رموز الأمن القومي بعهد أوباما تحت المجهر.. تحقيق يستهدف «الدولة العميقة»
يتصدر جايسون ريدينغ كينونيس، المدعي العام الأمريكي الجديد في ميامي وأحد أبرز الوجوه الصاعدة في منظومة تطبيق القانون تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، مشهد تحقيق فيدرالي واسع يطال شخصيات بارزة من إدارة باراك أوباما.
التحقيق، الذي يُوصف داخل وزارة العدل بأنه الأكثر حساسية منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يستند إلى فرضية تبنّاها الرئيس وحلفاؤه تقول إن “الدولة العميقة” تآمرت لسنوات لإسقاط ترامب سياسياً عبر سلسلة من التحقيقات الفيدرالية، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
من موظف مبتدئ متعثر… إلى قمة الهرم القضائي
عندما التحق ريدينغ كينونيس بمكتب الادعاء في جنوب فلوريدا عام 2018، كان مجرد موظف مبتدئ في “معسكر تدريب” مخصص للمنضمين الجدد، يعمل على قضايا المخدرات والأسلحة لاكتساب الخبرة.
لكن الرجل لم يحقق الأداء المطلوب آنذاك، حيث حصل على تقييمات سلبية من مشرفيه، وغادر المكتب عام 2024 دون أن يترك بصمة مهنية تذكر.
وبعد عام فقط، عاد إلى المكتب ذاته لكن بصفة مختلفة تمامًا: مدعٍ عام أمريكي مُعيّن من ترامب لقيادة واحد من أهم المكاتب القضائية في البلاد.
تلك العودة المفاجئة فجّرت موجة من الاستقالات داخل المكتب، بحسب مصادر مطلعة، وسط مخاوف من أن يكون التعيين خطوة سياسية أكثر منه اختيارًا مهنيًا.
تحقيق غير مسبوق
منذ توليه المنصب، أصبح ريدينغ كينونيس الذراع القضائية المفضّلة للإدارة الجديدة. فقد أُسندت إليه مهمة إدارة تحقيق فدرالي واسع يطال مدير الاستخبارات القومية السابق جيمس كلابر، ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق جون برينان، إلى جانب مسؤولين كبار من مكتب التحقيقات الفيدرالي، من بينهم، أندرو مكابي وليزا بيج وبيتر ستروك.
وقد أصدر المكتب في الأسابيع الأخيرة، موجة من مذكرات الاستدعاء التي وصلت مباشرة إلى هؤلاء المسؤولين، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ وزارة العدل الأمريكية الحديثة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن التحقيق يركّز على تقييم استخباراتي صدر عام 2017 خلص إلى تدخل روسيا في انتخابات 2016 لصالح ترامب. وترى الإدارة الحالية أن ذلك التقييم لم يكن مهنيًا بل جزءًا من “مؤامرة طويلة الأمد” للنيل من الرئيس.
تغييرات جذرية… ومعنويات منهارة داخل المكتب
تعيين ريدينغ كينونيس لم يمرّ بهدوء. فالمكتب، المعروف بتوليه ملفات حساسة مثل المخدرات الدولية وقضايا الأمن القومي، شهد استقالات لمدعين مخضرمين فور إعلان ترشيحه.
ووفقا للصحيفة، استقال اثنان من المشرفين اللذين سبق أن قيّماه تقييمًا سلبيًا مباشرة، خوفًا من أن يُستهدفا بعد تسلّمه المنصب.
ومع بدء التحقيقات الجديدة، استقال مدعيان آخران بعد رفضهما العمل على القضية، ليُتّهما لاحقًا بتسريب معلومات ويُطلب منهما التوقيع على تعهدات تحت طائلة الحنث باليمين - طلب وصفه العاملون بأنه “غير مسبوق”.
وفي خلفية كل ذلك، يسيطر شعور عام بالقلق.
ويقول أحد المدعين السابقين: "لم أشهد شيئًا كهذا طوال عقود من عملي… أصبح الجميع يتساءل: هل سيتعرض من يمس هذه الملفات للإقالة؟"
هيكلة جديدة
بعد تداول منشورات يمينية تتهم رئيس القسم الجنائي في المكتب بأنه تبرع لحملة كامالا هاريس - رغم أن ذلك نشاط سياسي مشروع - قام ريدينغ كينونيس بإعادة هيكلة الأقسام وسحب إدارة الأمن القومي من سلطة القسم الجنائي، واضعًا إياها تحت إشرافه المباشر.
هذه الخطوة منحت المدعي الجديد سيطرة كاملة على الفريق المكلف بالتحقيق في مسؤولي إدارة أوباما.
وبالتزامن، بدأت الإدارة في جذب مدعين خارجيين للمشاركة في التحقيق، بينهم مدعٍ سابق أُبعد سابقًا لمحاولته فتح تحقيقات تستند إلى نظريات تزوير انتخابات 2020.
شبكة دعم محافظة
صعود كينونيس لم يكن مصادفة، وفق مصادر عدة. فقد لعب المحامي المحافظ والناشط السياسي المعروف مايك ديفيس دورًا أساسيًا في ترشيحه.
ويرى ديفيس أن تقييم 2017 كان جزءًا من “مؤامرة مستمرة” ضد ترامب، تشمل أيضًا مداهمة منتجع مار إيه لاغو عام 2022 لاستعادة وثائق سرية، ما يعني أن القضية تدخل ضمن المهلة القانونية ولا تسقط بالتقادم.
وقد شكّل مكتب جنوب فلوريدا بالفعل هيئة محلفين كبرى في فورت بيرس، ما يرجّح أن تتولى القاضية آيلين كانون - المعروفة بقربها من التيار المحافظ - الإشراف على أي إجراءات مرتبطة بالتحقيق، خاصة بعد أن كانت قد ألغت سابقًا لائحة الاتهام الفيدرالية ضد ترامب في قضية الوثائق السرية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA== جزيرة ام اند امز