السلام مقابل المعادن.. عرض ترامب المغري لبوتين في قمة ألاسكا

يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطرح مبادرة كبرى على نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في تحرك دبلوماسي تختلط فيه السياسة بالمصالح الاقتصادية.
المبادرة، المقرر مناقشتها خلال القمة المرتقبة يوم الجمعة في ولاية ألاسكا، والرامية إلى وضع حد للحرب الدائرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، تحمل في طياتها حزمة مغرية من الحوافز الاقتصادية لموسكو، بعضها يوصف بأنه قد يمنح روسيا مكاسب استراتيجية طويلة الأمد، بحسب صحيفة "التليغراف" البريطانية.
تتضمن الصفقة المقترحة، بحسب تسريبات من أروقة صنع القرار في واشنطن، إتاحة وصول روسيا إلى معادن نادرة، وفتح مجالات استثمارية في مواقع ذات أهمية استراتيجية، إضافة إلى رفع جزئي لبعض العقوبات، خصوصا تلك المفروضة على قطاع الطيران الروسي.
هذه الخطوة تأتي في وقت يواجه فيه البيت الأبيض ضغوطا متزايدة من دوائر اقتصادية أمريكية، ترى في موارد ألاسكا الطبيعية فرصة لتعزيز الصناعات التكنولوجية والعسكرية الأمريكية، خاصة في ظل الطلب العالمي المتسارع على المعادن النادرة.
وتشير المسودة الأولية للمقترحات إلى منح موسكو حق الوصول إلى المعادن النادرة الموجودة في الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها حاليا، وهي موارد أساسية لصناعات البطاريات المتقدمة، وأشباه الموصلات، والمعدات الدفاعية.
وتؤكد تقديرات جيولوجية، أن أوكرانيا تحتفظ بنحو 10 بالمائة من احتياطي العالم من الليثيوم، وأن اثنين من أكبر مناجمه يقعان تحت السيطرة الروسية، ما يمنح موسكو ورقة اقتصادية قوية في أي تسوية قادمة.
كما يقترح ترامب، في جانب آخر من الصفقة، رفع الحظر المفروض على تصدير قطع غيار ومعدات صيانة الطائرات الروسية، وهي خطوة قد تنعش قطاع الطيران المدني في روسيا الذي يعاني من نقص حاد في المعدات منذ فرض العقوبات الغربية عام 2022، وهو ما أدى إلى تراجع أسطول الطائرات العاملة وخروج عشرات منها من الخدمة.
وتشمل المبادرة أيضا منح روسيا فرصا لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية في مضيق بيرينغ الفاصل بين ألاسكا والشرق الروسي، وهي منطقة تتوقع تقارير الطاقة الدولية أنها تخفي احتياطيات هائلة من النفط والغاز قد تصل إلى 13 بالمائة من الاحتياطي العالمي غير المكتشف، فضلا عن كميات ضخمة من الغاز الطبيعي، على حد قول الصحيفة.
هذه الامتيازات، في حال منحها، ستعزز مكانة موسكو في سوق الطاقة العالمي وتمنحها قدرة أكبر على التأثير في أسعاره واتجاهاته.
ورغم أن العرض الأمريكي يبدو اقتصاديا في مظهره، فإن تعقيداته السياسية لا تخفى على أحد. فموسكو، بحسب مصادر دبلوماسية أوروبية، ما زالت متمسكة بأهدافها العسكرية في أوكرانيا، وفي مقدمتها الإطاحة بحكومة فولوديمير زيلينسكي وتنصيب إدارة موالية لها.
وشبه بعض المراقبين السيناريو المحتمل لحل الأزمة، وفق العرض الأمريكي، بوضع الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث تحتفظ روسيا بالهيمنة العسكرية والاقتصادية على الأراضي المحتلة مع الإبقاء على إدارة محلية شكلية.
البيت الأبيض وصف القمة المقبلة بأنها "اجتماع استكشافي" لاختبار جدية الكرملين في إنهاء الحرب، مؤكدا أن أي تنازلات استراتيجية لن تُمنح قبل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وبدء مفاوضات تضمن سلاما طويل الأمد.
على الجانب الآخر، يرى بوتين في اللقاء فرصة لبحث مستقبل العلاقات الروسية-الأمريكية بصورة أشمل، بما في ذلك تعزيز التعاون التجاري، وفتح قنوات جديدة للشراكة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، وتوسيع التبادل الاستثماري.
بالنسبة للكرملين، فإن القمة تمثل فرصة لكسر العزلة الدولية التي فرضتها العقوبات، وتحقيق مكاسب اقتصادية تمكّنه من تمويل العمليات العسكرية والحفاظ على الاستقرار الداخلي.
أما بالنسبة لترامب، فإن نجاح المبادرة قد يمنحه إنجازا دبلوماسيا لافتا يعزز موقفه السياسي داخليا ويضعه في صورة صانع السلام القادر على إعادة صياغة التوازنات الدولية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA=
جزيرة ام اند امز