إن تمسك اليمنيين بسلسلة من المبادئ والثوابت المتصلة بالإرث الحضاري والثقافي العريق لهم،
أمرٌ يغيظ المليشيا الحوثية الطارئة على حاضر اليمن ومستقبله، لذا عندما تمكن الحوثة الإرهابيون من الدولة في صنعاء وما حولها، كرسوا جهدهم الآن للقيام بمحاولات محو هذه الهوية، التي تمثل أساس قوة ومرجعية اليمنيين في صراعهم المتجدد في مواجهة دعاة الجهل والتخلف والتشدد.
وما تشهده المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي الانقلابي اليوم، يمثلُ إعادة متكررة لمسيرة ألف عام من الإرهاب والتكفير والقتل، وتجريف للذاكرة الجمعية عند أغلب مواطني اليمن، بغية خلق حالات من العداء المستند لخرافات عفى عليها الدهر.
وحين تلغي المنظمة الحوثية المتطرفة قسم التاريخ والآثار واللغة العربية في جامعة صنعاء، وتعمل على تعميق فكرة تدريس " اللغة الفارسية “، فإن هذه التصرفات جزء من نهج حاقد لـ الحوثي الذي يستهدف الهوية اليمنية بكل تفاصيلها.
ولأن الحوثة المنبوذين دخلاء على المجتمع اليمني، فإنهم يريدون طمس الهوية اليمنية ونسف مقوماتها، ويظهرون عداءهم البين لها، كما أن الهوية اليمنية والاعتزاز بها وحمايتها، وتعزيزها في نفوس أبناء الشعب، يعتبر أكبر عمل ما يخيف الحوثي ويسقطه رويداً رويداً.
وضمن سياقات استهداف الدولة الداعمة للحوثي للهوية والأمن القومي العربي، أوكلت لعملائها في صنعاء مهمة استهداف الهوية في اليمن، لذلك يقوم الحوثي بإغراق الهوية وتاريخ اليمن العربي، بمستنقع تزوير كبير واستبدال الهوية بطقوس معينة وهوية فارسية مصطنعة.
ومع أن العرب كلهم يحافظون على هويتهم ويفخرون بانتمائهم لوطنهم العربي الكبير، إلاّ أن الحوثي الإرهابي ولأنه لا ينتمي لليمن، وأداة طيعة بيد دولة أجنبية معادية للعرب، ابتدع لنفسه هوية جديدة، وأنّى له ذلك، فاليمن أرض لن تكون إلاّ عربية شاء من شاء وأبى من أبى، هذا لسان حال اليمنيين كلهم.
ويصّدر الحوثي إلى الواجهة خارجياً، وجوهاً بقناع المدنية والتعايش، ولكنه يعمل بشكل ممنهج داخلياً لتجريف الحياة المدنية ونسف التعايش وتغيير الهوية بالوسائل كلها في التعليم والوظيفة والإعلام، فهو لا يسمح بصوت غير صوت الجماعة وشعاراتها ومنطقها الطائفي بالإرهاب والإرغام والتجويع.
ومن المهم أن نشير إلى مسألة في غاية الأهمية، فعلى الرغم من المحاولات الحوثية الحثيثة لطمس الهوية اليمنية وخلق هوية جديدة تابعة للمشروع الآخر، إلا أن تلك المحاولات تصطدم بوعي أبناء القبائل اليمنية وانتمائهم الأصيل للأرض اليمنية، الضاربة في أعماق التاريخ.
ويا حزناً على يمنٍ، تمر فيه المليشيا الحوثية على المناطق التي كانت تضج بالحياة والعمران ويتعايش أبناؤها بسلام، لتحيل المكان إلى بؤرة صراع وخراب وتترك أوجاعاً على مستوى الحياة، تستهدف أعراف القبيلة وعادات الناس وهويات المتعايشين.
وحين يقول حسين العزي الحوثي الإرهابي، أنهم استقطبوا 650 ألف طالب لمخيماتهم الطائفية، لكم أن تتصوروا أنه يتم حشو عقول الصغار وبكل هذه الأعداد بالكراهية والحقد على اليمنيين والعرب، بل ويتم تغيير عقيدتهم بحسب الطلب.
الجماهير اليمنية التي خرجت في صنعاء رافعةً علمي اليمن والسعودية، فرحة بفوز الأخضر على الأرجنتين لم تخرجها سلطة حاكمة، ولكنه الشعور الصادق بالانتماء والإخاء العربي، وهذا هو الصوت اليمني الحقيقي بعيداً عن تأثيرات كهنة الحوثة الطائفيين في اليمن، فاليمنيون والسعوديون كما كل العرب إخوة شاء من شاء وأبى من أبى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة