الشاعر المصري فوزي خضر لـ"العين الإخبارية": تمنيت الفوز بجائزة عبدالله الفيصل
الشاعر المصري فوزي خضر يقول إن الشعر العربي بخير لكن المشكلة في كثير من العجزة الذين يملكون أبواقًا عالية زحموا ساحة الشعر بغثائهم
نال الشاعر المصري الدكتور فوزي خضر مؤخرا جائزة الأمير عبدالله الفيصل عن الشعر المسرحي، بعد رحلة عمل أثمرت 75 كتابًا مطبوعًا في مصر والسعودية والكويت والأردن، ورحلة عمل كبيرة (مدرساً وصحفياً، وأخصائي مخطوطات بمكتبة الإسكندرية، ومستشاراً بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وأستاذًا جامعيًا).
حصل "خضر" على عدد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية في الشعر، والجائزة الأولى في التأليف الإذاعي على مستوى الإذاعات العربية عن برنامجه "كتاب عربي علم العالم"، وغيرها من الجوائز، وتحمل المسرحية الشعرية الفائزة عنوان "الشيخ الرئيس ابن سينا" وتقع في ثلاثة فصول.
وبمناسبة فوزه بجائزة عبدالله الفيصل كان لـ"العين الإخبارية" معه هذا الحوار:
كيف ترى فوزك بجائزة الأمير عبدالله الفيصل، وهل باتت الجوائز تشكل دليلا على مستوى إبداعية المنتج الأدبي؟
هذه الجائزة أسعدتني كثيرًا، فقد حققت لي فرحة بعد 3 سنوات توالت فيها الأحزان، وهي جائزة تدل نتائجها على مصداقيتها، وأشكر جميع القائمين عليها، ونعم تشكل الجوائز دليلاً على مستوى إبداعية المنتج الأدبي إذا كانت جائزة تتحقق فيها النزاهة مثل هذه الجائزة.
هل كنت تتوقع الفوز بالجائزة وسط المنافسة الشديدة التي شهدتها الجائزة هذا العام؟
كنت أتمنى الفوز بها، وسعدت كثيرًا بإعلان النتائج، حيث علمت أن المشاركات فيها جاءت من 11 دولة، وكل ما حرصت عليه أن أقدم عملًا إبداعيًا يستطيع أن ينافس أقوى الأعمال.
موضوع المسرحية جديد، إذ تناول حياة الشيخ الرئيس ابن سيناء وأمجاده العلمية ومواقفه الإنسانية الراقية، وهو موضوع لم يتم تناوله مسرحيًا من قبل، كذلك استفدت بقدراتي الشعرية وإمكاناتي في رسم الشخصيات وتنميتها بواسطة الحوار الذي أجدته إذاعيًا ومسرحيًا، مستفيدًا من معرفتي بالنواحي الفنية في المسرح، فجاءت المسرحية متمتعة بما استطعت كتابته في الشعر المسرحي.
كيف تنظر إلى الشعر العربي، ماذا عن حاضره ومستقبله، وأيضا المسرح الشعري؟
الشعر العربي بخير، يوجد شعراء مبدعون على امتداد البلاد العربية، المشكلة أن كثيرًا من العجزة الذين يملكون أبواقًا عالية الأصوات زحموا ساحة الشعر بغثائهم، فغطوا على أصوات الشعر الحقيقي، ولكن إلى حين فإنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح. أما المسرح الشعري فهو طاقة وطنية مهمة تربط الناس بلغتهم وبالشعر، ولكن يحتاج إلى رعاية الدولة.
لعل في مسرحية "الوزير العاشق" للأستاذ فاروق جويدة وغيرها من المسرحيات التي حظيت برعاية الدولة ما يمكن أن يحققه المسرح الشعري من فوائد ثقافية للمجتمع، ويوجد كثير من الأعمال المسرحية ذات القيمة الرفيعة مثل المسرحيات الشعرية لصلاح عبدالصبور وأحمد سويلم وأنس داود ومهدي بندق وغيرهم.
هل يقلقك تراجع الشعر عن حضوره في المشهد وأننا نعيش زمن الرواية؟
الشعر موجود كما ذكرت من قبل، وانتشار الرواية وكثرة مؤلفيها أمر طبيعي بعد فوز الأستاذ نجيب محفوظ بجائزة نوبل، وأؤكد لك أنه لو فاز شاعر بجائزة نوبل هذه الأيام ستجده طاغيًا في كتابات المؤلفين.
ما المطلوب من الشعر الآن في ظل ما تمر به الأمة العربية من أزمات؟
يختلف موضوع الشعر ودوره ومدى تأثيره من عصر إلى آخر، ويختلف من ظروف لأخرى، ففي قديم الزمان كتب الشاعر شندور بيتوفي قصيدة تحرك جيش المجر بسببها وفجَّر الحرب والقتال، حيث كانت مشاعر الناس متأججة ولا ينقصها غير شرارة تشعل الفتيل.
أما في هذا العصر فالإنسان تتجاذبه مشاعر شتى ورغبات واهتمامات متنوعة، لكننا لا زالنا نحلم أن يستطيع الشعر أن يسهم في جانب من جوانب الحياة المعاصرة فيشير للمجتمعات العربية إلى طريق العدل.
يستمد الشاعر كلماته من بيئته، فهل تخونك الكلمات أثناء الكتابة، وما مدى تأثير البيئة في شعرك؟
أثناء الكتابة لا تخونني الكلمات، بل على العكس تجيئني الكلمات مثل النهار الدفاق فتعينني على التعبير عما أرغب في قوله عبر القصيدة، ذلك لأنني لا أجلس للكتابة إلا بعد أن تكون القصيدة قد وصلت إلى قمة نضجها في داخلي، وتخرج دفقة واحدة مكتملة، لا تحتاج مني لمراجعة أو حذف أو إضافة بعد الفراغ من كتابتها.
