 2014 و2016، إن الأموال الحكومية المخصصة للتعليم عادة ما تستنفد بسبب الفساد وسوء الإدارة.
وكانت نسبة التعليم مرتفعة في العراق الغني بالنفط وخلال فترة الثمانينات بلغت نسبة التعليم في المرحلة الابتدائية 100 %.
ثم انتشرت الأمية بعد فرض العقوبات الدولية بسبب احتلال العراق للكويت عامي 1990 و1991. وازدادت المصاعب الاقتصادية بفعل الحرب الأهلية التي تفجرت في أعقاب الاجتياح الأمريكي للعراق والإطاحة بصدام حسين عام 2003.
مستقبل ضائع
بدأت المدارس تعيد فتح أبوابها في الشطر الشرقي من الموصل في يناير/كانون الثاني وحتى الآن عاد للدراسة نحو 350 ألف تلميذ بالمقارنة مع 183229 تلميذا في عام 2013. ويرجع جانب كبير من الزيادة إلى النازحين من غرب الموصل والقرى الواقعة في محيطها.
وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن نحو 1.2 مليون طفل عراقي لا يذهبون للمدارس على مستوى البلاد.
ويتوقع الجيش العراقي إخراج تنظيم الدولة الإسلامية من بقية الموصل خلال الشهر الجاري غير أن مقاتلي التنظيم يقاومون بضراوة في المدينة القديمة حيث الكثافة السكانية العالية.
وكانت القوات العراقية قد بدأت هجومها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي يدعمها تحالف دولي بقيادة أمريكية يوفر لها الدعم الجوي والبري. ويقاوم المسلحون باستخدام الهجمات الانتحارية بالدراجات النارية ونيران القناصة والمورتر بل وبقذائف غازات سامة في بعض الأحيان.
وبالنسبة لكثيرين من أمثال أحمد عبد الستار ليس للقضاء على داعش في الموصل أثر يذكر على مصيرهم.
فلو أنه محظوظ سيعود إلى بيته الكائن في حي الموصل الجديدة في الشطر الغربي، حيث قال مسؤولون محليون وشهود عيان، إن عددا يصل إلى 240 فردا ربما سقطوا قتلى خلال شهر مارس/آذار عندما انهار مبنى في أعقاب تفجير تسبب في دفن أسر بكاملها تحته.
وقال أحمد بشيء من الاستسلام "المستقبل ضاع".
aXA6IDMuMTM1LjIwMC4xMjEg
جزيرة ام اند امز