السياحة في كردستان العراق.. طموحات كبيرة وواقع مثقل بالمعوقات
تتمتع المناطق الجبلية في الإقليم بمناظر خلابة ودرجات حرارة منخفضة صيفا بالمقارنة بجميع المحافظات العراقية.
يعتبر إقليم كردستان من المناطق السياحية الواعدة والوجهة السياحية المفضلة للسياح العراقيين طوال السنة حيث درجات الحرارة المنخفضة صيفاً وتساقط الثلوج شتاء. كما يعتبر الإقليم وجهة سياحية لسكان المناطق الحدودية من تركيا وايران التي يرتبط أهاليهما بوشائج اجتماعية عديدة مع سكان الإقليم.
وتتمتع المناطق الجبلية في الإقليم بمناظر خلابة ودرجات حرارة منخفضة صيفاً بالمقارنة بجميع المحافظات العراقية، كما تتميز بالشتوية حيث يجذب تساقط الثلوج السياح من جميع مناطق العراق إلى المناطق الجبلية.
ويعود التوجه إلى إقليم كردستان كوجهة سياحية من قبل السياح العراقيين من جميع المناطق الجنوبية والوسطى وبغداد العاصمة تحديداً لسنوات عديدة، بل منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي؛ حيث ما زال القصر الملكي الصيفي لملوك العراق في القرن المنصرم شاخصاً للعيان في ناحية زاويتة في ضواحي مدينة دهوك (450كلم شمال بغداد)، وكذلك تسمية أربيل كعاصمة صيفية للعراق في سبعينيات القرن الماضي، وكذلك قصور صدام حسين على قمة جبل كارة شمال غرب دهوك.
وبحسب الهيئة العامة للسياحة في إقليم كردستان، تعتبر مدينة شقلاوة (45 كلم شمال أربيل) ومصيف سرجنار في ضواحي مدينة السليمانية الوجهتين السياحيتين الأبرز للسياح العراقيين، نظراً لقربهما من مراكز المدن وطريقهما والبنية التحتية الملائمة، وشقلاوة مشهورة بمنتجات محلية عديدة تستخرج من أنواع الفواكه المحلية التي تكثر في المنطقة، إلا أنه كان للوضع السياسي المتأزم دوماً بين الحكومة العراقية والحركات الثورية المسلحة سابقاً والأزمات المستمرة بين بغداد وأربيل حالياً تأثير مباشر على حركة السياحة في الإقليم باستمرار.
وقد شهدت السياحة ازدهاراً ملحوظاً مع استباب الأمن وانخفاض درجات التوتر والأزمات بين بغداد وأربيل.
ويقول مولوي جبار، رئيس الهيئة العامة للسياحة في الإقليم لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "إن السنتين الأخيرتين شهدتا ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد السياح العراقيين من جميع مناطق العراق"، مشيراً إلى أن عدد السياح الذين قصدوا الإقليم عام 2018 بلغ حوالي ثلاثة ملايين سائح 15% منهم من الدول المجاورة وبالأخص تركيا وإيران ودول الخليج والدول الأوروبية.
وأضاف جبار أنه "ومع بداية هذا العام خططنا لاستقبال ثلاثة ملايين ونصف سائح خلال العام ومع نهاية النصف الأول من العام، زار مدن الإقليم حتى نهاية الشهر الماضي مليون و900 ألف سائح".
وعن أسباب الأرتفاع النسبي لأعداد السياح لهذا العام، أفاد رئيس هيئة السياحة أن "الأمن والأمان المستتب في معظم مناطق الإقليم وحالة الاستقرار التي تسود العلاقات بين أربيل وبغداد هما السببان الرئيسيان لارتفاع أعداد السياح".
