مواجهات ثقيلة في الخرطوم والفاشر.. والعالم يتشبث بـ«ممر» الحياة
بلغة السلاح: لا صوت يعلو على أزيز الحرب في السودان، وبلغة الإنسانية يخترق صوت عابر للحدود ساحات المعركة ينشد الأمل لمن أصابه الألم
ويوما تلو آخر، تتسع رقعة المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة بالسودان، أحدثها تصاعد حدة القتال بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في الخرطوم والفاشر.
تطورات ميدانية قاتمة تزامنت مع مطالبات باستمرار فتح معبر رئيسي للمساعدات.
وأفادت مصادر عسكرية، "العين الإخبارية"، الأربعاء، باندلاع مواجهات واسعة بين قوات الجيش و"الدعم السريع" بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، في العاصمة الخرطوم.
ووفق المصادر ذاتها، شهدت المواجهات بين الطرفين، استخدام الطيران الحربي، والبراميل المتفجرة، والمدافع الثقيلة، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان في مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية.
المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، ذكرت أن أحياء "الرميلة"، و"اللاماب"، بالقرب من "سلاح المدرعات" جنوبي الخرطوم، شهدت انفجارات عنيفة إثر تبادل القصف العشوائي بين الطرفين.
في هذه الأثناء، أبلغ شهود عيان، عن سماع أصوات اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، إلى جانب قصف مدفعي بمنطقة "المقرن" وسط الخرطوم.
وتحدث شهود عيان مع مراسل "العين الإخبارية"، عن اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة يشهدها شارع المطار وأحياء "الرياض" و"المنشية"، شرقي الخرطوم.
الفاشر مجددا
إلى الغرب، أفادت مصادر عسكرية، "العين الإخبارية"، باندلاع مواجهات جديدة بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وتسعى قوات "الدعم السريع" للسيطرة على الفاشر لكونها آخر المدن في إقليم دارفور غير الخاضعة لسيطرتها، بعد أن سيطرت منذ أواخر العام الماضي على ولايات جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور.
ووفق المصادر العسكرية، فإن قوات "الدعم السريع"، حشدت قوات وعربات قتالية إضافية لاقتحام مدينة الفاشر والسيطرة على الأوضاع في المنطقة.
في المقابل، كثّف الجيش غاراته الجوية لعرقلة وصول "الدعم السريع"، إلى مفاصل المدينة، بحسب المصادر ذاتها.
وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا باتجاه الشمال الشرقي.
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
مسار الإغاثة
ومع ارتفاع معدلات الجوع والأزمة الإنسانية، دعت مجموعة "متحدون"، ليل الثلاثاء-الأربعاء، مجلس السيادة السوداني إلى جعل معبر "أدري" الرابط بين السودان وتشاد مفتوحا دائما لضمان استمرار تدفق الإغاثة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى عبور أكثر من 200 شاحنة محملة بالإمدادات، التي يستفيد منها 615 ألف شخص، بمن فيهم المعرضون لخطر المجاعة، وذلك منذ إعادة فتح معبر "أدري" في 15 أغسطس/ آب الماضي، إذ وافق مجلس السيادة في حينه على فتح المعبر لمدة ثلاثة أشهر.
وعقدت مجموعة "متحدون" التي تأسست في أغسطس/آب الماضي وتضم في عضويتها الولايات المتحدة ودولة الإمارات والسعودية ومصر وسويسرا والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، اجتماعا في العاشر من الشهر الجاري، ناقشت فيه تصاعد النزاع وتدهور الوضع الإنساني في السودان.
وقالت مجموعة "متحدون"، في بيان إنها "تدعو مجلس السيادة إلى تمديد فتح معبر أدري إلى أجل غير مسمى، لضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية."
وحثت المجموعة الأطراف المتحاربة على تسهيل استخدام مطار كادقلي بجنوب كردفان لتسهيل رحلات الإغاثة الإنسانية التي تنظمها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى.
واقترحت المجموعة أن تبدأ الرحلات من جنوب السودان إلى حين حل المشكلات الفنية الخاصة بالطيران في السودان، مع إنشاء آلية لفض الاشتباكات وإرسال الإخطارات بما يضمن سلامة وأمن الطائرات والأفراد المشاركين في إدارة العمليات الجوية.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.