ليس علينا انتظار الموقف الأوروبي، بل علينا أن نبدأ من الآن بحصر تلك المؤسسات والشركات.
تجري الشركات العالمية الروسية والصينية والأوروبية، بل وحتى الأمريكية التي جرت نحو إيران بعد توقيع الاتفاق النووي للحصول على حصتها من الكعكة الإيرانية الموعودة بعد رفع العقوبات، تعيش صدمتها اليوم بعد إعلان الاستراتيجية الأمريكية، فالعقوبات التي خرجت من الباب بعد الاتفاق النووي عادت لتدخل من الشباك إنما ضد الحرس الثوري الإيراني؛ بدلاً من أن تكون ضد النشاط النووي.
أكد مصدر مسؤول بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لـCNN، الجمعة، «أن إدارة ترامب صنفت الحرس الثوري الإيراني كـ«منظمة إرهابية»، وذلك بالتزامن مع إعلان ترامب استراتيجيته الجديدة تجاه إيران والاتفاق النووي الإيراني».
وأوضح المصدر أن «إدارة ترامب فعلت ذلك باستخدام صلاحيات وزارة الخزانة الأمريكية، وليس عبر صلاحيات وزارة الخارجية. وتقنياً يعني ذلك أن الحرس الثوري لم يُصنف كـ«منظمة إرهابية أجنبية» وهو مصطلح وزارة الخارجية، ولكن جرى تصنيفه كـ«منظمة إرهابية» من قبل وزارة الخزانة».حيث أعلن تيلرسون «أن ترامب سيفرض عقوبات محددة الأهداف على مسؤولين من الحرس الثوري الإيراني، إلا أنه لن يصنفه منظمة إرهابية». وأضاف أنه ستُفرض عقوبات «تستهدف هياكل التمويل بحد ذاتها وأفراداً معينين، وتعاقب الأشخاص الذين يدعمون هذا النوع من الأنشطة»، وشملت العقوبات أربعة كيانات من بينها شركة صينية تتعامل مع الحرس الثوري الإيراني.
نحن إذاً أمام عودة لسياسة العقوبات الاقتصادية التي ستدخل لإيران من الشباك بعد أن طردها الاتفاق النووي من الباب، ومن مدخل حصار ومقاطعة الحرس الثوري الإيراني بإمكاننا الآن أن ندخل إلى مقاطعة الاقتصاد الإيراني من جديد الداعم بأمر الخميني لجميع المؤسسات التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني
هذا يؤكد نقطتين هامتين، الأولى أن استراتيجية ترامب تجاه إيران ليست محصورة بالاتفاق النووي الإيراني، وهذا ما نسعى نحن لتعزيزه، بل تتسع لتشمل مشروع إيران التوسعي في المنطقة من خلال محاصرة أنشطة الحرس الثوري الإيراني، أما النقطة الثانية فهي أن الخلاف بين ترامب وتيلرسون يتفاقم في أكثر من ملف خارجي، وآخرها ملف الموقف الأمريكي تجاه إيران، فترامب قرر تجاهل تيلرسون واستخدام أدوات أخرى لدعم استراتيجيته؛ فلجأ للخزانة الأمريكية خاصة بالدعم الذي قدمه له ماتيس وزير الدفاع.
أما الموقف الأوروبي، فمن الواضح أن هناك نية للإبقاء على الاتفاق خاصة وأن الدول الأوروبية كانت على أهبة الاستعداد لاستئناف الصفقات التجارية المعقودة بين إيران وبينها بعد رفع العقوبات، لكن يبدو أن الاستراتيجية تهدف لإعادة العقوبات من باب آخر وهو باب محاصرة أنشطة الحرس الثوري الإيراني.
فبريطانيا على سبيل المثال بدت متحفظة على استراتيجية ترامب، ولم تبدِ رأيها إلا بخصوص إصرارها على بقاء الاتفاق النووي، أما عن مشروع إيران التوسعي فقالت تيريزا ماي إن بريطانيا تعارض أنشطة إيران غير القانونية في المنطقة، إلى جانب قولها إن بريطانيا تلتزم بالدفاع عن دولها، مما يعني إمساك العصا من المنتصف مما لسنا في حاجة لسماعه أو توقعه من بريطانيا أبداً.
فإيران لا تتمدد في المنطقة بمفاعلها النووي، لكنها تتمدد بواسطة الحرس الثوري الإيراني، فإن كانت أي من الدول الأوروبية معنية بأمن المنطقة، وكانت مقتنعة بأن أنشطة الحرس الثوري الإيراني غير قانونية بل إرهابية بدعمها ميليشيات مسلحة كحزب الله والانقلابيين الحوثيين، وكانت مقتنعة بأن إيران تهدد الملاحة الدولية، فإن العقوبات الاقتصادية عائدة لا محالة وستُطبق على كل من يتعامل مع إيران، لأنه باختصار وببساطة شديدة الحرس الثوري الإيراني يمسك بمفاصل السلطة ومفاصل العديد من الشركات الإيرانية المرغمة على دعمه بخمسها الذي تدفعه للولي الفقيه.
فنحن إذاً أمام عودة لسياسة العقوبات الاقتصادية التي ستدخل لإيران من الشباك، بعد أن طردها الاتفاق النووي من الباب، ومن مدخل حصار ومقاطعة الحرس الثوري الإيراني بإمكاننا الآن أن ندخل إلى مقاطعة الاقتصاد الإيراني من جديد الداعم بأمر الخميني لجميع المؤسسات التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني.
وليس علينا انتظار الموقف الأوروبي، بل علينا أن نبدأ من الآن بحصر تلك المؤسسات والشركات، وعلى أوروبا وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن تحدد موقفها من الأنشطة غير القانونية، أي موقفها من أمن المنطقة بشكل أكثر وضوحاً.
نقلا عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة