حصان أبيض قد يقود نجم «تيك توك» لقصر الرئاسة برومانيا.. كيف ذلك؟
من نجم على موقع التواصل الاجتماعي «تيك توك»، إلى فائز بالجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية برومانيا، تحول مثير قد يقود كالين جورجيسكو إلى قصر الرئاسة في البلد الأوروبي.
فالسياسي الذي ينتمي إلى أقصى اليمين والمؤيد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفاز بشكل مفاجئ في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا يوم الأحد، انتشرت له مؤخرًا مقاطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «تيك توك»، تصوره كشخصية مناهضة للمؤسسة تركب الخيل وتمارس الفنون القتالية.
وكان كالين جورجيسكو، 62 عامًا، العضو الفخري السابق في حزب AUR القومي المتطرف، قد ترشح كمستقل، إلا أن استطلاعات الرأي أعطته أقل من 10% من نوايا التصويت في بادئ الأمر، ليفاجئ الجميع بحصوله على 22,59%، في مقابل 19,55% لمنافسته.
ماذا يعني الفوز؟
قال المحلل والمؤرخ الروماني إيون إم إيونيتا: «إنه انتصار لتيك توك. لست بحاجة إلى حفل. كل ما تحتاجه هو أن يصبح هذا الفيديو مشهورًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد انتشر هذا الفيديو على نطاق واسع بالتأكيد».
وأشار إيونيتا إلى أنه في ظل كفاح الأحزاب الرئيسية للحفاظ على مصداقيتها بعد سنوات من الفضائح والضائقة الاقتصادية، فإن «الناخبين أصبحوا عرضة لرسائل لا علاقة لها بالواقع».
وقال جورجيسكو، الذي يتبنى آراء دينية محافظة للغاية تروق للناخبين من المناطق الريفية والشباب على حد سواء، إنه أنفق «صفر» أموال على حملته الانتخابية، لكنه «وضع ثقته في الله وتمكن من الفوز بحوالي 23% من الأصوات».
وزعم أن مصالح تجارية أجنبية تستغل رومانيا وتجبرها على استيراد الغذاء، في حين أن ثرواتها من المفترض أن تسمح لها بتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وبما أن أي مرشح لم يحصل على نسبة 50% من الأصوات، فسوف يواجه جورجيسكو زعيمة الحزب الليبرالي إيلينا لاسكوني في جولة الإعادة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وفي الأسبوع الماضي، حثت الهيئة الانتخابية في رومانيا جورجيسكو على حذف مقاطع الفيديو التي كان من الواضح أنها كانت مخصصة لإعلانات الحملة، لكن لم يتم تصنيفها على هذا النحو. وفي حين اتبع حسابه الرسمي على «تيك توك» نفس النهج، استمرت العديد من حسابات المعجبين في نشر مقاطع الفيديو الخاصة بحملته.
وتقول صحيفة «فايننشال تايمز»، إن نجاح جورجيسكو يعد أحدث إشارة على كيفية اكتساب الشعبوية على غرار ترامب أرضية في أوروبا، مشيرًا إلى أنه يمثل تحولا كبيرا في المواقف الرومانية تجاه روسيا وحربها في أوكرانيا.
وأيد أكثر من ثلث الناخبين في رومانيا المرشحين المشككين في أوكرانيا والمعادين لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي - عندما أضيفت أصوات جورجيسكو إلى الأصوات التي أدلي بها لصالح زعيم تحالف الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية جورج سيميون، الذي يعتقد خبراء استطلاعات الرأي أنه المرشح القومي المتطرف المفضل.
وانتقد جورجيسكو عضوية رومانيا في حلف شمال الأطلسي والقواعد العسكرية على أراضيها، بما في ذلك نشر أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية، مشيرا إلى أن هذا يمثل مواجهة تجاه روسيا في وقت كانت فيه الحرب دائرة في أوكرانيا المجاورة.
