الذكاء الاصطناعي ومعضلة الاستدامة.. ثورة رقمية ببصمة كربونية متضخّمة

تزداد الحاجة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر استدامة.
في أبريل/نيسان 2025، رد "سام ألتمان"، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، على تغريدة عبر منصة إكس -تويتر سابقًا- بأنّ التعبير عن الاحترام لتشات جي بي تي (ChatGPT) بكلمات مثل: "شكرًا" أو "من فضلك"، قد كلف الشركة ملايين الدولارات؛ نتيجة استهلاك طاقة في الكهرباء. وهذا من شأنه أن يُطلق انبعاثات لغاز ثاني أكسيد الكربون، أحد أشهر الغازات المتسببة في الاحترار العالمي.
وفي هذا الصدد، أراد باحثان من جامعة ميونخ بألمانيا تقدير الانبعاثات الدفيئة الناتجة عن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، ووجدوا أنّ هناك بعض النماذج التي تنتج أضعاف كميات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بنماذج أخرى ذات دقة مماثلة. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "فرونتيرز إن كوميونيكاشن" (Frontiers in Communication) في 19 يونيو/حزيران 2025.
استعلام بمقابل
في كل مرة تستعلم فيها عن شيء من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مثل ChatGPT؛ فهذا يتطلب طاقة، وينتج كميات كبيرة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وتعتمد الانبعاثات على النموذج والموضوع والمستخدم.
للتوضيح، عند طرح أي سؤال على نماذج الذكاء الاصناعي؛ فإنها تُقدم إجابة تتضمن معلومات، ويستخدم النموذج رموزًا لإنتاج تلك المعلومات. تلك الرموز عبارة عن أجزاء من كلمات تُحوّل إلى سلسلة من الأرقام. وينتج عن هذا التحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. مع ذلك، لا يعرف الكثير من المستخدمين البصمة الكربونية المرتبطة بتلك التقنيات. وهذا ما عمل الباحثون على قياسه ومقارنة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في نماذج الذكاء الاصطناعي.
مقارنة
أراد الباحثون معرفة أي الإجابات تتسبب في انبعاثات أعلى، لذلك قرروا مقارنة 14 نموذجًا، ووجدوا أمّ الإجابات المعقدة القائمة على الاستدلال والتي تتطلب من الذكاء الاصطناعي فهم التفاصيل الدقيقة وإعطاء نصائح، تُطلق انبعاثات أعلى من ثاني أكسيد الكربون وتستهلك طاقة؛ إذ لاحظ الباحثون أنّ النماذج المدعمة بالاستدلال أنتجت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون أكثر بخمسين مرة من النماذج الموجزة البسيطة. وهذا يعني أنه كلما زاد تفكير الذكاء الاصطناعي، زادت كمية الكربون التي يُصدرها.
بالطبع أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، لكن من الواجب أخذ الاعتبارات البيئية والمناخية عند تطوير نماذجه؛ بحيث يصير أكثر استدامة بما يتوافق مع توجهات العالم؛ للحفاظ على صحة الكوكب.