ملف كوريا الشمالية يؤجج التوتر بين الصين وأمريكا
دونالد ترامب ألقى شكوكا على احتمالات أن تعمل بكين مع واشنطن للتصدي للتهديد النووي الكوري الشمالي
يلقي الملف الكوري الشمالي الشائك بظلاله على العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بعد أن عبر الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينج عن وجهات نظر متباينة قبل لقاء مرتقب بينهما، هذا الأسبوع، على هامش قمة مجموعة العشرين.
وأجج إطلاق كوريا الشمالية الثلاثاء صاروخا بالستيا عابرا للقارات التوتر بين البلدين، عشية قمة لمجموعة العشرين تنطلق، الجمعة، في هامبورج في ألمانيا.
وعقب أول اجتماع بين الرجلين في إبريل/ نيسان في منتجع مارالاجو، وصف ترامب نظيره الصيني بأنه "رجل جيد".
واستنكر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأربعاء، تجارة الصين مع كوريا الشمالية وألقى شكوكاً على احتمالات أن تعمل بكين مع واشنطن، للتصدي للتهديد النووي الكوري الشمالي.
وقال ترامب في تدوينة على "تويتر" قبل يومين من انطلاق قمة لمجموعة العشرين في مدينة هامبورج الألمانية "التجارة بين الصين وكوريا الشمالية نمت بنسبة 40% تقريباً في الربع الأول من العام. هذا كثير جداً بما قد يثني الصين عن العمل معنا، لكن علينا أن نعطيها فرصة للمحاولة!".
وتأتي تغريدات ترامب في سياق الرد على التجربة الصاروخية الأخيرة لبيونج يانج، وكتب في وقت سابق: "من الصعب أن نصدق أن كوريا الجنوبية واليابان ستتحملان هذا الأمر لفترة طويلة.. ربما تتخذ الصين بادرة قوية في موضوع كوريا الشمالية وتضع حداً لهذه العبثية بشكل نهائي".
وردت وزارة الخارجية الصينية بأن بكين "قامت بجهود حثيثة" لحل المسألة النووية الكورية الشمالية.
كما أخذ الرئيس الصيني، الاثنين، على ترامب ظهور "عوامل سلبية" في العلاقة بين البلدين.
وكانت الولايات المتحدة فرضت الاسبوع الماضي عقوبات على مصرف صيني بتهمة تبييض أموال لحساب كوريا الشمالية، كما أعطت الضوء الأخضر لبيع أسلحة بقيمة 1,1 مليار يورو إلى تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين تابعة لها ولا تزال تطالب بها.
توازن دقيق:
وتشكل الصين الداعم الرئيسي لكوريا الشمالية على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي. وهي تدرس بدقة ما تتخذه من إجراءات بحق كوريا الشمالية.
فمن جهة تشددها قد يتسبب بسقوط نظام بيونج يانج ما سيكلف بكين تدفقا للاجئين، فيما تراخيها من جهة أخرى قد يعطي واشنطن ذريعة لضرب كوريا الشمالية.
ويقول المحلل آندرو جيلهولم من مركز "كونترول ريسكس" البريطاني، إنهم يبذلون جهدا لإيجاد نقطة التوازن بغية إرضاء الأمريكيين وتفادي وضع ترامب.. التدخل العسكري نصب عينيه".
ويرى غيلهولم أنه وإن كان الثقل الاقتصادي للصين يمنحها وسيلة ضغط على كوريا الشمالية لا يعني ذلك أنها قادرة على إقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي.
إلا أن امتلاك صاروخ عابر للقارات يغير المعطيات.
لقد أصبح بإمكان واشنطن أن تعتبر أنها مهددة وأن الوقت بدأ يداهم بكين من أجل احتواء جارتها المشاغبة.
ويقول ويلي لام المتخصص في شؤون الصين في الجامعة الصينية في هونج كونج "إنه توازن دقيق.. إذا لم تتحرك الصين بالسرعة الكافية قد يصبح التحرك بالنسبة للولايات المتحدة واردا" عبر توجيه ضربة لأهداف محددة أو غير ذلك.
وكانت بكين أعلنت في فبراير / شباط الماضي تعليق استيراد الفحم من كوريا الشمالية حتى نهاية 2017.
وتراجعت قيمة ما تستورده الصين من كوريا الشمالية إلى 721,5 مليون دولار بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار، بعدما بلغت قيمة وارداتها من بيونج يانج 773,6 مليون دولار للفترة نفسها في 2016.
طريق مسدود:
وتدعم واشنطن فرض عقوبات من أجل إخضاع كوريا الشمالية، فيما تدعو بكين إلى إعادة إحياء المفاوضات مع الدول الست (الكوريتان، روسيا، الولايات المتحدة، الصين، واليابان) المتوقفة منذ 2009.
وحصل الرئيس الصيني الذي زار، الثلاثاء، موسكو على تأييد نظيره الروسي فلاديمير بوتين للاقتراح الصيني باعتماد خيار مزدوج: وقف إجراء الاختبارات الصاروخية الكورية الشمالية مقابل وقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لمناوراتهما العسكرية المشتركة الواسعة النطاق، والتي ترى فيها بيونغ يانغ تهديدا مباشرا.
ويرى محللون أن بإمكان الصين تشديد عقوباتها ضد بيونج يانج بشكل كبير: باستهداف مصارف صينية وشركات ومطارات مرتبطة بالنظام الكوري الشمالي، وأيضا عبر تقليص إمداداتها الغذائية والنفطية.
ويعتبر جيلهولم أن ما يصنع الفارق ليس إجراءات الأمم المتحدة وإنما إلى أي مدى تسمح الصين بتنفيذها، في إشارة إلى العقوبات التي تفرضها المنظمة الأممية ضد بيونج يانج.
وبحسب ويلي لام فإن الرئيس الصيني قد يميل لفرض عقوبات وإنما ليس بشكل علني، كي لا يبدو أنه ينقصه الحزم تجاه الأمريكيين وبخاصة بعد انتقادات واشنطن في الأسبوع الماضي.
ويعتبر مايكل كول الخبير في الشؤون الصينية في جامعة نوتنجهام أن تحقيق تقدم خلال لقاء ترامب وشي في قمة مجموعة العشرين يبدو غير مرجح، قائلا "نحن في طريق مسدود".