مأساة «فتيات العنب» في مصر.. تفاصيل مصرع 19 عاملة على الطريق الإقليمي

لقي 19 شخصًا مصرعهم، غالبيتهم فتيات من العاملات باليومية، في حادث سير مروع على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية شمال مصر.
الحادث الذي هز مشاعر المصريين وأثار تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وقع عندما اصطدمت شاحنة نقل ثقيل بحافلة صغيرة (ميكروباص) كانت تقل الفتيات من قريتهن كفر السنابسة إلى مكان عملهن في إحدى مزارع العنب بدلتـا النيل، على بعد نحو 100 كيلومتر شمال القاهرة.
حادث فتيات المنوفية
وأظهرت التحريات الأولية أن الحادث نجم عن تصادم مباشر بسبب السرعة الزائدة، وأدى إلى تحطم المركبتين بالكامل، ومعظم الضحايا من الفتيات العاملات بأجر يومي لا يتجاوز 130 جنيهًا مصريًا، وأعمارهن تتراوح بين 14 و22 عامًا، وبعضهن المعيلات الوحيدات لأسرهن أو تركن التعليم لمساعدة عائلاتهن، كما توفي السائق الذي كان ينقلهن، وأصيب اثنان آخران من العمالة اليومية.
مشهد الوداع
وتوافد الآلاف من سكان قرية كفر السنابسة لتشييع جثامين الفتيات في جنازة جماعية مهيبة، وسط حالة من الذهول والانهيار بين أسر الضحايا، وارتفعت أصوات النحيب والبكاء في مشهد مؤثر، وأغلقت الأسواق والبيوت حدادًا، وتحولت القرية إلى ساحة عزاء مفتوحة.
وأثارت المأساة موجة حزن وغضب في الشارع المصري وعلى مواقع التواصل، حيث وصف كثيرون الضحايا بـ"شهيدات لقمة العيش" و"أطفال لقمة العيش"، وانتقد آخرون اضطرار الفتيات الصغيرات للعمل بدل الذهاب إلى المدارس، كما انتقد البعض غياب الرقابة على الطرق وتكرار الحوادث المميتة، وطالبوا بتشديد القوانين وتفعيل الرقابة على النقل البري.
تفاعل رسمي
وعلى الصعيد الرسمي، نعى وزير الأوقاف المصري الدكتور أسامة الأزهري الضحايا، مؤكدًا أن "الوعي المروري والالتزام بقواعد المرور من صميم مقاصد الشرع الحنيف"، ودعا إلى الالتزام بقواعد السلامة المرورية.
وقالت انتصار السيسي، قرينة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي: في تدوينة عبر "فيسبوك": "قلوبنا يعتصرها الألم على بناتي ضحايا حادث المنوفية الأليم، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، ولأسرهم الصبر والسلوان".
وأضافت: وجهتُ الهلال الأحمر المصري بسرعة تقديم الدعم النفسي والمادي لأهالي الضحايا ، إيمانًا بأن الدولة تقف دائمًا سندًا لأبنائها في الشدائد، وأن التكافل والتضامن هما قوتنا في مواجهة المحن.
كما أعرب شيخ الأزهر عن تعازيه، وطالب باتخاذ إجراءات للحد من تكرار مثل هذه الحوادث، وأعلنت وزارة التضامن الاجتماعي صرف تعويضات عاجلة لأسر الضحايا وتقديم الدعم النفسي والمادي لهم.
تطورات الحادث
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق الشاحنة المتسبب في الحادث بعد هروبه من مكان الواقعة، وفتحت النيابة العامة تحقيقًا عاجلًا، وانتدبت الطب الشرعي لمعاينة الجثامين واستجواب شهود العيان والناجين لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات.
وتشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نسبة عمالة الأطفال (5-17 سنة) الذين يمارسون أنشطة اقتصادية أو أعمال منزلية بلغت 4.9% عام 2021، مع ارتفاع النسبة في الريف وصعيد مصر.
وطالب نواب في البرلمان بسرعة تطوير وتأهيل الطريق الإقليمي وتفعيل الرقابة المرورية، مؤكدين أن "ما حدث ليس مجرد حادث عابر، بل نتيجة حتمية لتراكم الإهمال وغياب الرقابة"، كما شددوا على ضرورة مراجعة قوانين العمل وتوفير الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.