حرب السودان.. احتدام القتال ومذابح «داعش» تطل برأسها
عاد أزيز المسيرات لـ"شندي" بولاية نهر النيل، وبالتحديد فوق الفرقة الثالثة مشاة، بالتزامن مع جرائم تصفية جماعية ارتكبتها كتيبة متطرفة.
وارتكبت كتيبة "البراء بن مالك" التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مجزرة جديدة، عبر تصفية أكثر 30 شخصا رميا بالرصاص، وهم من الشباب الناشطين في لجان المقاومة بمدينة بحري، بتهمة التعاون مع قوات "الدعم السريع".
وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمجموعة من كتيبة "البراء بن مالك" وهم يتجولون وسط الجثث المضرجة بالدماء.
ووفق نشطاء تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، فإن الشباب الذين تمت تصفيتهم رميا بالرصاص، يعملون تطوعا في خدمة المطابخ المركزية (التكايا) وسط الأحياء السكنية لمساعدة المواطنين العالقين داخل الأحياء منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/ نيسان 2023.
ووفق تقارير إعلامية، تشارك "كتائب الظل" التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي في الحرب المستمرة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل/ نيسان 2023، ما أدى إلى تعقيد الأزمة، ومقتل الآلاف ونزوح الملايين.
وكتيبة البراء بن مالك (المعروفة أيضا باسم لواء البراء بن مالك)، هي قوة ضمن القوات المسلحة السودانية ظهرت ضمن شبكة معقدة من المليشيات والفصائل المسلحة في السودان، وتعمل ضمن حركات المقاومة الشعبية.
بدورها، أدانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) واقعة التصفية الجماعية واعتبرتها إعداما خارج نطاق القانون، ودعت إلى "اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مرتكبيها وتقديمهم إلى المحكمة والتعامل الجاد معها بعيدا عن التسويف والمماطلة كما حدث في انتهاكات سابقة انتهت بوعود التحقيق دون وجود نتائج."
وفي مايو/ أيار الماضي، تداول النشطاء مقطع فيديو، زاعمين أنه لأفراد من الجيش السوداني، يذبحون مواطنا ويقطعون أشلاءه ويلوحون بالأحشاء في هياج هستيري.
وفي 17 فبراير/شباط الماضي، علَّق الجيش السوداني، على فيديو صادم آخر لجنوده وهم يحتفلون بقطع رأسي عنصرين من قوات "الدعم السريع"، إذ قال في بيان وقتها، إنه يجري تحقيقا حول ما وصفه بـ"المحتوى الصادم".
توسع القتال
من جانب آخر، يبدو أن المعارك المستمرة منذ أبريل/نيسان من العام الماضي، في طريقها إلى التوسع الأفقي والرأسي لتشمل الولايات الشمالية، في مسعى جديد من قوات "الدعم السريع" التي أعلنت مؤخرا وقف التفاوض والاستمرار في القتال بلا نهاية، بعد أن "لم يستجب الجيش لدعوات السلام".
وأفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، بأن قوات "الدعم السريع"، أطلقت اليوم الثلاثاء، 13 طائرات مسيرة باتجاه الفرقة الثالثة مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة "شندي" بولاية نهر النيل شمالي البلاد، بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، للمنطقة.
ووفق المصادر العسكرية، فإن المضادات الأرضية التابعة للفرقة الثالثة مشاة أسقطت المسيرات، دون وقوع خسائر في الأرواح.
المصادر مضت قائلة إن الأوضاع في مدينة شندي "هادئة حاليا، لكن الخوف والهلع يسيطر على المدنيين جراء سماع أصوات الطائرات والمضادات الأرضية".
ولم تتلق "العين الإخبارية" تعليق فوري من الجيش السوداني، أو قوات "الدعم السريع"، حول المواجهات العسكرية بمدينة شندي، أو عملية التصفية الجماعية في بحري.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، استهدفت 4 طائرات مسيرة، الفرقة الثالثة مشاة والمهبط الجوي الملحق بالمنطقة العسكرية، بمدينة شندي.
ومؤخرا، أعلن المتحدث باسم وفد التفاوض لقوات الدعم السريع، محمد المختار النور، عزمهم إنهاء النزاع القائم عسكريا، وهدد بإشعال الحرب على نحو أكثر ضراوة.
المختار قال في تصريحات متلفزة: "كنا نريد السلام، لكن طالما أرادوها حربا، فنحن لها ولا تفاوض بعد اليوم، لأننا سنكون في ميدان القتال."
عن المدينة
وتعتبر شندي إحدى أكبر المدن بولاية نهر النيل شمالي البلاد، وتحتضن آلاف النازحين الفارين من جحيم الحرب في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة (وسط) البلاد.
وتقع مدينة شندي في ولاية نهر النيل بالسودان على ارتفاع 360 متر (1181 قدم) فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 150 كيلومتر (93 ميل) في اتجاه الشمال الشرقي، و45 كيلومتر (27.9 ميلا) من موقع آثار مروي القديمة.
كما تعتبر واحدة من أهم المدن الواقعة في شمال السودان من حيث موقعها الرابط بين شمال وشمال شرق السودان بالعاصمة في وسط السودان، وقربها من التجمعات الحضرية في شمال وشمال شرق السودان، ومن حيث تاريخها التجاري والسياسي القديم والمعاصر.
ولمدينة شندي تاريخا حافلا بالأحداث، كان لموقعها الذي يتوسط عدة مناطق جغرافية وكيانات قبلية، دورا سياسيا وتجاريا كبيرا، حيث تقع المدينة بالقرب من مواقع الحضارات السودانية القديمة ومن بينها حضارة مروي (آثار النقعة والمصوّرات).
وكانت ملتقى طرق تجارية أهمها الطريق التجارية المؤدية إلى شبه الجزيرة العربية والهند والشرق الأقصى عبر سواكن، وطريق النيل المتجه نحو مصر في الشمال، والطريق الجنوبية نحو الحبشة عبر البطانة وسنار إلى غوندار. والطريق القادمة من كردفان ودارفور.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.