بالصور.. رحلة الـ 15 ساعة لرؤية وجه الفرعون المضيئ
"العين" قطعت رحلة الـ15 ساعة لمشاهدة تعامد الشمس علي وجه الملك رمسيس الثاني في معبده بأبوسمبل
هل تستحق متابعة ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس السفر 15 ساعة؟.. لم تستغرق الإجابة على هذا السؤال سوى لحظات حسمت فيها إجابتي قائلا : "ولمَ لا"، فرغم إرهاق الرحلة إلا أن متعتها تستحق التضحية.
كانت بداية الرحلة من الميدان الذي يحمل اسم الملك الذي قررنا الذهاب لرؤية تعامد الشمس على وجهه، وهو ميدان رمسيس، حيث تقع محطة القطار، الذي سيقطع أكثر من 1200 كيلو متر نحو الجنوب عكس اتجاه جريان نهر النيل، وصولا إلى أسوان.
12 ساعة كاملة قطعها القطار مرورا بمحافظات صعيد مصر حتى وصلنا إلى محافظة أسوان، لنصبح على بعد 290 كيلو متر أخرى تحتاج إلى ثلاث ساعات من السفر، حتى نصل إلى مدينة أبو سمبل السياحية، حيث تقع المعابد التي شيدها الملك.
مدينة أبو سمبل السياحية مدينة صغيرة بُنيت خصيصا بعد إنقاذ المعبدين عام 1963، أغلب سكانها من النوبيين المصريين، عند وصولنا إلى المدينة فوجئنا بوجود تجمعات واحتفالات غنائية ضخمة في الشوارع حيث إن أهالي أسوان خصوصا النوبيين يعتبرون مناسبة تعامد الشمس على وجهه الملك رمسيس الثاني مناسبة وتقام الحفلات في الشوارع.
عند الساعة السابعة من مساء ليلة 21 فبراير وفي ليلة تعامد الشمس على وجه الملك انطلق الاحتفال الرسمي بمشاركة وزيري الثقافة والآثار ومحافظ أسوان ومشاركة العديد من الفرق المحلية والأجنبية، سبق كل ذلك مشاهدة عرض الصوت والضوء على جدران المعبدان، لتنتهي الاحتفالية في الثانية عشرة ويتم إخلاء المعبد لتأمينه من أجل الاستعداد لاستقبال الزائرين الراغبين في مشاهدة ظاهرة التعامد.
الثالثة فجرا، كان علينا الاتجاه إلى المعبد مرة أخرى لكن تلك المرة ليست للاحتفال بل لرؤية الظاهرة الفريدة، شباك التذاكر خارج أسوار المعبد مكتظ وبعد شراء التذاكر والتفتيش، وعلى ضوء الكشافات نصل الي ساحة المعبد الخارجية لنجد طابور طوله تقريبا 700 متر، مع تواجد لقوات الشرطة للتأمين وحفظ النظام.
بمرور الوقت يزداد طول الطابور ويبدأ الآلاف بالتوافد، فنستغل وقت الانتظار ونتصفح تاريخ هذا الصرح العظيم، ولا يدرك الكثير أن معابد أبو سمبل حديثة نسبيا حيث لم يتم الكشف عنها سوى عام 1817عندما نجح المستكشف جيوفاني بيلونزي، في محاولته لدخول المجمع، بعد أن كان الجزء العلوي من التماثيل الأربعة هو الظاهر فقط وباقي المعبد راقدا تحت الرمال، ومع مجيئ نور الصباح تظهر ملامح التماثيل الأربعة الضخمة للفرعون يصل طولها إلى 20 م مع التاج المزدوج للوجهين البحري والقبلي، إلا أن التمثال الذي يقع على يسار المدخل تضرر في أحد الزلازل، ولم يتبق سليماً إلا الجزء السفلي من التمثال. ويمكننا أن نرى الرأس والجذع تحت قدمي التمثال.
وعن سر تسمية المكان بأبو سمبل تحدث أحد المرشدين السياحيين في الموقع أن التسمية ترجع إلى فتى محلي صغير وهو الذي قاد المستكشفين إلى الموقع من جديد في وقت مبكر للمعبد المدفون الذي كان يراه من وقت لآخر في الرمال المتحركة لذلك أطلقوا اسمه على المعبد.
عند الخامسة والنصف يزداد معدل توافد الزائرين ليملأوا أغلب الساحة الخارجية للمعبد، وتبدأ إدارة المتحف في تشغيل شاشة عرض كبيرة تنقل مباشرة تمثال الملك والآلهة من قدس الأقداس داخل المعبد.
ومع بدء إشراق الشمس وقربنا من مدخل المعبد تشعر أن المشهد صار مألوفا، فمنذ 15 مايو 1975 وحتى اليوم يظهر معبد أبو سمبل على ظهر الجنيه المصري، وفي ديسمبر من عام 2015، اختارته صحيفة "تليجراف" البريطانية كأفضل تصميم للعملات الورقية.
عند الساعة السادسة والعشرين دقيقة تمكنّا من دخول المعبد والاقتراب من قدس الأقداس ورؤية وجه الملك والشمس تقبله في يوم جلوسه على عرش مصر.