التجديد النصفي يقلق ترامب.. أزمات الداخل وسيف التاريخ

أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلقه من احتمال تكبد حزبه الجمهوري خسائر في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، وهو اعتراف نادر بالهشاشة السياسية من رئيس اعتاد على إظهار الثقة المطلقة في نفسه وفي قاعدته الشعبية.
ويأتي هذا القلق، بحسب مجلة نيوزويك، في وقت يشهد فيه الداخل الأمريكي إغلاقاً حكومياً شلّ عمل مؤسسات فيدرالية عدة، ما يزيد من الضغوط السياسية على إدارة ترامب ويضاعف المخاطر المحيطة بمستقبله السياسي.
قاعدة تاريخية لا ترحم
تصريحات ترامب لا تنفصل عن السياق التاريخي للانتخابات الأمريكية؛ إذ تشير الدراسات السياسية إلى أن الحزب المسيطر على البيت الأبيض يخسر مقاعد في مجلسي الكونغرس خلال انتخابات التجديد النصفي في معظم الأحيان.
ووفق تقرير أصدره معهد بروكينغز في أغسطس/آب الماضي، تكبّد حزب الرئيس خسائر في 20 من أصل 22 انتخابات تجديد نصفي منذ عام 1938، باستثناء حالتين: الأولى عام 1998 حين فشل الجمهوريون في إزاحة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون من منصبه عبر محاولات العزل، والثانية عام 2002 حين تمتّع الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن بمستويات شعبية قياسية عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
من هذا المنطلق، يدرك ترامب أن حزبه قد يكون مقبلاً على معركة صعبة في نوفمبر/تشرين الثاني 2026، خصوصاً في ظل تراجع معدلات تأييده الشعبي منذ مطلع ولايته الثانية.
اعتراف نادر بالقلق
في مقابلة مع شبكة أو إيه إن، قال ترامب: "الشيء الوحيد الذي يقلقني هو أنه إذا نظرتم إلى سنوات طويلة مضت – لا أملك الأرقام الدقيقة – لكن الرئيس الفائز بالرئاسة يبدو دائماً وكأنه يخسر في التجديد النصفي لولايته".
وبينما لم يقدّم تفاصيل إضافية عن استراتيجيات مواجهة هذا التحدي، سرعان ما عاد ليتحدث عن إنجازاته الاقتصادية التي يعتبرها أساساً لشعبيته ولقوة موقفه التفاوضي في الداخل والخارج.
أزمة شعبية تتفاقم
تعزز مؤشرات الرأي العام المخاوف التي عبّر عنها ترامب. فقد أظهر مؤشر فوت هاب Vote Hub تراجع شعبيته وصل في 30 سبتمبر/أيلول 10 نقاط، إذ بلغت نسبة التأييد 43 بالمائة فقط مقابل رفض 53 بالمائة. وبحلول 2 أكتوبر/تشرين الأول، تحسنت النسبة هامشياً لتصل إلى 44 بالمائة تأييداً، لكن الرفض بقي ثابتاً عند 53 بالمائة ، ما يعني أن صافي الشعبية ظل عند 9 نقاط.
هذا التراجع يعكس تحدياً سياسياً حقيقياً، إذ يرى محللون أن استمرار الإغلاق الحكومي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية قد يؤديان إلى تآكل إضافي في قاعدة الدعم للرئيس، رغم ولاء أنصاره المتشددين.
الإغلاق الحكومي ورهانات الاقتصاد
في خضم هذه الأزمة، حاول ترامب تقديم صورة أكثر تفاؤلاً عبر الإشادة بأداء الاقتصاد الأمريكي قائلاً: "نحن بلد غني وقوي بشكل هائل، وهذا يمنحنا قوة. الأرقام التي نحققها لم يكن أحد يظن أنها ممكنة، والآن الجميع يقول "ترامب كان محقاً".
لكن الواقع على الأرض أكثر تعقيداً؛ فالإغلاق الحكومي أدى إلى تعطيل عمل وكالات حكومية وخدمات عامة غير أساسية، وسط تقديرات بأن يستمر الوضع لأسابيع.
وتشير تسريبات من الإدارة إلى أن ترامب قد يستغل الأزمة لدفع مزيد من التخفيضات في حجم القوة العاملة الفيدرالية، ما يضعه في مواجهة مباشرة مع خصومه الديمقراطيين والنقابات العمالية.
ويرى محللون أن قلق ترامب يعكس إدراكه لخطورة المرحلة المقبلة؛ فالتاريخ يميل إلى غير صالحه، والاستطلاعات تشير إلى تراجع شعبيته، والأزمات الداخلية مثل الإغلاق الحكومي تضعف قدرته على تسويق إنجازاته الاقتصادية. في المقابل، يتطلع الديمقراطيون إلى استثمار هذه الظروف لإعادة إنتاج موجة انتخابية مشابهة لعام 2018، حين تمكنوا من السيطرة على مجلس النواب.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز