ذا ماسترز.. مانويل جوزيه الرجل الذي أثار جدلا

ذا ماسترز.. عن هؤلاء الأساتذة الذين اختلفوا عن نظرائهم في عالم كرة القدم فتركوا بصمة كبيرة ستخلد لسنوات..
عن هؤلاء الأساتذة الذين تركوا بصمة لأنهم اختلفوا عن نظرائهم وأسلافهم وخلفائهم، فشلوا في الكتابة التقليدية التي يعرفها الجميع لكنهم تركوا بصمتهم الاستثنائية والخاصة، بالطبع ليسوا مثاليين أو منزهين عن الخطأ، لكن يستحقون لقب "الأساتذة"، ومنهم البرتغالي مانويل جوزيه.
- حازم إمام يشبه مدرب الزمالك بمانويل جوزيه
- تقرير.. فايلر أحدث محاولات الأهلي المصري لاستنساخ مانويل جوزيه
حين جاء مانويل جوزيه إلى تدريب الأهلي المصري في صيف 2001 كان مختلفاً، حتى من الانطباعات الأولى للنتائج والتصريحات وتلك القصص الصحفية المسربة من داخل الأروقة.
مَن هو مانويل جوزيه؟
من مواليد 1946، لم يكن معروفا قبل القدوم لمصر، لعب لفريق بنفيكا البرتغالي، ومر بعدة تجارب برتغالية، وعندما اتجه للتدريب قاد فريقا مغمورا في بلاده، يسمى أسبنهو، وصعد به للدوري الممتاز، وصنع إنجازا مماثلا بقيادة جيومارش للدوري الأوروبي، كما قاد براجا البرتغالي، وكان أشهر الفرق التي دربها بنفيكا وسبورتنج لشبونة.
وعلى صعيد الإنجازات، لم يحقق جوزيه قبل الأهلي سوى لقب كأس البرتغال عام 1992 مع بوافيستا، ومع لشبونة تأهل لربع نهائي كأس الاتحاد الأوروبي.
بداية متناقضة
كان الانتصار على ريال مدريد غريباً واستثنائياً وإن بقي انتصاراً ودياً في النهاية، ثم الفوز على بترو أتلتيكو الأنجولي في ملعبه، بنتيجة كبيرة وبأداء ثابت، ثم الخسارة 2-0 في افتتاح الدوري ضد غزل السويس ثم الخسارة التاريخية 2-4 ضد بترو أتلتيكو في القاهرة، ليسجل أكبر خسارة في تاريخ الأهلي القاري بملعبه.
النتائج التي حققها جوزيه في فترة الولاية الأولى كانت خارجة عن المألوف سواء في إيجابياتها أو سلبياتها، مما جعل المدرب عن حق مثيراً للجدل.
- خاص.. الأهلي يفكر في إعادة مانويل جوزيه
- مانويل جوزيه يتصدر ذكريات أحمد بلال الرمضانية مع الأهلي المصري
إنجازات غائبة
الأهلي ظل منذ نهاية 1998، باستثناء لقاء الانسحاب الشهير في 1999، لا يفوز على الزمالك، حين قاده جوزيه في مايو 2002، لسحق منافسه بأكبر انتصار في تاريخه في القمة (6-1).
الأهلي بقي 14 عاماً لا يفوز ببطولة أفريقيا، والأندية المصرية فشلت في إحراز الكأس بمسماها الجديد الذي بدأ في نسخة 1997، ثم جاء جوزيه ليحقق ذلك.
عصر البطولات
تولى تدريب الأهلي 3 مرات في الفترة من 2001 وحتى 2011 وحصد معه أكثر من نصف بطولاته القارية، واستحوذ على البطولات المحلية، وقاد الفريق لإنجازات وأرقام قياسية غير مسبوقة.
ويكفي المدرب البرتغالي أنه قاد الفريق لكأس العالم للأندية 3 مرات، حصل في إحداها على الميدالية البرونزية، كما توج بدوري الأبطال 4 مرات، والسوبر الأفريقي 4 مرات، والدوري المحلي 6 مرات والسوبر المحلي 4 مرات والكأس المحلي مرتين.
تصريحات وتصرفات مثيرة
بعيداً عن تلك الأرقام الخاصة بالانتصارات والهزائم، فإن ما جعل جوزيه تلك الشخصية الاستثنائية هو روحه التي تعامل بها مع الفريق والإعلام والجماهير والحكام.
في فترة الولاية الأولى استمعنا لأول مرة عن حالة غضب تنتاب القائد هادي خشبة بسبب رفضه عصبية المدرب أو إهانته للاعبين عقب تخاذلهم في لقاء أسيك ميموزا في أبيدجان، بعيداً عن التعليق كان مشهداً غريباً، حين تعرف أن هذا المدرب هو الذي أغضب رمز الأخلاق في الفريق على مدار سنوات فيجب أن يثير هذا جدلاً سلبياً في الأغلب.
وصف جوزيه علاء إبراهيم بالمهاجم الطيب، لأنه يستسلم للمدافعين، مؤكداً أنه لاعب ذو إمكانيات عالية.
لكن ما يجعل جوزيه مثيراً بشكل أكبر للجدل هو تلك التصريحات التي لا يتقبلها الكثيرون، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة، بمعنى أصح، حين يكون الجدل ضد فعل يقوم به هو الصحيح.