أما تأثير البيئة في شعري، فهذا أمر بديهي أن تتغلغل مفردات البيئة وحالتها ومعانيها في شعري، والبيئة ليست التي يعيش فيها الشاعر وحدها، فهناك البيئة التي يراها، فشاعر المدينة يتأثر ببيئة الريف حين يراها، كما يتأثر أيضا ببيئة الصحراء، بل هو يتأثر أيضا بالبيئة التي يتخيلها.
كثير من المبدعين يبدؤون حياتهم الأدبية بكتابة الشعر ثم يتحولون إلى نوع أدبي آخر، بينما حافظت أنت على رحلتك مع الشعر طيلة هذه الأعوام لماذا؟
يرتبط الشعر بالعواطف، لذلك يبدأ الناس في فترة المراهقة بكتابة الشعر أو الخواطر للتعبير عن عواطفهم، فبعضهم يستمر فيصبح أدبيًا في المستقبل وبعضهم تأخذه ظروف حياته بعيدًا عن الكتابة، يوجد أدباء اشتهروا بصفتهم شعراء متحققين مثل: فكتور هوجو، فلما كتب الرواية صار من أكبر الروائيين في العالم.
بيننا الآن الشاعر أحمد فضل شبلول الذي كتب الرواية بإبداع فائق، ويوجد العكس فالشاعر مهدي بندق بدأ قاصًا، وذات يوم كان يقرأ قصة جديدة في حضور محمود حنفي ومصطفى الشندويلي فإذا بقصته موزونة من أولها إلى آخرها، وتحول بعدها إلى كتابة الشعر فأنتج شعرًا متفردًا بديعيًا، بالنسبة لي عشت حياتي في الشعر، استقبل كل ما يقابلني في حياتي برؤية الشاعر وإحساس الشاعر، لذلك استمر الشعر معي وظللت معه، لم أخونه، ولم أجعل أي نشاط آخر يأخذني منه، لا السفر، ولا الصحافة، ولا البحوث والدراسة الأكاديمية، ولا الكتابة الإذاعية، ظللت أمارس كل ذلك لكني لم أتخلَ عن الشعر فلم يتخلَ عني.
بين الشعر والإعلام والكتابة الإذاعية أين هو فوزي خضر، وكيف ترى ممارسة الصحافة على المبدع، وهل هي الخيار الأصعب والأقرب له؟
الشعر هو الحياة بالنسبة لي أخلصت له طول حياتي فلم يحرمني من عطائه، أما ما عداه فهو نشاط إبداعي أديته بأمانة وإخلاص مع السعي إلى الابتكار في المجال الذي استخدم فيه قلمي، والحمد لله قدرني الله سبحانه وتعالى على أن أحاول الإضافة.. الصحافة تستغرق وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا وهي خيار صعب بلا شك، ولكن المبدع الحقيقي سيظل يبدع ولن يتوقف عن خوض مخاطر الإبداع ولن يتخلف عن أداء عمله الصحفي في الوقت نفسه، والمقصود أن المبدع الحقيقي لن يعوقه شيء عن الاستمرار في إبداعه.
يقول شارل بودلير "القصيدة طفولة ثانية"، وأنت ما قصيدتك؟
قصيدتي ذفرة في لحظة العناء، تحقق لي قدرة على مواصلة الحياة من جديد.
ألا يؤدي عزوفنا كعرب عن الترجمة وتفعيل دورها المفترض إلى ازدياد عزلتنا الثقافية؟
لا يمكن لأحد أن ينكر دور الترجمة في التفاعل مع أحدث ما وصل إليه العالم في المجالات كافة، وقد كانت الترجمة خطوة أولى لازدهار الحضارة العربية حين سعى العرب إلى ترجمة ما حققته الحضارات السابقة في العلوم والآداب، فترجموا إنجازات اليونان والفرس والسريان والهنود، كذلك سبقت الحضارة الأوروبية حركة ترجمة واسعة النطاق من العربية إلى اللاتينية ثم إلى اللغات الأوروبية التي تفرعت منها.
الترجمة لا تؤدي دورها إذا كانت نشاطًا فرديًا أو مؤسسيًا محدودًا، بل يجب أن ترعاها الدولة رعاية كاملة بوصفها وسيلة أساسية من الوسائل التي تؤسس لإرهاصات التقدم الحضاري.
حصدت العديد من الجوائز، ما الذي يعنيه ذلك للشاعر، وعند أي حد من المسؤولية يضعه تجاه الشعر وتجاه القارئ؟
الجائزة تمنح الشاعر قُبلة على جبينه تقول له واصل مسيرتك، فأنت مسؤول عن إضافة شيء جديد للشعر خاصة وقد نلت تشجيعًا يؤهلك للمحاولة، والجائزة تمثل تقديرًا للشاعر يضعه في مسؤولية أمام القارئ كي يقدم له ما يرقى بالإنسان وما يحقق له متعة فنية حين يتلقي القصيدة.
ما مشاريعك المقبلة وماذا تكتب الآن؟
أعد طبعة جديدة مزيدة من أعمالي الشعرية التي تضم 14 ديوانًا مطبوعًا وثلاث مخطوطات، وبدأت كتابة مسرحية شعرية جديدة عن أحد العلماء العرب الكبار.