العالم يحارب كورونا بفلسفة جوارديولا و"كاتيناتشو" إيطاليا
قبل بضعة أيام طالب تيدروس أدانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بتغيير طريقة التعامل مع فيروس كورونا.
قبل بضعة أيام طالب تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بتغيير طريقة التعامل مع فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19" للقضاء عليه، مشيراً إلى أن العالم اعتمد سابقاً على طريقة الدفاع فقط لمنع الفيروس من التوغل والاختراق، لكن الآن يجب أن تتغير الطريقة إلى الهجوم.
"الهجوم أفضل وسيلة للدفاع" نهج سلوكي يتبعه الكثيرون في شتى المجالات، لا سيما في عالم كرة القدم، التي تعتبر تلك الجملة من الأقوال المأثورة فيه منذ وقت طويل، وكان الفيلسوف الإسباني بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي آخر من حرص على انتهاجها في السنوات الأخيرة.
بيب كرر تلك الجملة في تصريحاته خلال المؤتمرات الصحفية، وطبقها ضمن فلسفته وخططه في أرض الملعب، حيث لا يكترث كثيراً بوضع الخطط الدفاعية بقدر اهتمامه بمحاصرة الخصم ومنعه من الهجوم عليه عن طريق مبادرته بالهجوم.
سلاح إيطالي مفقود
بالعودة لأصل طريقة الهجوم عوضاً عن الدفاع من أجل النجاة نجد أن مؤسسها هو المفكر والفيلسوف الإيطالي نيكولا ميكافيلي في القرنين الـ15 والـ16، الذي تعتبر بلاده اليوم أكثر بقاع العالم تألماً من هجمات كورونا، حيث افتقدت هذا السلاح في مواجهتها للفيروس اللعين، بعدما اكتفت بفلسفة الدفاع فقط.
ميكافيلي أسس مبدأه قبل أكثر من 500 عام، لكن بلاده فشلت في الاستفادة منه، قبل أن يعيد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية اعتماد الأسلوب الإيطالي القديم في الهجوم على الفيروس، ولفت أنظار العالم إلى ضرورة اعتماد تلك الطريقة في مواجهته.
الكاتيناتشو تقود إيطاليا للهاوية
قبل أن توقف جائحة كورونا كل أشكال الحياة الطبيعية في إيطاليا ومن بينها كرة القدم، كانت بلاد البيتزا أيضاً تعرف بأسلوبها المميز في اللعبة الأشهر عالمياً، وهو أسلوب "الكاتيناشتو" أو المزلاج، بالحرص على الدفاع أولاً وأخيراً، وهو عكس فلسفة ميكافيلي تماماً التي ورثها جوارديولا في ملاعب الكرة.
اعتمد أسلوب "الكاتيناتشو" في الكرة الإيطالية على الدفاع فقط في مواجهة الخصوم، بإغلاق كل منافذ الاختراق أمامهم، ثم مباغتتهم على فترات متباعدة لتحقيق الانتصار، وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعته إيطاليا حالياً لمواجهة كورونا.
اعتمدت إيطاليا على إغلاق حدود البلاد بالكامل وتحويلها إلى منطقة عزل طبي في محاولة لمنع كورونا من اختراق أجساد المزيد من الشعب الإيطالي الذي يكافح عدواً غير مرئي ضرب الآلاف من أبنائه، لكنها لم تطبق الشق الثاني من الطريق عبر القيام ببعض الهجمات على الخصم.
كورونا يعتمد طريقة جوارديولا
ربما لم يفطن مدير عام منظمة الصحة العالمية إلى أن كورونا بالفعل يعتمد على فلسفة جوارديولا الموروثة عن الهولندي الطائر يوهان كرويف، وهي السيطرة والاستحواذ والانتشار والتوغل.
كورونا يتفشى كلما أتيحت له الفرصة، ويتوغل ويستحوذ على أكبر عدد من أجساد البشر ليحولها إلى بيئة تساعده على العيش لفترة أطول، حتى إنه ضرب نحو 40 ألف شخص في مباراة أتالانتا الإيطالي وفالنسيا الإسباني بدوري أبطال أوروبا، والتي وصفت بعد ذلك بالقنبلة البيولوجية الموقوتة التي فجرت الوباء في الدولتين.
لكن مدير عام منظمة الصحة العالمية كان يقصد ضرورة أن يتخلى العالم عن فلسفته الدفاعية أمام كورونا، ومباغتته بالهجوم عليه، وذلك بعدم انتظار ظهور الإصابات بالفيروس، وإنما تشكيل فرق فحص مبكر لكل المخالطين للمصابين، وتطهير الأماكن التي يمكن أن يوجد بها الفيروس للقضاء عليه مبكراً.
اللعب بأكثر من طريقة
في المباراة الواحدة قد يقوم المدرب باللعب بأكثر من طريقة، فالألماني يورجن كلوب مدرب ليفربول الإنجليزي كلما واجه بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي، يضغط للهجوم في البداية حتى يسجل، ثم يتراجع لصد أمواج السماوي الهجومية العاتية.
وهذا ما يُنصح به في الوقت الحالي طبياً بعد أن وصل تفشي كورونا لمرحلته الثانية والثالثة في أغلب دول العالم، فمواجهته الآن تتم بطريقتين، الأولى طريقة "كاتيناتشو" بالتراجع للدفاع والجلوس في المنازل، ويُمثل خط الدفاع هنا كل شعوب العالم.
وبينما تُدافع الشعوب ضد الفيروس الكابوسي، تنخرط الفرق الطبية وكتائب تقصي الحقائق، ومجموعات التطهير والتعقيم لمهاجمة كورونا في عُقر داره، وربما في ذلك أكبر مثال على أن الجمود الفكري والاعتماد على طريقة واحدة فقط يأتي بالخسائر لا محالة.
وهذا ما تعلمه جوارديولا في الدوري الإنجليزي، حيث بدأ يتخلى جزئياً في بعض الحالات عن الهجوم الكاسح، ويُدافع في بعض الأحيان مثلما فعل مع ليفربول في أنفيلد الموسم الماضي في البريمييرليج، وتعادل سلبياً، أو كما فعل في آخر مواجهات السيتي في دوري الأبطال ضد ريال مدريد الإسباني، خاصة في الشوط الأول ليفوز في النهاية 2-1.
فهل تساعد أفكار وخطط كرة القدم منظمة الصحة العالمية في معرفة كيفية مواجهة فيروس كورونا من أجل القضاء عليه ووضع حد للكابوس الذي أجبر العالم على إيقاف كل شيء حتى يختفي إلى الأبد؟!
aXA6IDMuMTQ3LjQ4LjEwNSA= جزيرة ام اند امز