صراع الشارع الراغب في خلع السلطة مع الحكم الذي يريد فرض استمراره، فاتورته هي الأغلى والأصعب في تاريخ الشعوب
في حالات الصدام في الشوارع، أثناء حركات الاحتجاج، هناك منطقان لكل منهما فلسفته يحاول تسويق نفسه.
يحدث ذلك في ظل غياب لغة الحوار أو مبدأ التفاوض.
المنطق الأول منطق الجماهير المتظاهرة المحتجة على الأوضاع.
يرى هؤلاء أنهم أصحاب حق مطلق في التظاهر والاحتجاج بكل أشكال الرفض للأوضاع، بدءاً من التظاهرة السلمية الصغيرة إلى الاحتجاج الشعبي الذي يصل إلى حالة العصيان المدني الشامل الذي يؤدي إلى الشلل الكامل للبلاد والعباد.
ويرى أصحاب هذا المنطق أنهم عاشوا فترة ظلم وإهمال وتهميش جرَّاء الفساد والاستبداد، وأن ما يقومون به من احتجاج هو "رد فعل" طبيعي ومنطقي مضاد في الاتجاه مساوٍ لحجم المظالم التي وقعت عليهم.
ويرى أصحاب هذا المنطق أنه قد حان الوقت لتغيير أدوات هذا النظام، من سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، بعدما ثبت فشلها في توفير الحد الأدنى من الحقوق والخدمات الأساسية للمواطنين.
صراع الشارع الراغب في خلع السلطة مع الحكم الذي يريد فرض استمراره، فاتورته هي الأغلى والأصعب في تاريخ الشعوب.
في المقابل، هناك منطق سلطة الدولة التي تقول إن هناك حجم مشاكل متراكمة موروثة داخل المجتمع، وإنه من الظلم تحميل السلطات الحالية مسؤولية أخطاء وخطايا تاريخية قديمة.
وتقول السلطات إن غضب الجماهير في بعض القضايا محق تماماً، ولكن هناك أيضاً قوى "شريرة متآمرة" تحاول استغلال حقوقه المطلبية، وتُسخرها لأجندات خطرة وخارجية تهدف إلى إسقاط الحكم.
ويقول منطق السلطة إن هناك فارقاً جوهرياً بين حق الاحتجاج من أجل مظالم وحقوق وبين الدعوة إلى إسقاط النظام.
بمنطق السلطة، فإن الدعوة لإسقاط النظام هي دعوة إلى الفراغ السياسي المؤدي إلى الفوضى، وهي جزء من مشروع إسقاط الدولة الوطنية عبر تظاهر الجماهير الذي ظهر في أوكرانيا وهونج كونج ودول الربيع العربي، ويحدث ذلك الآن في لبنان والعراق والجزائر.
ويحذر هؤلاء من شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، لأن هذه الدعوة -كما يقولون- "ظاهرها بريء وباطنها شرير".
صراع الشارع الراغب في خلع السلطة مع الحكم الذي يريد فرض استمراره، فاتورته هي الأغلى والأصعب في تاريخ الشعوب.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة