3 أزمات ساخنة تضرب أفريقيا.. استشراف مقلق لغيوم 2022
رافقت صراعات وحروب أهلية قديمة قارة أفريقيا إلى عام 2022، لتصيغ تهديدات قديمة جديدة للقارة السمراء لا يمكن فصلها عن ماض صعب.
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير صندوق السلام، وهو مؤسسة فكرية أمريكية، أن 11 دولة أفريقية تقع بين الدول الـ 15 الأكثر هشاشة في العالم.
وتشمل هذه البلدان، تلك التي تعاني عدم الاستقرار المزمن مثل دولة جنوب السودان، التي تعاني حالة حرب أهلية منذ حصولها على الاستقلال عام 2011، وأفريقيا الوسطى التي تعتمد إلى حد كبير على قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
كما تضم قائمة البلدان الأفريقية الهشة، الصومال، حيث يسيطر مسلحو حركة "الشباب" الإرهابية المرتبطة بتنظيم "القاعدة" على معظم المناطق الريفية وتتعرض جهود بناء الدولة الوطنية لخطر الانهيار والانزلاق لخطر الحرب الأهلية.
وبالإضافة إلى ذلك، تثير منطقة الساحل والصحراء كثيرا من القلق، خاصة ما يرتبط بها من مخاوف تمدد الجماعات الإرهابية من مالي إلى البلدان المجاورة مثل النيجر وبوركينا فاسو، لا سيما مع تفكير فرنسا في تقليص قواتها بالمنطقة، وفق تقرير لمركز المستقبل للدراسات الذي يتخذ من أبوظبي مقرا له.
وبعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها مالي وتشاد وغينيا، لا تزال التوقعات في منطقة الساحل بالغة القتامة لهذه المنطقة فيما يتعلق باستقرار الأنظمة الحاكمة.
وحدد تقرير مركز المستقبل ٣ مسارات حاكمة للتهديدات الأمنية في القارة الأفريقية في 2022:
1- تداعيات الحرب الأهلية الإثيوبية:
يرى التقرير الذي أعده الباحث حمدي عبدالرحمن، أن الحرب الأهلية في إثيوبيا ستكون مصدراً رئيسياً للتوتر في أحد الاقتصادات الواعدة في أفريقيا وعبر منطقة القرن الأفريقي الأوسع نطاقاً في عام 2022.
وحذر التقرير من أن الحرب الأهلية الإثيوبية ستحمل تداعيات وخيمة في حالة عدم تسويتها، فضلا عن تصاعد التوتر وتدهور العلاقات بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم حول سد النهضة الإثيوبي.
2- أزمات منطقة الساحل الكبرى:
الباحث حمدي عبدالرحمن، رجح في تقريره استمرار الأزمة الإنسانية والأمنية التي تجتاح منطقة الساحل في غرب وشمال ووسط أفريقيا في التفاقم، مع تزايد العنف العرقي والصراعات السياسية والمجتمعية.
وتشمل النقاط الأمنية الساخنة؛ الحروب الأهلية في ليبيا والصومال، وأزمة الناطقين بالإنجليزية في منطقتين غربيتين من الكاميرون، والصراع القائم على الموارد الطبيعية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفق التقرير.
من جهة أخرى، دخلت جمهورية أفريقيا الوسطى دوامة الصراع العنيف منذ عدة سنوات، وتشير التطورات إلى أنها لا تزال عالقة في دائرة مستعصية من العنف في ظل معوقات تحيط بالحوار السياسي بالبلاد، وفق التقرير.
كما ستكون جنوب السودان بؤرة صراع آخر يجب مراقبته مع دخول العام الأخير من تنفيذ اتفاقية 2018 المُعاد تفعيلها بشأن حل النزاع، فعلى الرغم من التقدم، فإنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لإنهاء الانتقال السياسي.
ووفق التقرير، من المرجح أن يؤدي الصراع في منطقة الساحل وأجزاء أخرى من أفريقيا إلى تفاقم القضايا المحيطة بالأمن المائي والغذائي والبطالة والفقر والجريمة المنظمة والقمع والنازحين داخلياً.
3- التمدد الإرهابي في أفريقيا:
منذ خسارة تنظيم داعش دولة خلافته في سوريا والعراق، أضحت أفريقيا بؤرة جديدة ساخنة للحرب ضد الإرهاب.
وعلى الرغم من أن التطرف العنيف ليس جديداً في القارة، فإن أحداث العنف المرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة تصاعدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إذ تكافح الدول الهشة ضد الفصائل المسلحة الإرهابية في الفضاءات الشاسعة غير الآمنة، وفق مركز المستقبل.
وفي العام الماضي خسرت بوكو حرام مساحات شاسعة من شمال شرق نيجيريا، وتفككت الحركة بعد مقتل زعيمها أبوبكر شيكاو. لكن الجماعات المنشقة لا تزال تسبب خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات حول بحيرة تشاد.
أما في شرق أفريقيا، فلا تزال حركة الشباب تسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية في جنوب الصومال، بل إنها تدير محاكم شرعية وتجمع الضرائب عنوة من أهالي تلك المناطق، وتشن أحياناً هجمات إرهابية في البلدان المجاورة مثل كينيا.
فيما تمثل مناطق شمال موزمبيق وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الجبهة الجهادية العنيفة الأحدث وهي أيضاً مقلقة، حيث صعّد المتمردون الذين يطالبون بإقامة ولاية جديدة لتنظيم داعش في منطقة كابو ديلجادو في موزمبيق هجماتهم على قوات الأمن والمدنيين.
وفي الصومال والساحل، قد يكون انسحاب القوات الغربية حاسماً، فإذا تراجعت الجهود الأجنبية، فإن ديناميكيات ساحة المعركة ستتحول بلا شك، وربما بشكل حاسم، لصالح الجماعات الإرهابية..
وفي الصومال على سبيل المثال، يمكن أن يتكرر السيناريو الأفغاني، حيث تقوم حركة الشباب بالاستيلاء على السلطة في مقديشو مثلما فعلت طالبان في كابول.
وكتب عبدالرحمن في نهاية تقريره "تتطلب هذه التحديات العديدة التي تواجه أفريقيا استجابات إقليمية وقارية متضافرة، وعلى الرغم من وجود العديد من الآليات، فإن تنفيذها يعتمد إلى حد كبير على إرادة الدول ووسائلها الخاصة من دون الركون تماماً إلى قرارات خارجية".