إسرائيل تتفرغ لمخيمات الضفة الغربية بعد غزة.. لماذا الآن؟
فور مغادرة لواء "الناحال"، قطاع غزة، توجه مباشرة إلى الضفة الغربية، حيث تدور عملية عسكرية واسعة غير محددة المدة في جنين ومخيم طولكرم.
وإثر ذلك، تحول الهدوء النسبي الذي ساد الضفة الغربية منذ بداية الحرب في غزة، إلى هدوء مشوب بالحذر الشديد.
وبصفة عامة، يختلط السياسي مع الأمني في العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين ومن ثم امتدت إلى مخيم طولكرم في شمالي الضفة الغربية.
فالعملية جاءت بعد تعهدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لوزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بتوسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وفي المقابل، يريد نتنياهو من سموتريتش البقاء في حكومته وعدم مغادرتها بعد التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وسموتريتش، وهو مستوطن في الضفة الغربية، يزعم أن على إسرائيل ضمان عدم تكرار هجوم شبيه بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من الضفة الغربية.
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" أضاف الضفة الغربية إلى نطاق الحرب مع مصادقته على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ومن جهة أخرى،يقول الجيش الإسرائيلي إن عملياته في الضفة الغربية تستهدف المسلحين الذين ينفذون هجمات إطلاق نار في الضفة الغربية ضد مستوطنين والجيش الإسرائيلي.
وكان العديد من المستوطنين والجنود الإسرائيليين قتلوا خلال الأشهر الماضية في عمليات إطلاق نار على شوارع الضفة الغربية.
ما الأهداف؟
من جهته، قال مصدر عسكري إسرائيلي في إيجاز تلقته "العين الاخبارية" إنه: "تأتي هذه العملية في ظل وقف إطلاق النار على الجبهات الأخرى، ما يتيح تركيز الجهود على منطقة العمليات في جنين، والتي انطلقت بقوة لتحقيق إنجازات أمنية ملموسة".
وأضاف أنه : "على عكس العمليات السابقة، تهدف عملية السور الحديدي إلى تحقيق نتائج أمنية طويلة الأمد بدلاً من إنجازات مؤقتة"، متابعا أن: "العمليات السابقة، رغم نجاحاتها، ركزت على تأمين فترات معينة مثل الأعياد. أما الآن، فإن التركيز ينصب على معالجة جذرية للوضع الأمني في جنين بشكل مستمر ومتصاعد".
وأوضح المصدر ذاته أن "المرحلة المقبلة من العمليات تعتمد على الإنجازات التي سيتم تحقيقها في المرحلة الأولى، حيث يتم قياس النجاح بالأفعال على أرض الواقع"، مضيفا: "تهدف هذه العمليات إلى إضعاف البنية التحتية الإرهابية ومنعها من العودة إلى قدراتها السابقة".
وأشار المصدر إلى أن "الجيش الإسرائيلي يستغل الفرصة الحالية لتوظيف حجم ونوعية القوات المتاحة بشكل كامل، بهدف تحسين الوضع الأمني العام، مع التركيز على منع أي تهديد مستقبلي".
فيما نقل موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، الثلاثاء، عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن الجيش يستعد لتوسيع العملية في الضفة الغربية.
وقال "واللا": "أفادت مصادر عسكرية بأنه سيتم خلال الأيام المقبلة إجراء تقييم للوضع، تنظر خلاله المؤسسة الأمنية في توصيات لتوسيع النشاط البري في أنحاء الضفة الغربية والأغوار، مع التركيز على شمال الضفة الغربية، وذلك لتعزيز إنجازات حملة السور الحديدي".
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي قام منذ مساء أمس الإثنين بعمل في عدد من المواقع في أنحاء الضفة الغربية لتنفيذ اعتقالات لمطلوبين للتحقيق معهم، بما في ذلك نابلس وطولكرم وقلنديا".
وتابع: "وفقا لتقديرات الاستخبارات، في بداية العملية فر بعض المطلوبين من جنين وطولكرم إلى نابلس وإلى القرى والبلدات الصغيرة للاختباء من الجيش الإسرائيلي والشاباك".
حواجز وأزمات خانقة
ويلمس الفلسطينيون في عموم الضفة الغربية تأثيرات هذه العملية منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة.
فالجيش الإسرائيلي كثف حواجزه العسكرية في عموم الضفة الغربية بحيث باتت الازدحامات على الحواجز مشهدا متكررا.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "اوتشا" في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، "تعوّق القيود المشددّة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في شتّى أرجاء الضفة الغربية، والتي تشمل إغلاق الطرق وفترات التأخير طويلة على الحواجز وتركيب بوابات جديدة على مداخل القرى، قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الخدمات الأساسية وإلى أماكن عملهم".
وأضاف أنه: "تشهد إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية في الضفة الغربية تدهورًا بسبب الأزمة المالية والقيود المفروضة على الوصول، إذ بات 68 % من نقاط الخدمات الصحية لا تملك القدرة الآن على العمل لمدة تزيد عن يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، ولا تعمل المستشفيات إلا بما نسبته 70 في المائة من قدراتها".
وتابع قائلا إنه: "يتعرض الفلسطينيون لعمليات الاحتجاز الجماعي على يد القوات الإسرائيلية في شتّى أرجاء الضفة الغربية. ففي إحدى الأحداث التي وقعت في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، أشارت التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية احتجزت أكثر من 60 فلسطينيًا لمدة خمس ساعات على الأقل خلال اقتحام بلدة عزون في قلقيلية".
المصدر ذاته قال: "لا تزال بعض الحواجز المقامة على الطرق الرئيسية مغلقة، وركبت القوات الإسرائيلية بوابات جديدة على مداخل القرى وأغلقت بعض الطرق الثانوية البديلة بالمتاريس والسواتر الترابية. وثمة تجمعّات سكانية، مثل مخيم العروب للاجئين، باتت معزولة عن المدن الرئيسية، مما تسبب في شل الحركة اليومية للفلسطينيين".