تعقيدات وقف إطلاق النار في غزة.. رهان ترامب على المحك
يسير اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وفقا للخطة حتى الآن، لكن من غير المرجح أن تستمر الأمور بسلاسة، في ظل تجاذبات عدة.
وجاء الاتفاق بعد 15 شهرا من الحرب بين طرفين تعهد كل منهما بتدمير الآخر، لذا فالتنفيذ يتم حرفياً أسبوعاً بعد أسبوع، وقد يعطله الكثير.
إلا أنه من المرجح هي إتمام المرحلة الأولى بنجاح، بتبادل الرهائن بالأسرى الفلسطينيين، وفق تقارير غربية.
ويلزم الاتفاق الطرفين باحترام وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية. ولن يكون مفاجئا إذا أطال الطرفان المفاوضات لما هو أبعد من الأسابيع الستة المخصصة للمرحلة الأولى، حيث يعتمد منطق المفاوضين على أنه بعد 6 أسابيع من الهدوء، سيجد الطرفان، صعوبة في العودة للقتال.
وتعتمد هذه المهمة الشاقة على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي ادعى الفضل في التوصل للاتفاق، ومدى قلقه بشأن احتمال انهيار نجاحه الأول في السياسة الخارجية.
وبطبيعتها، تعد الصفقات المرحلية محفوفة بالمخاطر خاصة بين طرفين ينظران إلى صراعهما من منظور وجودي، لكن في الوقت نفسه يتجاوز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فكرة المقايضات الشاملة، وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها طالعته "العين الإخبارية".
وأشار التقرير إلى أن المثال الرئيسي لاتفاق الأداء المرحلي القائم على الشروط هو اتفاقات أوسلو التي فشلت إلى حد كبير لأنها لم تتضمن حالة نهائية واضحة.
وبدلاً من توليد الثقة، خلق النهج التدريجي، الاستياء وانعدام الثقة، وهو ما يكشف عن التحديات التي قد تواجه التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس.
وتبقى الأسئلة الأكثر تعقيداً للمرحلة الثانية، والتي ستتطلب رؤية لنهاية الحرب ومستقبل غزة وسط تضارب رؤى الجانبين، حيث تصر حماس على البقاء في السلطة، وتصر إسرائيل على منع ذلك وعلى رفض دور للسلطة الفلسطينية في القطاع.
كما تبحث المرحلة الثانية، الانسحاب الإسرائيلي من غزة، الذي يتطلب بنية أمنية قوية وضمانات، وهو ما ترفضه حماس.
تعقيدات المرحلة الثانية
وتعتمد المرحلة الثانية على اتفاق الجانبين على من يتولى المسؤولية السياسية في غزة، وكيف يبدو الهيكل الأمني، ومراقبة القطاع وهي أسئلة تبدو حاليا غير قابلة للحل.
فورين بولسي قالت "يعكس الاتفاق فشل إسرائيل في تحقيق النصر الكامل على حماس التي نجت رغم مقتل قيادتها وتدمير قدراتها وضعف حلفائها وتراجع شعبيتها وعدم قدرتها على مساعدة سكان القطاع"، مضيفة أن "الاتفاق مكن الحركة من الظهور على الأرض".
وتشير التقارير إلى أن حماس ستظل "متجذرة بعمق" وأن قبضتها على السلطة تخلق تحديات لأي وقف دائم لإطلاق النار.
ووفق المصدر ذاته، قد تكون مزحة هنري كيسنجر بأن إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية، بل سياسة داخلية فقط أفضل تحليل لفهم سياسة نتنياهو الذي يخشى المحاكمة ويرى الحل الوحيد لنجاته في البقاء في السلطة.
هذا يعتمد نتنياهو على دعم ائتلافه اليميني الذي يضم حزبين متطرفين انسحب أحدهما فعلا احتجاجا على الاتفاق، لذا فإن نتنياهو لا يريد فعلا وقف إطلاق نار مستمر، على حد قول المجلة.
والواقع أن العمليات العسكرية في الضفة الغربية ترتبط بحاجة نتنياهو إلى استرضاء اليمين المتطرف واستغلال فوز ترامب لتطبيق السيادة الإسرائيلية في الضفة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى إخراج الاتفاق عن مساره خاصة مع تزايد ضغوط اليمين لاستئناف الحرب.
وعلى حد قول المجلة، من المؤكد أن ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لعبا أدوارا مهمة للضغط على حماس ونتنياهو لقبول الاتفاق.
التنبؤ بترامب
وفي المستقبل، فإن علاقة ترامب بالاتفاقية ترتبط بشكل كبير بأهدافه الأوسع في المنطقة ورغبته في توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام، والفوز بجائزة نوبل للسلام.
والسؤال الآن إلى أي مدى يهتم ترامب باتفاق وقف إطلاق النار وما الذي هو مستعد للقيام به للمساعدة في تنفيذه؟
في الوقت الذي شدد فيه ويتكوف على الدور النشط للولايات المتحدة، كان ترامب أكثر تحفظا تجاه المجازفة، إذ قال ردا على سؤال بشأن تنفيذ الاتفاق "إنها ليست حربنا.. إنها حربهم.. أنا لست واثقا".
ويمكن لترامب دائما أن يبتعد ويلقي باللوم على حماس وحتى إسرائيل خاصة وأن لديه أجندة ضخمة لن تكون هذه القضية أولوية فيها.
ومع ذلك، فإن الاتفاق هو أول اختبار للسياسة الخارجية لترامب الذي لا يحب الفشل ويصف نفسه بأنه "صانع سلام" و"أعظم مفاوض في العالم".
لكن "فورين بوليسي" قالت إنه "لن يستخدم ترامب الذي يصور نفسه على أنه الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل في التاريخ، الضغوط التي رفض سلفه جو بايدن استخدامها على نتنياهو مثل تقييد المساعدات العسكرية الأمريكية، أو انتقاد إسرائيل في المحافل الدولية، أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن نتنياهو يبدو متوترا بسبب عدم القدرة على التنبؤ بالرئيس الأمريكي".
aXA6IDE4LjIyNy4xMTQuODUg جزيرة ام اند امز