أمريكا وأستراليا وبريطانيا.. هل يقتل ترامب صفقة الدفاع الثلاثية؟
قبل أسابيع من عودته للبيت الأبيض، لا تزال هناك العديد من القضايا لا يعرف العالم رأي دونالد ترامب فيها، مثل اتفاق الدفاع العابر للقارات.
وبعد آلاف الساعات من المقابلات والخطابات على مدى السنوات الثماني الماضية، أطلعنا الرئيس المنتخب على رأيه في أي موضوع تقريبًا يخطر بباله في أي لحظة.
ولكن في مجال الدفاع الرئيسي، هناك بعض الثغرات، وهذا ما دفع القادة العسكريين حول العالم إلى البحث في تصريحات حلفاء الرئيس والمعينين لمحاولة استخلاص بعض القرائن، وتحديداً حول برنامج الغواصات الثلاثية الذي تبلغ تكلفته 369 مليار دولار والمعروف باسم ”أوكوس“ الذي سيرثه ترامب من جو بايدن.
ويبدو أن ترامب لم يعلق علنًا على اتفاقية أوكوس التي ستشهد مشاركة الولايات المتحدة التكنولوجيا مع شركائها للسماح لكلا البلدين ببناء غواصات نووية حديثة بحلول عام 2040.
وترك هذا الغموض، الوزراء والمسؤولين الحكوميين في لندن وكانبيرا يتدافعون لاكتشاف كيف ينظر الجمهوريون إلى الصفقة التي أبرمها الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، عندما يعودون إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني.
وأخبرت شخصيتان في قطاع الدفاع مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن هناك مخاوف جدية في الحكومة البريطانية من أن ترامب قد يسعى إلى إعادة التفاوض على الصفقة أو تغيير الجداول الزمنية، وذلك لأن الاتفاق يتطلب على الأرجح أن تقوم الولايات المتحدة بتقليص حجم أسطولها البحري مؤقتاً كجزء من الصفقة، وهو أمر قد يفسره ترامب على أنه إهانة لأيديولوجية ”أمريكا أولاً“.
النظر إلى الشرق
لكنّ هناك أملا في لندن، في أن يؤيد ترامب المشروع العسكري الذي يمثل تحديًا واضحًا، وإن كان غير معلن، للصين.
إذ ستشهد الصفقة وجود غواصات نووية مصممة أمريكياً على عتبة الصين مباشرة، وستشكل جزءاً من محاولات أستراليا لتعزيز قوتها العسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وعندما قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، في سبتمبر/أيلول 2021، إن الاتفاق لم يكن ”يهدف إلى معاداة الصين“، لم يصدقه الرئيس الصيني شي جين بينغ ببساطة.
وقال الزعيم الصيني إن أوكوس ”سيقوض السلام“ واتهم الدول الغربية بإذكاء عقلية الحرب الباردة.
وقالت ماري كيسل، وهي مستشارة كبيرة سابقة لوزير خارجية ترامب السابق مايك بومبيو، ”يمكنك أن تفترض أن ترامب الثاني سيشبه إلى حد كبير ترامب الأول“ عندما يتعلق الأمر ببناء تحالفات مع دول غربية أخرى ضد الصين.
وأوضحت: ”لقد أحيينا (في الولاية الأولى) المجموعة الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وجعلنا حلفاءنا يعززون تمويل حلف شمال الأطلسي وعملنا على منع الصين من الهيمنة على المؤسسات الدولية“.
ومع ذلك، فإن الصفقة تجبر الحكومة الأمريكية أيضًا على بيع أستراليا من ثلاث إلى خمس غواصات هجومية نشطة من طراز فيرجينيا وهي الأفضل في أسطول البحرية الأمريكية، بحلول 2030، كحل مؤقت حتى يتم بناء الغواصات الجديدة من طراز أوكوس.
أمريكا أولاً؟
يتزامن ذلك مع أزمة معترف بها على نطاق واسع في القدرة الدفاعية الصناعية الأمريكية. بعبارة عامة، فإن الولايات المتحدة تكافح حالياً لبناء ما يكفي من الغواصات أو المعدات العسكرية لتلبية احتياجاتها الخاصة.
وقال أحد الشخصيات في صناعة الدفاع في المملكة المتحدة مُنح عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إن هناك ”الكثير من القلق“ في الحكومة البريطانية و”قدر كبير من القلق في أستراليا“ حول ما إذا كان ترامب سيسمح باستمرار تنفيذ هذا الجزء من اتفاق أكوس.
وتابع ”الأمريكيون يقولون إنهم لا يستطيعون زيادة قدراتهم المحلية من الغواصات لتلبية احتياجاتهم الخاصة وليس لديهم فائض لتلبية احتياجات أستراليا".
قبل أن يضيف ”إذا بدأنا في سحب خيط واحد من الصفقة، فإن البقية يمكن أن تسقط بسهولة.“
ومع ذلك، قلل مسؤول حكومي بريطاني من مدى قلق لندن وكانبيرا بشأن مستقبل الصفقة.
وقال المسؤول إن الحكومة البريطانية واثقة من أن ترامب "إيجابي" بشأن الصفقة، وأن الولايات المتحدة ”مجهزة جيدًا بعدد الغواصات الكافي لأسطولها الخاص“.
بصيص من الأمل
في واشنطن أيضاً، يبحث خبراء الدفاع عن أدلة على موقف الإدارة الأمريكية القادمة.
وفي حين يتفق المراقبون المقربون على أنه من السابق لأوانه التنبؤ بما سيفعله ترامب بشأن أوكوس، إلا أن هناك بعض الأسباب التي تدعو للتفاؤل في اختيار الرئيس المنتخب لاثنين من الصقور لتولي أعلى مناصب الأمن القومي: السيناتور ماركو روبيو (جمهوري من ولاية فلوريدا)، وزيرًا للخارجية، والنائب مايك والتز (جمهوري من ولاية فلوريدا) مستشارًا للأمن القومي.
وعمل كلاهما في لجان الشؤون الخارجية بالكونغرس التي تولت تشريع تفويض أوكوس، وسيكونان على دراية تامة بأن هذا التشريع يحظى بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس الأمريكي.
ولكن قد يكون بصيص الأمل الأكثر إشراقًا هو مقال مجلة "إيكونوميست" الذي شارك والتز في تأليفه الشهر الماضي، وينتقد بايدن ونائبته كامالا هاريس بسبب سلسلة من الأزمات العالمية، لكنه يحتفظ ببعض الثناء على أوكوس.