داخل قبة ترامب الحديدية.. كيف ستعمل النسخة الجديدة من «حرب النجوم»؟
أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على درع دفاعي يتجاوز برنامج الرئيس الراحل رونالد ريغان «حرب النجوم».
ذلك الدرع الصاروخي اعتبر الأكثر طموحًا في تاريخ الولايات المتحدة، والذي تم تصميمه لتدمير الصواريخ الأسرع من الصوت ومنع الفناء النووي والذي أطلق عليه اسم "القبة الحديدية لأمريكا" في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الشهير.
لكن رؤية ترامب التي تشمل الليزر الفضائي، أقرب بكثير إلى برنامج ريغان "حرب النجوم" الذي أطلقه في عام 1983 في ذروة الحرب الباردة.
وستبلغ تكلفة النسخة الجديدة من حرب النجوم مئات المليارات من الدولارات، كما أن التحديات التكنولوجية التي تواجهها هائلة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية في تقرير طالعته "العين الإخبارية".
وأشار التقرير إلى تحذيرات الخبراء النوويين من أن مبادرة ترامب قد تستفز الصين وروسيا لاتخاذ تدابير مضادة وهو ما دفع نشرة العلماء الذريين إلى نقل "ساعة يوم القيامة" ثانية واحدة أقرب إلى منتصف الليل.
ويمنح الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب يوم الإثنين الماضي، وزير الدفاع بيت هيغسيث 60 يومًا لوضع خطة للدفاع عن الولايات المتحدة ضد هجمات الصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت والصواريخ المجنحة المتقدمة.
والنظام الذي اقترحه ترامب، في الأمر التنفيذي شامل ومكلف للغاية ويختلف في مستوى التطور التقني عن القبة الحديدية الإسرائيلية؛ إذ تسعى مبادرة ترامب إلى اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تسافر لمسافة أبعد 100 مرة وأسرع سبع مرات، كما أن الولايات المتحدة أكبر من إسرائيل بنحو 450 مرة.
ويطالب أمر ترامب بنشر "صواريخ اعتراضية فضائية" أي شبكة من الأقمار الصناعية، بعضها مزود بأشعة الليزر، كما يدعو إلى تطوير طبقة أخرى من الصواريخ الاعتراضية ذات الارتفاع المنخفض إذا فشلت أشعة الليزر.
ويتطلب هذا النظام "القدرة على هزيمة الهجمات الصاروخية قبل إطلاقها" أو بعبارة أخرى، فإن هذا النظام يدمر الرامي، وليس السهم فقط.
ووفقا للمحللين فإن الدرع الصاروخي الفضائي المقاوم لأي تسلل أمر مستحيل تقريباً وقال توم كاراكو، الخبير البارز في مجال الصواريخ في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "لا يوجد غطاء أمني سحري".
ويتطلب الكشف عن الصواريخ النووية الباليستية واعتراضها وتدميرها خلال ثلاث أوخمس دقائق قبل دخولها المدار، أشعة ليزر فعالة على مدى مئات الكيلومترات ولا توجد مثل هذه التكنولوجيا حالياً.
كما يتطلب تزويد الأقمار الصناعية بالطاقة التي تطلق الليزر أن يكون لديها مفاعلات نووية صغيرة، أو ربما نظام متقدم من الألواح الشمسية.
وقال فابيان هوفمان، خبير الصواريخ في مشروع أوسلو النووي "هذا ليس مستحيلا، لكنه سيتطلب جهدا كبيرا في البحث والاستثمار لا يمكن إكماله في الأمد القريب".
وسيحتاج ترامب إلى إقناع الكونغرس بتمويل التكاليف الضخمة للمشروع. ووجد تقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم في 2012 أن "حتى نظام دفاع فضائي صارما ومحدود القدرات" سيتطلب 650 قمرا صناعيا بتكلفة 300 مليار دولار.
تحذيرات أمريكية
كما حذرت المخابرات الأمريكية من أن هذا النظام سيكون عرضة للأسلحة المضادة للأقمار الصناعية مثل الأسلحة النووية الفضائية التي طورتها روسيا مؤخرا.
وقالت لورا جريجو، مديرة الأبحاث لبرنامج الأمن العالمي "لقد تم التخلي عن الدفاعات الصاروخية الفضائية دائما لأنها باهظة الثمن، وتشكل تحديا فنيا كبيرا ويمكن هزيمتها بسهولة".
والولايات المتحدة لديها بالفعل برنامج دفاع صاروخي أرضي بقيمة 60 مليار دولار يتألف من 44 صاروخا اعتراضيا، تم نشرها في ألاسكا وكاليفورنيا، وتم تصميمها لتدمير الصواريخ المارقة بعيدة المدى من أعداء مثل كوريا الشمالية ولأن كل منها يكلف أكثر من 50 مليون دولار، فإن توسيع هذا النظام لتغطية جميع أنحاء البلاد سيكون مكلفا للغاية.
وقالت ستايسي بيتيغون من مركز أبحاث الأمن الأمريكي الجديد "لا يمكن وضع دفاعات نشطة في كل مكان قد يكون هناك حاجة إليه للدفاع عن المدن والبنية التحتية الحيوية والمواقع العسكرية".
ووجد تحليل فني أجري عام 2000، أنه حتى دولة أقل نمواً مثل كوريا الشمالية قد تستخدم تدابير مضادة مثل الطعوم أو "الكفن المبرد" الذي يغطي الرأس الحربي النووي لإرباك صواريخ الاعتراض الباحثة عن الحرارة.
وقال تشاو تونغ، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "إنه على الرغم من عقود من التطوير فإن أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية، قد لا تواجه تهديدات الدول المارقة بشكل موثوق".
وأضاف أن "تحقيق دفاع شامل ضد ترسانات الصواريخ الأكبر حجماً لدى روسيا والصين يتطلب إنفاقاً فلكياً دون تحقيق اختراقات تكنولوجية غير مسبوقة".
وقد يدفع مشروع ترامب روسيا والصين إلى سباق تسلح متسارع من أجل الحفاظ على التكافؤ النووي. وقال مانبريت سيثي، رئيس البرنامج النووي في مركز دراسات القوة الجوية في نيودلهي "إذا كان بإمكان قوة نووية واحدة أإثبات قدرتها على الدفاع عن نفسها مع امتلاكها القدرة على الضربة الأولى النووية، فهذا أمر مزعزع للاستقرار".
وقال إريك هيجينبوثام، الخبير في القضايا النووية الصينية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إنه تهديد هجومي لا تستطيع القوى الكبرى المنافسة تجاهله ولن تفعل ذلك.. قد تكون نيتنا دفاعية.. لكن مهما كانت النية، إذا كانت القدرات حقيقية، فسيتم اعتبارها تهديدًا هجوميًا حاسمًا".
ويمكن للخصوم بعد ذلك اتخاذ تدابير مضادة فيمكن لروسيا تحميل المزيد من الرؤوس الحربية النووية على الصواريخ الباليستية الموجودة، أو استهداف المناطق ذات الدفاعات الأضعف.
لذا فإنه من الممكن معالجة التهديدات الصاروخية التقليدية من خلال تعزيز الأنظمة ذات الارتفاعات المنخفضة، القائمة على الأرض أو السفن البحرية الأمريكية فرغم التكلفة ضخمة، إلا أن هذا النهح ممكن فنيا ومن المحتمل أن يؤدي إلى تجنب سباق تسلح آخر.
ويتطلب الجزء الفضائي من برنامج ترامب إطلاق مئات الأقمار الصناعية وهي السوق التي تهيمن عليها حاليًا شركة سبيس إكس التابعة لإيلون ماسك الحليف المقرب للرئيس الأمريكي.
ورغم أن الإدارة الأمريكية لديها مقاولون آخرون قادرون على إرسال أقمار صناعية للفضاء، فإن صواريخ ماسك تتمتع بسعة حمولة أعلى وحجم حمولة أعلى وهي أرخص بكثير من معظم المنافسين كما يتم إطلاقها بتردد أكبر (في المتوسط إطلاق واحد كل 3 أيام في العام الماضي).
aXA6IDE4LjExOC4xNi4yMjAg جزيرة ام اند امز