وأشار إلى أن "معوقات كثيرة تقف أمام تطور السياحة أكثر في الإقليم، أهمها عدم اكتمال البنية التحتية المطلوبة للسياحة والنقص في شبكة الطرق العصرية، فضلاً عن المشاكل الأمنية في المناطق الحدودية مع كل من إيران وتركيا، بسبب تواجد مسلحي حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق التي تعد من أكثر المناطق السياحية الجذابة صيفاً وشتاء". إلى ذلك قال عبيدالله داود، مدير السياحة في محافظة دهوك، "إن قطاع السياحة في المحافظة شهد تطوراً إيجابياً ولكن ليس بمستوى ما نطمح إليه".
وأضاف أن "البنى التحتية والعامل الأمني المتعلق بتواجد مسلحي حزب العمال الكردستاني في بعض المناطق المهمة يؤثران سلباً على السياحة"، مشيراً إلى أن هناك مناطق سياحية عديدة في أقضية زاخو، وشيخان، وآميدي، وآكرى، محرومة من النشاط السياحي، بسبب تواجد مسلحي حزب العمال الذي يشكل خطراً على السياحة والسياح.
من جانبه أبدى يشير هروري، مدير إحدى الشركات السياحية الخاصة في مدينة دهوك، ارتياحه عن نسبة السياح العراقيين لهذه السنة، قائلاً: "لكن لو تم تطوير البنية التحتية أكثر وانتهت المشاكل الأمنية في المناطق البعيدة والحدودية، لشهد قطاع السياحة في المحافظة تطوراً أكبر، ولجذبت أعداداً هائلة إلى تلك المناطق المعروفة بجمالها الطبيعي الخلاب".
كما أعرب علاء حسين، وهو سائح من بغداد يزور أربيل مع عائلته للمرة الأولى ضمن مجموعة سياحية تزور الإقليم عن إرتياحه وسعادته لزيارة المناطق السياحية في شلال كلي على بك وجنديان، وإعجابه الشديد بالأمن والأمان في تلك المناطق، داعياً إلى إيلاء المرافق السياحية في الإقليم عناية أكثر وتحسين شبكات الطرق.
فيما ترى السائحة حنان عبدالأمير من مدينة البصرة التي تزور الإقليم للسنة الثانية على التوالي صحبة عائلتها أن "كردستان تتمتع بطبيعة جميلة ومناظر خلابة لكن الخدمات السياحية ليست في المستوى المطلوب، مشيرة إلى أنه يجب أن تتدخل السلطات السياحية في تطوير المرافق السياحية أكثر.
ويتفق الإعلامي المهتم بشؤون السياحة بختيار قادر، من قضاء جومان (150 كلم شمال أربيل) مع ما ذهبت إليها السائحة العراقية بشأن المرافق السياحية والخدمات قائلاً إنه "من أجل جذب أعداد أكثر من السياح العراقيين، يجب أن تخضع الفنادق والمدن السياحية ومرافقها وخدماتها للمراجعة وإعادة تصنيفها سياحياً كي تقدم أفضل الخدمات وبأسعار تناسب السائح العراقي العادي وتشجعه على المجيء والمبيت في المناطق السياحية في الإقليم". وأكد أن"الانفتاح المجتمعي على الثقافة السياحية يعد إحدى ركائز تطوير هذا القطاع".
وعن وضع السياحة بالنسبة للسياح الإيرانيين في مناطق قضاء جومان، وهي مناطق محاذية للحدود الإيرانية، قال قادر "حسب معلوماتي الدقيقة انخفضت نسبة السياح الإيرانيين إلى هذه المناطق هذه السنة بدرجة كبيرة بسبب التدهور المستمر للعملة الإيرانية التي تمنع أي مواطن إيراني من التفكير في السياحة مهما كانت حالته المعيشية، لأن فرق العملة يجعل مصاريف السائح الإيراني بعملته المحلية مبالغ خيالية نسبياً".
وشدد على أهمية "إصلاح مكامن الخلل في البنية التحتية للسياحة في الإقليم لكي يشهد قطاع السياحة طفرة كبيرة تفيد الدخل العام بشكل واضح".
aXA6IDMuMTM4LjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز