بالصور.. "إصلاح جريء" في مصر لمواجهة تداعيات قرض صندوق النقد
"يا مصر.. بالإصلاح الجريء.. نقصّر الطريق" عبارة تنتشر في شوارع القاهرة ضمن حملة لتهيئة المصريين لتداعيات قرض صندوق النقد.
"يا مصر.. بالإصلاح الجريء.. نقصّر الطريق" عبارة تنتشر في شوارع القاهرة وبعض المدن يعلوها "نقدر قَوي.. نرشد استهلاكنا.. نقلل وارداتنا"، أو "نقدر قوي.. نزود صادراتنا.. نكبر مواردنا"، و"بالخوف والتشكيك بنطول الطريق"، و"الإيمان بإمكانياتنا يغير مستقبلنا"، وغيرها من العبارات التي بدى أنها لتخفيف حالة الغضب من بعض الناس بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي توصلت إليه مصر مع صندوق النقد، ودخل حيز التنفيذ، وإن لم يكن رسميًّا.
والجدل مستمر حول آليات تهيئة فئات المجتمع لقبول ما هو قادم، والذي أصبح في حكم الواقع، مع اقتراب تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتحريك أسعار العديد من السلع، بخلاف أسعار الكهرباء في شكلها الجديد، والاستعدادات للمرحلة الثانية من تحريك أسعار الوقود من بنزين وسولار وباقي مشتقات البترول، والتحرير التدريجي لسعر الصرف، بعد توقف شبه كامل لأنشطة شركات الصرافة.
التفسير المنطقي لعبارة "الإصلاح الجريء" من وجهة نظر المحللين أن الإصلاح ضرورة فرضتها الحاجة والتطورات القائمة بسبب الأزمات الاقتصادية المتلاحقة في البلاد، إلا أن المشكلة الرئيسية والتحدي الأهم هو كيفية امتصاص غضب الناس، وبدى واضحًا أن حملات "الإصلاح الجريء" في شوارع العاصمة المصرية ومدن أخرى، تأتي في سياق حملة علاقات عامة غير معلنة، لضرورة الدخول السريع في الإصلاح الاقتصادي، وإن كان الثمن صعبًا، والتداعيات صعبة ومؤلمة، وربما يصل بعضها إلى مستوى الجراحات وحركة المشرط بيد الجراح في جسم الإنسان.
وكالات الأنباء اتخذت من لافتات أو قل إعلانات "الإصلاح الجريء"، وترشيد الاستهلاك مدخلا لتحليلات صحفية، تشير إلى أن الحكومة تحاول من خلالها امتصاص غضب الناس، والحد من أية حالات احتقان متوقعة، خصوصًا مع التوسع في برامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، وما سيترتب عن إعادة توزيع الدعم، وصولا لمرحلة "اللادعم".
الدكتور محمد صفوت النحاس -أستاذ الإدارة في جامعة المنصورة- يرى أن إعلانات "الإصلاح الجريء" محاولة حكومية أو من أجهزة معاونة لتبرير الإصلاح الاقتصادي في مصر، والثمن المتوقع منه، خاصة على فئات المجتمع الأقل دخلاً، على أنه أمر حتمي الآن لمواجهة الأزمة الاقتصادية، والنقص في الموارد، والشح في النقد الأجنبي، والذي جاء بسبب توقف إنتاج مئات المصانع الصغيرة والمتوسطة، وربما الكبيرة، ومن ثم تراجعت الصادرات والتدفقات الاستثمارية، والنقد الأجنبي، وما نتج من تداعيات عن تراجع السياحة.
وأشار إلى أن الحملة فكرة جديدة في العلاقات العامة، والتي ربما لم يألفها الشارع المصري، وربما جاءت من مفهوم كلام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، "عندما تحدث عن الإصلاح الاقتصادي، والتأخر في تنفيذه، ولا مفر من تنفيذه، لأن التأجيل أخطر".
وحسب النحاس، "من المهم أن تكون هناك أمور واضحة في الجزء الغامض من الإصلاح، خصوصا ما يتعلق بالمدى الزمني له، وفي المقابل كيف سيتم تعويض الفقراء ومحدودي الدخل مما سيترتب عن هذا الإصلاح".
ويتفق الدكتور محمد حاتم قابيل في تفسير حملة إعلانات "الإصلاح الجريء" مع ما ذهبت إليه صحف عالمية مثل "واشنطن بوست" الأمريكية، في أن الحملة جزء من سياسة العلاقات العامة للحكومة المصرية التي تهدف "لتجهيز" المصريين لإصلاحات اقتصادية كبيرة، للحصول على قرض صندوق النقد البالغ قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، والحصول على تمويل إضافي من البنك الدولي، والذي تم بالفعل بواقع مليار دولار، بخلاف تمويلات من الإمارات والسعودية.
وكانت الصحفية الأمريكية قد ذكرت أن مصر ستجري عدة إجراءات إصلاحية، منها: "تعويم الجنيه، وفك ربط الجنيه المصري بالدولار جزئيًّا، ومحاربة السوق السوداء للدولار، وإلغاء الدعم على الوقود والسلع الأساسية".
ويشير دكتور قابيل إلى أنه وعلى الرغم من أنه له وجهة نظر في سياسة الحكومة الإقراضية، إلا أن قبول الناس في الشارع لهذه الإصلاحات تتطلب تهيئة حقيقية، والإعلانات ليست كافية في هذه المرحلة، وربما يكون لها دور شبيه بالعلاقات العامة، ولكن يبقى إقناع الناس بأهمية هذه الإصلاحات، ومردودها المستقبلي عليهم في شكل فرص عمل، وتخفيف الأعباء مستقبلا، وتحسين التعليم والخدمات العامة.
وكانت "واشنطن بوست" قد أشارت إلى أنه من المتوقع أن تشهد مصر ارتفاعًا في أسعار السلع والوقود وأسعار استهلاك الكهرباء المنزلية، ومن ثم عودة الاحتجاجات وزيادة الغضب الشعبي من حكومة المهندس شريف إسماعيل، وهو ما يرى الخبير الاقتصادي دكتور مختار الشريف أنه يتطلب شرحًا واضحًا للناس، دون استثناء والتوزيع العادل في الأعباء.
ولا يتفق مختار مع ما يراه البعض ووكالات أنباء من أن إعلانات حملة "الإصلاح الجريء" دليل خوف من جانب الحكومة من أن تؤدي نتائج الإصلاحات الاقتصادية إلى اضطرابات شعبية، موضحًا أن الحملة سعيٌ من الحكومة لحث الناس على تقبل خطط الإصلاح الاقتصادي، وما سينجم عنها، لأن الثمن البديل أخطر، بخلاف أن سياسة الترشيد وتحسين الإنتاج أمر سهل ويستطيع المصريين تنفيذه، ومواجهة كل محاولات التشكيك في قدرات المصريين.
وقال: يجب أن نلاحظ ما تحمله عبارات الحملة من مفاهيم مثل ""نقدر قوي" "نرشد استهلاكنا"، "نزود صادراتنا"، "الإيمان بإمكانياتنا يغير مستقبلنا"، و"الخوف والتشكيك بنطول الطريق".
ويشير محب الشيشيني -الباحث في منتدى الثقافة المصري- إلى ارتفاع الأسعار شيء متوقع من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، ولكن ربط الحملة بحالة خوف مسألة صعبة، ولكن المقبول أن تكون حملة علاقات عامة، وهو ما تتبعه العديد من دول العالم في حالات مماثلة لحالة مصر، أو في الإقدام على متغيرات اقتصادية، وهو ما قامت به تركيا وماليزيا عند تنفيذ برامجهم للإصلاح الاقتصادي، ويبقى بالنسبة بمصر أن يقتنع الناس بأن الثمن موزع على الجميع.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOC40MyA= جزيرة ام اند امز