مواقفه تجاه روسيا
وفي عام 2022، وبعد أيام قليلة من إصدار فلاديمير بوتين الأمر بشن عملية عسكرية في أوكرانيا، قال جورجيسكو إن الرئيس الروسي «رجل يحب بلاده». ومؤخرا دعا إلى إنهاء الحرب على الفور، وهو الخط الذي تبناه الكرملين والذي قالت كييف وحلفاؤها الغربيون إنه من شأنه أن يرقى إلى استسلام أوكرانيا.
وذكرت وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية، أن جورجيسكو دعا إلى التحالف مع روسيا. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن موسكو ليست على دراية بموقف جورجيسكو بشأن العلاقات مع روسيا، ولن تتنبأ بنتيجة الانتخابات الرئاسية.
وقال سيغفريد موريسان عضو البرلمان الأوروبي من يمين الوسط: «إن كالين جورجيسكو، المرشح الموالي لروسيا والمعجب ببوتين ويقوض شرعية أوكرانيا، سيكون خيارا خطيرا بالنسبة لرومانيا خاصة في ظل الحرب على حدودنا».
وأوضح أن النتيجة كانت جزءًا من «حرب روسيا الهجينة ضد الديمقراطية الأوروبية»، مشيرًا إلى أن الرئيسة المؤيدة للاتحاد الأوروبي مايا ساندو فازت بصعوبة في مولدوفا المجاورة الشهر الماضي وسط حملة نفوذ ضخمة من موسكو. وأضاف: «الآن يجب على الرومانيين أن يفعلوا الشيء نفسه» في جولة الإعادة.
هل سيكون فوزه في صالح روسيا؟
ولم تفتح السلطات الرومانية أي تحقيقات في التدخل الروسي، لكن وجود رئيس مؤيد لموسكو في دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي سيكون في مصلحة روسيا، بحسب رادو ماجدين، وهو مستشار سياسي مقيم في بوخارست.
وقال «إنها لحظة حرجة بالنسبة لروسيا. فقد عادوا إلى بوخارست بسبب دورهم الموالي للغرب في الآونة الأخيرة».
وقدمت رومانيا معدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة تزيد عن مليار يورو، بما في ذلك نظام دفاع جوي بالغ الأهمية، وتستضيف قاعدة جوية أمريكية بالقرب من ساحل البحر الأسود.
وفي حالة فوزه، سيتولى جورجيسكو المنصب الأكثر قوة في رومانيا، حيث يشرف على الشؤون العسكرية والعلاقات الخارجية. وسيكون له الحق في ترشيح رئيس الوزراء وإجراء محادثات الائتلاف.
وتمثل النتيجة هزيمة مؤلمة للمرشحين الوسطيين، الذين شغل اثنان منهم منصب رئيس الوزراء في السنوات الأخيرة، والذين اتهموا بعضهم البعض بالفساد وسوء الإدارة والتخطيط خلف الكواليس، مما سمح لجورجيسكو باستقطاب الناخبين كمرشح متطرف مناهض للمؤسسة.
وقد حقق جورجيسكو نتائج جيدة للغاية بين الرومانيين في الخارج، حيث حصل على 43% من الأصوات. كما جاء في المرتبة الأولى في ثلث مقاطعات رومانيا البالغ عددها 41 مقاطعة.
ورغم أن جورجيسكو ليس لديه حزب، فقد سارعت رابطة الثوريين الأرمن إلى تأييده في الجولة الثانية من الانتخابات، حيث تسعى إلى الاستفادة من شعبيته قبل الانتخابات البرلمانية في الأول من ديسمبر/كانون الأول. كما أيده أيضا حزب SOS من أقصى اليمين المنشق عن رابطة الثوريين الأرمن.
يقول كوستين سيوبانو من جامعة آرهوس في الدنمرك: «يقول الناس إن هذه هي الطريقة التي يمكن بها اختراق الديمقراطية. كان الجميع ينظرون إلى مولدوفا قبل بضعة أسابيع... لكن هذه دولة يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة».