حرب أوكرانيا تعدل حسابات النمو الاقتصادي في أوروبا
ألقت الحرب على أوكرانيا بظلال على النمو الاقتصادي خاصة في أوروبا، الأمر الذي دفع العديد من الدول لمراجعة حساباتها.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، اليوم الأحد، إن بلاده ستسعى للحصول على مزيد من الوضوح بشأن آثار الغزو الروسي لأوكرانيا قبل تعديل توقعاتها للنمو الاقتصادي.
ووفقا لوكالة أنباء "بلومبرج"، قال الوزير الفرنسي لشبكة "إل سي آي-لو فيجارو-آر تي إل": "بالطبع سنعدل توقعاتنا للنمو".
وقال: "سنضطر إلى تعديل أرقام النمو عندما يحين الوقت المناسب. هناك عدم يقين كبير للغاية الآن للقيام بذلك بطريقة جدية".
كان البنك المركزي الفرنسي، ذكر في وقت سابق هذا الشهر أن الحرب تؤثر بالفعل على الاقتصاد. وبدلا من نشر توقعاته الاقتصادية الدورية، اتخذ البنك خطوة غير مسبوقة بعرض سيناريوهين جراء حالة عدم اليقين الحالية.
جاء ذلك في الوقت الذي خفض المعهد الألماني للاقتصاد العالمي (أي إف دابليو) توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2022 إلى النصف تقريبا في ظل الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأعلن المعهد أن الاقتصاديين يتوقعون حاليا نمو الاقتصاد الألماني بنسبة 2.1% فقط في العام الجاري.
يذكر أن المعهد كان قد خفض توقعاته من قبل بالفعل في ديسمبر/كانون الأول الماضي من 5.1% إلى 4 % في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد واستمرار الاختناقات في سلاسل التوريد.
وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة المتزايد منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، توقع الاقتصاديون أيضا أن يبلغ معدل التضخم 5.8%، وهي أعلى نسبة تضخم منذ إعادة توحيد ألمانيا منذ أكثر من 30 عاما.
وكتب المعهد الألماني للاقتصاد العالم في توقعاته أيضا: "صدمة (الحرب) في أوكرانيا ستؤخر العودة إلى مستويات ما قبل كورونا".
وبحسب منظور المعهد، من الممكن تعويض جزء من الإنتاج المفقود في عام 2023، حيث أنه من المتوقع الآن أن يبلغ معدل النمو في العام القادم حوالي 3.5%.
اضطرابات اقتصادية
ووفقا لحسابات المعهد، تبلغ تكلفة الاضطرابات الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية في أوكرانيا نحو 90 مليار يورو من إجمالي الأداء الاقتصادي في ألمانيا في العامين الحالي والقادم.
يشار إلى أن الاقتصاد الألماني، الذي يعد أكبر اقتصادات أوروبا ، تقلص في العام الأول لتفشي فيروس كورونا المستجد بنسبة 4.6%. وبلغ النمو الاقتصادي العام الماضي 2.9% فقط.
بريطانيا
ومن جانبه قال بنك إنجلترا المركزي،إنه يتوقع ارتفاع أسعار المستهلك في بريطانيا نتيجة مخاطر الحرب الأوكرانية على سلاسل الإمداد ونقص العمالة، مما أدى إلى زيادة ضغوط النفقات على الشركات.
وذكر البنك في تقرير الممثلين الإقليميين للبنك المركزي، نشر الخميس الماضي إن الصراع الأوكراني يخفض توقعات النمو، في ظل تزايد ضغوط ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج على الشركات وهو ما سيؤدي "إلى تضخيم النقص في بعض السلع".
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن تقرير بنك إنجلترا المركزي، القول إن "صعوبات الحصول على العمالة المطلوبة تتزايد، ومن المتوقع استمرار النقص في سوق العمل خلال العام الحالي". ونتيجة لذلك تقول الشركات إنها تخطط "لزيادة الأسعار لحماية أو تحقيق هامش أرباحها التي ظلت أقل من الطبيعي في المتوسط".
الأسعار
وتعتزم سلاسل متاجر الملابس في بريطانيا زيادة أسعارها بنسبة 5% خلال الصيف المقبل، ومتاجر الأجهزة الإلكترونية بنسبة 7% بحسب تقرير البنك.
ومن المتوقع أن تؤدي الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الخام لفترة أطول.
كما تتوقع الشركات ارتفاع أجور العمالة بنسبة تتراوح بين 4 و6% خلال العام الحالي بعد ارتفاعها بما بين 2.5% و 3.5% خلال العام الماضي. وستكون هذه الزيادة الأكبر منذ 2007.
وفي ظل الحرب الدائرة، تتصاعد بشدة مخاطر حدوث ركود تضخمي في العالم، حيث شهدت أسعار السلع والمعادن والطاقة والحبوب ارتفاعات قياسية وسط تراجع آفاق نمو الاقتصادات العالمية.
ويتوقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا NIESR أن الحرب في أوكرانيا قد تضيف 3 نقاط مئوية إلى التضخم العالمي المُتفاقم بالفعل، بينما قد تمحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا العام.
ستضيف تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا أعباءً أخرى أمام الاقتصاد العالمي، خاصة مع تزايد أعداد اللاجئين الأوكرانيين للدول الأوروبية المجاورة، والتوقعات بزيادة حجم الإنفاق العسكري خاصة لدول أوروبا.
بدورها أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد أن صناع السياسة يدركون تطورات الأوضاع الجديدة ويعملون على زيادة الخيارات المتاحة، وشددت على التزام البنك بالتحرك بشكل تدريجي ومرن من أجل تنفيذ مهمته الخاصة بالحفاظ على استقرار الأسعار.
وأقرت لاجارد، في خطاب ألقته في فرانكفورت، بأن الحرب قد تتسبب في موجة تضخمية جديدة.
ونقلت وكالة "بلومبرج" للأنباء عنها القول :"ندرك المخاطر، ومستعدون لمراجعة خطتنا إذا ما أظهرت البيانات الواردة الحاجة لذلك".
وأضافت :"إننا على ثقة بأن ديناميكيات التضخم على المدى المتوسط لن تعود للنمط الذي رأيناه قبل الجائحة، ولكننا بحاجة إلى إدارة صدمةٍ ستؤدي على المدى القصير لرفع التضخم وإبطاء النمو".
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز