ترامب يفتقر إلى سياسة مستقرة تجاه الصين.. تخبط يضعف واشنطن ويربك شركاءها

تتسم سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الصين بالتخبط الشديد، على نحو يظهر بوضوح بشكل خاص في الملف التجاري، ما أضعف موقف واشنطن وأربك شركاءها، وفقا لما تراه صحيفة لوموند الفرنسية. ، بينما استفادت منه بكين بذكاء.
وفي 2 مايو/أيار الماضي، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية ما اعتبرته صحيفة "لوموند" في افتتاحيتها: "وصفًا دقيقًا" لنهج ترامب التجاري أطلقت عليه "TACO" – اختصارًا لعبارة: "ترامب دائمًا يتراجع". وبعد ثلاثة أشهر، بات جليا أن هذا الوصف لا ينطبق فقط على الرسوم الجمركية، بل أيضًا على سياسة ترامب العامة تجاه بكين.
وبين فرض عقوبات تجارية على بكين، وإطلاق تصريحات ودية تجاه الرئيس شي جين بينغ، يواصل ترامب تذبذبه بين استراتيجيات متناقضة. ويدفع بالمواعيد النهائية التي يحددها بنفسه تارة، ثم يتراجع عنها تارة أخرى، متخذًا قرارات تناقض الموقف الصارم الذي تبنّته الإدارات الأمريكية السابقة تجاه الصين.
اتفاق إنفيديا
ومن أبرز الأمثلة على هذا الارتباك في السياسة هو ما حدث يوم 11 أغسطس/آب، حين أعلن ترامب عن اتفاق غير مسبوق مع شركة "إنفيديا"، أكبر منتج أمريكي للمعالجات الدقيقة. وبموجبه، سُمح للشركة بتصدير رقائق H20 إلى الصين مقابل دفع 15% من أرباحها للخزانة الأمريكية، وشمل الاتفاق أيضًا شركة AMD المنافسة.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية إن هذا الترتيب المثير للجدل يُعد تدخلًا مباشرًا من الحكومة في أنشطة القطاع الخاص، كما يطرح تساؤلات حول دستوريته، لكنه أيضًا يشير إلى تحول فعلي في سياسة الولايات المتحدة بشأن بيع الرقائق إلى الصين.
تصعيد متبادل
وكان ترامب قد حظر هذه الصادرات في أبريل/نيسان ضمن حملته العالمية لفرض الرسوم. وردّت بكين حينها بتقييد تصدير العناصر الأرضية النادرة، وبشكل خاص المغناطيسات المستخدمة في الإلكترونيات. وهذه المواد بالتحديد تحتكر الصين إنتاجها عالميًا. وهكذا، دخل الطرفان في معركة ضغوط متبادلة: الولايات المتحدة بسلاح رقائق الذكاء الاصطناعي، والصين بالمواد الخام الحيوية.
واليوم، القلق الأكبر في واشنطن هو أن ترامب قد يتنازل لاحقًا عن المزيد، حتى في ما يخص تصدير الرقائق الأكثر تقدمًا، وهو ما يشكل خطرًا على الأمن القومي الأمريكي. وقد جاء إعلان تأجيل المفاوضات التجارية لمدة 90 يومًا إضافية ليؤكد هذا الميل نحو التهدئة.
وخلصت صحيفة "لوموند" إلى أن سياسة ترامب تجاه الصين غير مفهومة ولا منسجمة، وتزرع الشك لدى الحلفاء الأوروبيين والآسيويين. وفي المقابل، تتيح هذه السياسة المرتبكة الوقت والمساحة لبكين لتعزيز موقعها، دون أن تواجه ضغوطًا استراتيجية حقيقية من واشنطن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNyA=
جزيرة ام اند امز