«السخاء الساحر»... حملة ترامب لاستقطاب سكان غرينلاند بـ«المال»

كشفت تقارير عن خطة يُروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهدف إلى ضم جزيرة غرينلاند الجليدية التابعة للدنمارك.
وعرض ترامب منح كل مواطن من سكان الجزيرة 10 آلاف دولار سنويًا، في إطار ما يُوصف بحملة «السخاء الساحر»، ضمن سياق تنافس دولي محموم بين الولايات المتحدة والصين وروسيا للهيمنة على منطقة القطب الشمالي الغنية بالموارد الاستراتيجية.
ووفقًا لتقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، تسعى إدارة ترامب إلى استبدال الدعم الدنماركي لغرينلاند (البالغ 600 مليون دولار سنويًا) بمنح فردية مباشرة للسكّان، مع خطط لتعويض هذه الأموال عبر استغلال ثروات الجزيرة من المعادن النادرة والنحاس والذهب واليورانيوم والنفط.
وأكد مايكل والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، أن الأمر "يتعلق بالمعادن الحيوية والموارد الطبيعية"، في إشارة إلى الأهمية الجيوسياسية للجزيرة.
فانس يهاجم الدنمارك ويهدد بـ«القوة»
وتصاعدت حدة الخطاب الأمريكي مع زيارة نائب الرئيس جي دي فانس إلى قاعدة "بيتوفيك" العسكرية الأمريكية في شمال غرينلاند، حيث حذّر من «التهديدات الصينية والروسية» على الجزيرة، وانتقد الدنمارك لـ«فشلها في حماية مصالح أمريكا».
وأكد فانس أن غرينلاند تمثل «خط الدفاع الأول» للولايات المتحدة، مُلمحًا إلى إمكانية استخدام القوة العسكرية رغم تفضيله الحل الدبلوماسي، قائلًا: «قد لا يكون ذلك ضروريًا.. لكن الرسالة للدنمارك واضحة: لم تعودوا قادرين على المواصلة».
وأثارت التصريحات الأمريكية غضبًا واسعًا، حيث رفضت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن أي حديث عن تغيير وضع غرينلاند، مؤكدة: «الجزيرة جزء من مملكتنا.. وهذا لن يتغير».
من جانبهم، نظّم سكّان غرينلاند احتجاجات رافضين ما وصفوه بـ«الاستعمار الجديد»، ورفعوا لافتات كتب عليها "أرضنا ليست للبيع"، بينما شكّلت الأحزاب السياسية المحلية حكومة ائتلافية من أربعة أحزاب لمواجهة "الضغوط الأمريكية الهائلة"، وفق تصريح رئيس الوزراء الجديد الذي وصف زيارة فانس بـ"غير الاحترافية" بسبب توقيتها الحساس.
صراع القطب الشمالي.. لماذا غرينلاند؟
وتكتسب غرينلاند أهمية استراتيجية مع ذوبان الجليد في القطب الشمالي، الذي يفتح ممرات ملاحية جديدة ويجعل الوصول إلى موارد الطاقة والمعادن أسهل.
وتخشى واشنطن من توسع النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، خاصة بعد أن أبرمت الصين اتفاقيات استثمارية مع غرينلاند لبناء المطارات واستخراج المعادن.
يُذكر أن ترامب قد حاول شراء الجزيرة عام 2019، لكن الدنمارك سخرت من الفكرة آنذاك، بينما يعيد اليوم طرحها بشكل أكثر عدوانية، مستخدمًا ورقة الحوافز المالية لاستمالة السكان الذين يسعون في الأصل للاستقلال عن الدنمارك، لكن دون الانضمام إلى الولايات المتحدة.
ورغم التأكيدات الأمريكية بأن القرار النهائي سيعود لسكّان غرينلاند عبر "تصويت لتقرير المصير"، إلا أن الخطاب الأمريكي المتشدد يُنذر بتصعيد دبلوماسي مع الدنمارك، الحليفة التقليدية داخل الناتو.
وفي الوقت الذي يُحاول فيه ترامب تحويل غرينلاند إلى ورقة ضغط في لعبة القوى العظمى، يبدو أن سكّان الجزيرة – البالغ عددهم 56 ألف نسمة – يرفضون أن يكونوا مجرد أدوات في صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل.