نهاية عصر الانتعاش.. قطاع الرفاهية الفاخرة أمام اختبار اقتصادي حاسم

بعد سنوات من الازدهار غير المسبوق في أعقاب جائحة كوفيد-19، شهد قطاع السلع الفاخرة في عام 2024-2025 تباطؤاً ملحوظاً يعيد ضبط التوقعات على أرض الواقع.
وقد انتهت "نشوة ما بعد الجائحة" التي شهدت معدلات نمو مزدوجة الأرقام في مجموعات عملاقة مثل LVMH ريتشموند، ليحل محلها عام من التراجع الطفيف لكن الرمزي في دلالته.
من جانبها، قالت جويل دو مونغولفييه، نائبة رئيس قسم الاستهلاك والتوزيع والرفاهية في شركة Bain & Company:" بعد نهاية الوباء، شهدنا طفرة تصحيحية سريعة في 2021 و2022، لكننا كنا ندرك أن هذا الإيقاع غير مستدام بالنسبة لصناعة الرفاهية".
وفقًا لدراسة سنوية أعدّتها Bain & Company بالتعاون مع جمعية "التاجاما" الإيطالية، سجّل سوق السلع الفاخرة أول انخفاض له منذ 15 عامًا (باستثناء فترة الجائحة)، حيث تراجعت قيمة السوق من 369 مليار يورو (421.9 مليار دولار) إلى 363 مليار يورو (415.1 مليار دولار).
ورغم أن هذا التراجع يبدو طفيفًا مقارنة بالقفزة الهائلة التي حدثت بين 2021 و2022 (من 293 "335.1" إلى 354 مليار يورو "404.8 مليار دولار")، إلا أن رمزيته الاقتصادية كبيرة، بحسب مجلة " L'Usine nouvelle " الاقتصادية الفرنسية.
وأشارت مونغولفييه إلى أن جزءًا كبيرًا من هذا التراجع إلى تباطؤ السوق الصينية، التي انخفض فيها إنفاق المستهلكين على السلع الفاخرة بنسبة تتراوح بين 20% و22%.
لعبة الأسعار
لكن التباطؤ لم يأتِ فقط من الخارج، بل إن استراتيجية رفع الأسعار التي تبنتها العلامات الكبرى بهدف الحفاظ على هالة التميز الحصري ساهمت في إضعاف القاعدة الجماهيرية.
وقالت مونغولفييه: "بعد النمو السريع، بدأت بعض العلامات تخشى من أن يتحول منتجها إلى سلعة معتادة، فرفعت الأسعار بنسب وصلت إلى أكثر من 60% في بعض الحالات، متجاوزة نسب التضخم، من دون أن يُقابل ذلك تحسّن فعلي في الجودة أو الإبداع".
- مالي تعزز سيادتها التعدينية.. امتلاك 62% من مصفاة الذهب الوطنية
- أول منطقة اقتصادية رقمية بأكرا.. بصمات إماراتية في غانا
وأدت هذه "الاستراتيجية التصعيدية" كما تسميها مجموعات القطاع، إلى فقدان 50 مليون زبون خلال عامين، في حين احتاج السوق إلى ثماني سنوات لكسب 70 مليون زبون سابقًا. وفي المقابل، ارتفعت نسبة مساهمة كبار الأثرياء في المبيعات من 35% إلى 45%، ما يعكس تآكل قاعدة الزبائن "الطموحين"، أي أولئك الذين كانوا يشترون بشكل متقطع كنوع من المكافأة الذاتية.
وحذّرت مونغولفييه: "لا يمكن للقطاع أن يبني نموًا مستدامًا بالاعتماد فقط على الأكثر ثراءً. فقدان الفئة الوسطى والطموحة ينذر بعواقب استراتيجية على المدى الطويل".
المستقبل رهن السوقين الأمريكي والصيني
أمام هذا المشهد المشتعل، تتجه العلامات الفاخرة إلى استقطاب جمهور أكثر شبابًا من خلال الحملات الإعلانية الدقيقة ومنتجات الجمال ذات الأسعار المعقولة، غير أن أنظارها تتوجه بشكل أساسي إلى الولايات المتحدة.
وقالت مونغولفييه: "إن انتعاش صناعة الرفاهية في عام 2025 سيعتمد إلى حد كبير على تعافي السوقين الأمريكي والصيني". وقد بدأت بوادر التحسّن تظهر في الربع الرابع من 2024، بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات، إذ تشير مونغولفييه إلى أن: "كثيرًا من العائلات الميسورة في الولايات المتحدة رحّبت بعودة رئيس جمهوري، مما حفز الإنفاق الاستهلاكي الفاخر مجددًا".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODQg جزيرة ام اند امز