التفسير العلمي لتعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس
مرتان كل عام يتسلل فيهما شعاع الشمس لمسافة 200 متر ليهبط فوق وجه الملك رمسيس الثاني
"تصبح تماثيل قدس الأقداس ذات تأثير كبير، وتحاط بهالة جميلة من الهيبة والوقار عند شروق الشمس وسقوط أشعتها عليها"..
ذلك الاقتباس جاء علي لسان المستكشفة وعاشقة الحضارة المصرية القديمة "إميليا إدوارذ" في كتابها المنشور عام 1899 بعنوان (ألف ميل فوق النيل).
في قلب الصحراء أقصى جنوب مصر، وعلى بعد نحو 1200 كيلومتر من العاصمة، وعند الساعة 6:25 من يوم 22 فبراير/شباط، أو الساعة 5:5 من يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام يتسلل شعاع الشمس لمسافة 200 متر ليهبط فوق وجه الملك رمسيس الثاني فيضاً من نور يملأ قسمات وجه الفرعون داخل حجـرته في قدس الأقداس في قلب معبد أبو سمبل بأسوان.
المثير للدهشة والإعجاب في تلك الظاهرة أنها تحدث فقط يومي مولد رمسيس الثاني في 22 أكتوبر/تشرين الأول، ويوم تتويجه ملكاً في 22 فبراير/شباط.
بوابة "العين" تكشف عن كيفية تمكن قدماء المصريين قبل نحو 3300 سنة من تحقيق تلك المعجزة الهندسية وباستخدام أدوات بدائية بسيطة.
والجدير بالذكر في البداية أنه قبل عام 1964 كانت تحدث تلك الظاهرة يومي 21 أكتوبر/تشرين الأول و21 فبراير/شباط، إلا أنه بعد نقل معبد أبو سمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينيات من موقعه القديم، الذي تم نحته داخل الجبل، إلى موقعة الحالي، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي 22 أكتوبر/تشرين الأول و22 فبراير/شباط.
ويستند تعامد الشمس إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهي أن لشروق الشمس من نقطة الشرق تماماً وغروبها من نقطة الغرب تماماً في يوم 21 من شهر مارس/آذار، ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريبا كل يوم إلى ناحية الشمال، حيث تصل في شروقها إلى نقطة تبعد بمقدار 23 درجة و27 دقيقة شمال الشرق في 22 من شهر يونيو/حزيران.
وعن طريق ذلك استنبط قدماء المصريين أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في كل عام، وأن المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعاً لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماماً.
وحدوث ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني مرتين في العام، يومي ميلاده وتجليسه على العرش، جاء نتيجة لاختيار قدماء المصريين نقطة في مسار شروق الشمس تبعد عن نقطتي مسارها زمن قدره 4 أشهر لتتوافق مع يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول و22 فبراير/شباط من كل عام، ثم قاموا ببناء المعبد بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه الشمس على وجه رمسيس الثاني من ناحية الشرق من فتحة ضيقة محسوبة بدقة بحيث إذا دخلت أشعة الشمس في يوم وسقطت على وجه التمثال، فإنها في اليوم التالي تنحرف انحرافاً صغيراً قدره ربع درجة، وبهذا تسقط الأشعة في اليوم التالي على جدار الفتحة ولا تسقط على وجه التمثال.
والمثير للدهشة والإعجاب أن الشمس تدخل من واجهة المعبد لتقطع مسافة 200 متر لتصل إلى قدس الأقداس الذي يضم تمثال رمسيس الثاني جالسا ويحيط به تمثالا (رع حور أختي) و(آمون)، وتقطع 60 متراً أخرى لتتعامد على تمثال الملك رمسيس الثاني وتمثال آمون رع إله طيبة، صانعة إطار حول التمثالين بطول 355 سم وعرض 185 سم.
والطريف والمدهش في تلك الظاهرة أن الشمس لا تتعامد على وجه تمثال (بتاح) إله الظلمة عن القدماء رابع التماثيل الموجودة بجوار الـ3 تماثيل المنيرة.
وآخر الدراسات العلمية أثبت أن هذا الحدث الفريد يرتبط بالزراعة، حيث كان المهندسون المصريون القدماء قد قاموا بتصميم المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وتخصيبه، وهو يتناسب مع اليوم الذي يسقط فيه الضوء على وجه الملك.
وتبقى المعجزة إذا كان يوما تعامد الشمس محددين عمداً قبل عملية النحت لأن ذلك يستلزم معرفة تامة بأصول علم الفلك وحسابات كثيرة لتحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق بجانب المعجزة في المعمار بأن يكون المحور مستقيماً لمسافة أكثر من 60 متراً ولا سيما أن المعبد منحوت في الصخر، والإعجاز سيزداد إن أدركنا أن تلك الحسابات أجريت على أسس وأصول فلكية وجغرافية وطبوغرافية ورياضية سليمة منذ نحو 3300 عام.
aXA6IDMuMTM4LjM3LjQzIA==
جزيرة ام اند امز