تهكم جوزيه على جماهير الأهلي التي رفضت الفوز الصغير 2-1 على الزمالك في دوري أبطال أفريقيا 2005، لأن الزمالك كان عائدا لتوه من خسارة 0-5 من حرس الحدود، كان الجمهور يريد ليلة أكثر إثارة، عايرهم جوزيه بأنه الوحيد الذي هزم الأهلي معه الزمالك منذ سنوات، وكما يقول التاريخ إن الأهلي لم يهزم الزمالك على أرض الملعب منذ 1998 إلى 2010 إلا في عهد جوزيه رغم توافد 5 مدربين آخرين.
لكن أيضا كانت له تصرفات تجاه مشجعيه، حيث توسط ذات مرة للإفراج عن مشجع عقب مباراة، وتضامن مع آخرين، وهاجم أحيانا الإعلام الذي كان شرسا تجاه مجموعة المشجعين المعروفة حينها بـ"الأولتراس".
إشارة اليد غير اللائقة في لقاء أسيك في نسخة دوري أبطال أفريقيا 2006، والانفجار في وجه الحكم في لقاء حرس الحدود رغم أن فريقه كان متفوقا بنتيجة 4-0، تلك الإشارة التي تقول إن جوزيه كان يريد أن يبعث برسالة فحواها أنه لن يلجأ للشماعات التحكيمية عند الخسارة لكن سيطالب بحقه وهو فائز.
تأهيل نفسي
"أنتم تلعبون من أجل الفقراء، الذين تسعدهم كرة القدم، أنتم لستم علماء أو أطباء، أنتم لاعبو كرة قدم تحصلون على أموال طائلة"، هكذا حفز مانويل جوزيه لاعبيه قبل لقاء حاسم في دوري أبطال أفريقيا، يمكنك أن تفهم الكثير من تلك التصريحات.
إن فلسفة مانويل جوزيه في التحفيز هي أكبر الأمثلة على استثنائيته الخاصة في إدارة المباريات، وهي التي تمنحه لقب الشخص المثير للجدل، من جانب، وتجعل البعض يكرهه، أو تحديداً منافسيه، لكنها في الأساس هي سر عشق جماهير فريق الأهلي له.
عقب التعادل في ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا 2006، ذهب جوزيه إلى غرفة خلع ملابس لاعبي الصفاقسي التونسي يعبر عن مزيج من السخرية والسخط منهم للاحتفال بتحقيق اللقب، بالتعادل 1-1 في القاهرة، ليصرخ فيهم في لحظة تاريخية أن الأهلي سيهزمهم في عقر دارهم وسيعود من ملعب رادس بالأميرة الأفريقية.
حين روى مانويل جوزيه تلك القصة كان يؤكد أنه لم يكن يوجه حديثه للاعبي الصفاقسي ولكن للاعبي فريقه أولاً، الذين كانوا يجلسون في الغرفة المقابلة، في ملعب القاهرة الدولي، جوزيه كان يحفزهم بعد نتيجة مخيبة بتحدٍ تاريخي، وعودة لم تكن معتادة في تلك الفترة.
وحتى الأهلي حين كان يتوج ببطولة أفريقيا، فاللعب في ملاعب شمال أفريقيا لم يكن بالسهولة بمكان، التعادل 1-1 في الوقت الضائع مع الرجاء في 2005، تعادل سلبي في نهائي 2005 مع النجم الساحلي، حتى في 2007 تعادل الأهلي في ملعب النجم ذهاباً، وخسر في دور المجموعات 1-0 من الترجي التونسي.
وبما أن الأهلي في تلك الفترة الذهبية كان يمثل أقوى الفرق المصرية والأفريقية، فإن جوزيه كان يدرك جيداً أن تلك المجموعة التي يقودها لديها القدرة على تحويل هذا الشبح المتمثل في ملاعب شمال أفريقيا إلى وهم، وهو ما تحقق بالنهاية بإدارته للقاء النهائي.
في هذه الفترة، وأثناء تتويجه ملكا للقارة، قال مدرب الاتحاد السكندري، الذي تسلم لتوه مهام منصبه، إن فريقه، الذي كان يقبع في أحد المراكز المتأخرة بجدول الدوري، سيهزم الأهلي، ليقوم جوزيه بعرض التصريحات على لاعبيه، ويحفزهم للفوز 6-0 في ملعب الإسكندرية، وتتم إقالة المدرب بعد أول لقاء.
تلك المناوشات الصغيرة التي كانت تحدث من جوزيه في تعليقاته على مواجهات المحلة أو الإسماعيلي، والصعوبة التاريخية التي تحملها تلك الملاعب بغض النظر عن المستويات الفنية لفرقها، وطدت علاقة الأهلاوية بمانويل جوزيه بشكل جعل مجموعات منهم لا تقتنع بأي شخص جاء بعده لتدريب الفريق.
إن الأمر لم يكن متعلقاً فقط بحجم الألقاب والبطولات، ولم تهزه صرخات التشكيك التي كانت توجه ضده بتهمة جلب جميع النجوم للفريق، خاصة أن الأهلي كان على مدار تاريخه مثله مثل أي فريق كبير يحاول ضم أفضل العناصر.
العوامل الإنسانية التي حكمت علاقة مانويل جوزيه بنجوم الأهلي في تلك الفترة وحتى من دخلوا في خلافات شخصية معهم، سواء شادي محمد قائد الفريق بنهاية الولاية الثانية، أو عصام الحضري عند واقعة الهروب الشهيرة في 2008 إلى سيون السويسري، صداقته بمحمد بركات وربط كل ما قدمه هؤلاء من تألق في عهد جوزيه بشخصية المدرب نفسه، كل هذا رسخ العلاقة التي كانت تحكم المدرب البرتغالي بجماهيره.