"سقوط" دورينمات.. متاهة قصصية مترجمة إلى العربية

فردريش دورينمات واحد من أهم كتاب الأدب السويسري في العصر الحديث، كتب الكوميديا والتراجيديا، الروايات البوليسية والتمثيليات الإذاعية
فردريش دورينمات واحد من أهم كتّاب الدراما السويسرية في العصر الحديث، كتب الكوميديا والتراجيديا، والتراجي كوميدي، وكتب الروايات البوليسية، والتمثيليات الإذاعية. وهو الكاتب المسرحي السويسري الأوفر حظا والأكثر تقديما على خشبات المسرح المصري، منذ ستينيات القرن الماضي، وهو كذلك الأكثر ترجمة وتحليلا لأعماله ودراساته في المشهد المسرحي المصري.
عن دار الكتب خان بالقاهرة، صدرت المجموعة القصصية "سقوط" ل فريدريش دورنمات نقلها إلى العربية الكاتب والمترجم المصري المقيم بألمانيا سمير جريس. ويرى المترجم في مقدمته الضافية للقصص أن الكاتب السويسري فريدريش دورينمات (1921 – 1990) يحتل مكانة مرموقة في الأدب المعاصر الناطق بالألمانية، بل وفي الأدب العالمي كله. وليس من قبيل المبالغة أن نقول إنه أكثر أهميةً وعمقاً وإمتاعاً مِن بعض مَن نالوا جائزة نوبل. دورينمات أديب "كلاسيكي" كوني، يتناول في شكل شائق القضايا الكبرى التي شغلت الإنسان على مرّ العصور، حتى إذا كان ما يكتبه "ليس إلا" قصة بوليسية.
ويقول جريس إن دورينمات في أعماله يبتعد ابتعاداً تاماً عن السيرة الذاتية وعن التناول المباشر للأحداث التاريخية، وهو بذلك يختلف عن معظم أدباء جيله، سواء من موطنه سويسرا، مثل ماكس فريش، أو في ألمانيا، مثل غونتر غراس وهاينريش بُل وكريستينا فولف.
قصص هذه المجموعة تحتوي على كل ملامح أدب دورينمات النثري. في القصة الأولى يعود الكاتب إلى مسرحية "زيارة السيدة العجوز"، وهي المسرحية التي ارتبط اسمه بها طويلاً. وربما ظلت فكرة هذه المسرحية تشغله حتى وفاته، فكتب لها صياغات نثرية عدة، نُشرت آخرها عام 1990 تحت عنوان "الخسوف"، وهي الصياغة التي تضمها هذه المجموعة. في المسرحية تعود امرأة ثرية إلى قريتها لتنتقم من خطيبها السابق الذي تخلى عنها، أما في "الخسوف" فيرجع السيد العجوز إلى قريته ومسقط رأسه لينتقم من الجميع. يتناول دروينمات هنا، مرة أخرى، أحد موضوعاته الأثيرة متأملاً في ماهية العدالة، ومسلطاً الضوء على غرائز إنسانية أزلية، مثل الرغبة في الانتقام والتشفي، وكذلك النهم والطمع اللذان لا يعرفان شبعا.
وفي قصة "السقوط" (1971) يرسم دورينمات بورتريها بارعاً لمجموعة من المتعطشين إلى السلطة والمتشبثين بها، وهي مجموعة يسيطر عليها رعب فقدان السلطة. أما قصتة الكابوسية "حرب التبت الشتوية" فيُصور فيها نهايةَ العالم، أو العالمَ بعد نهايته، بعد الحرب العالمية الثالثة، الحرب الذرية التي ستبيد الجميع. وهي أمثولة عن الطبيعة البشرية وشهوة السلطة والقوة، والمتاهة البشرية التي نعيش فيها. الإنسان هنا ذئب بالنسبة إلى أخيه الإنسان وعدوه، وهو ضائع في "متاهة" السلطة الأبدية، نظرته محدودة بمنظور النفق الذي لا يجد مخرجاً منه، أما وسيلته الوحيدة لإثبات وجوده فهي القتل.
ويرى جريس أن دورينمات في هذا النص يقدم رؤيته لفترة الحرب الباردة، لكنه -كمعظم نصوص الأديب السويسري- نص متعدد الطبقات، يحتاج إلى أكثر من قراءة لكي يبصر القارئ طريقه في هذه المتاهة القصصية الجميلة".