صورة ترامب الجنائية.. خدش في وجه "رجل الكاميرات" و"طعنة" لأمريكا
الصورة بالنسبة لدونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق ونجم تلفزيون الواقع في مرحلة ما، هي كل شيء؛ نقطة قوته السياسية وحاملة رسائله للخصوم.
لكن الرئيس السابق وجد نفسه فجأة أمام آلة تصوير لا يتحكم فيها أو في القائمين عليها، مضطرا إلى الظهور بمشهد لم يعتده، مودعا نظرات التحدي، ليحل محلها ملامح محايدة لأقصى درجة.
هذا كان تحليل أولي لصورة ترامب كمتهم في سجن أمريكي، مساء أمس الخميس؛ كتبه ستيفن كولينسون لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، ورأى فيه أن الصورة "لا تعكس شجاعة الرئيس السابق المميزة".
وتابعت في وصف دقيق للصورة، "عينا ترامب تُحدق فيك، ووجهه كالحجر"، وتابعت: "ختم مكتب عمدة مقاطعة فولتون في الزاوية العليا، والرئيس السابق في قلب عملية لا يستطيع فيها التحكم بمصيره، رغم كل قوته السابقة".
وأردفت: "صورة ترامب الجنائية صارخة في بساطتها"، متوقعة أن تثير بالتأكيد غضب الملياردير الذي يعتبر الصورة كل شيء.
كما أنها "كناية عن انتخابات يواجه فيها المرشح الجمهوري المحتمل 91 تهمة جنائية في أربع قضايا، ولا يستطيع التحكم بمصيره"، وفق المصدر ذاته.
صورة بزوايا متعددة
في بعض النواحي، تمثل الصورة التي التقطت بعد تسليم ترامب نفسه للسلطات يوم الخميس، "ذروة حتمية لحياة امتدت وحطمت القيود المحيطة بالرئاسة، وكثيرا ما أدت إلى إجهاد القانون"، على حد قول "سي إن إن".
لكن على نطاق أوسع، بالنسبة للرجل الذي بنى أسطورته من خلال لقطات المصورين في أعمدة الشائعات بصحف نيويورك ويقدر أغلفة مجلات "التايم" التي تحمل صورته، فإن الصورة التي التقطها في السجن، على الرغم من كل ما فيها من إهانة، "تمثل جبهة جديدة أخرى من الشهرة."
إلا أنها تمثل، بالنسبة لأمة تزال متورطة في الاتهامات المتبادلة والغضب الذي يثيره الملياردير، نوعا خاصا من المأساة. أما بالنسبة لأنصار الرئيس السابق، المعتقدين في نظريات المؤامرة أن ترامب ضحية الاضطهاد، فإن الصورة تكرس مكانته باعتباره "شهيدا سياسيا حيا"، وهو ما ترتكز عليه حملته لاستعادة البيت الأبيض.
ميزان العدالة للجميع
الصورة تحمل أيضا أبعادا سياسية وقانونية إيجابية، إذ إنها أكدت أن ترامب، رغم سلطته وشهرته السابقة، يجب أن يُعامل بموجب القانون مثل أي شخص آخر. بعبارة أخرى، الرجل الذي كانت لديه القدرة قبل سنوات قليلة على تدمير العالم بترسانة نووية، التقطت له صورة جنائية مثل أي مشتبه به آخر، ما يعني أن ميزان العدالة واحد للجميع.
وفي نفس الوقت تحمل أبعادا سياسية سلبية تتمحور حول سؤال مفاده: هل يمكن أن يؤدي الإذلال المتراكم (لترامب) إلى نتائج عكسية؟، حيث قام ترامب بحشد كل جوانب دفاعه القانوني لشحن روح الانتقام والغضب، ما يزيد جاذبيته السياسية بين أنصاره.
والدليل على ذلك أن ترامب نشر صورة السجن على شبكة "تروث" للتواصل الاجتماعي التي يملكها، واستخدمها للعودة إلى إكس (تويتر سابقا)، وبدأت حملته بالفعل في تعزيز الغضب عبر رسائلها المختلفة.
ومن المرجح أن "تساعد هذه الفكرة في جمع الأموال التي ينفقها على الدفاع عنه وتحويل مشاكله القانونية إلى نوع جديد من السلطة، في إهانة أخرى لنظام العدالة"، وفق "سي إن إن".
منحة في ذرة المحنة
وتابعت الشبكة الأمريكية "على عكس أي سياسي آخر، بالنسبة ترامب، فإن الصورة الجنائية نقطة انطلاق. ففي نهاية المطاف، تم تصويره في السجن، بالتزامن مع قيام معظم منافسيه لنيل ترشيح الحزب الجمهوري، بتأكيد أنهم سيدعمون الملياردير إذا أصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة".
بيد أن الشبكة الأمريكية قالت في خلاصة تحليلها: "وجه يعرفه العالم كله ظهر في الصورة متجمدا في الخزي.. حقبة أمريكية مروعة تم التقاطها بنقرة زر".
ومساء أمس، أعلنت الشرطة الأمريكية توقيف ترامب رسميا بتهمتي "الابتزاز الانتخابي والتآمر"، وبعدها بدأت الإجراءات المتبعة مع كل نزلاء السجن.
واتبعت الإجراءات الطبيعية مع ترامب، حيث أخذت بصماته وقياساته الحيوية، وحصل على رقم جنائي ثم التقطت له صورة جنائية هي الأولى لرئيس أمريكي سابق أو حالي في التاريخ، ثم أطلق سراحه خلال ساعتين بكفالة مالية وصلت إلى 200 ألف دولار أمريكي.
ونشرت شرطة فولتون الصورة الجنائية التي التقطت للرئيس السابق دونالد ترامب، في أتلانتا خلال فترة توقيفه الوجيزة، حسب ما أفاد عدد من وسائل الإعلام المحلّية.
ويرفض ترامب هذه الاتهامات والمحاكمة المترتبة عليها، ويصفها بأنها محاكمة سياسية لمنعه من العودة للبيت الأبيض.
ويحاكم ترامب و18 آخرون بتهمة "الابتزاز" وارتكاب عدد من الجرائم، سعياً لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2020 في ولاية جورجيا الرئيسية التي فاز بها منافسه الديمقراطي جو بايدن.