ترامب.. اليمين الشعبوي يصل إلى البيت الأبيض في 2016
يرى كثيرون أن فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا هو الحدث الأبرز سياسيا في الساحة العالمية والأمريكية خلال 2016
يرى كثيرون أن فوز الملياردير الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الحدث الأبرز سياسياً في الساحة العالمية والأمريكية خلال 2016، باعتبار أن الساكن الجديد للبيت الأبيض، سيؤثر في سياسات العالم خلال السنوات الأربع المقبلة.
ووصل ترامب إلى البيت الأبيض بعد حملة انتخابية ساخنة ضد منافسته السياسية الديمقراطية المخضرمة، هيلاري كلينتون، واستمرت أكثر من 15 شهراً وشهدت حرباً كلامية بين الجانبين وتراشقاً بالاتهامات.
ورغم أن استطلاعات الرأي في أغلب أوقات الحملة الانتخابية كانت تظهر تزايد فرص كلينتون للفوز بالسياق الرئاسي إلا أن نتيجة الانتخابات جاءت عكس ذلك,
وبدأت رحلة ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين أعلن ترشحه للرئاسة بتصريحات مثيرة للجدل ومناهضة للمسلمين ليبدأ بها مشواره السياسي في تحالف مبكر مع المنظمات اليمينية الأمريكية والكتلة البيضاء التي تناهض المهاجرين والمسلمين على حد سواء تحت شعار "جعل أمريكا عظيمة مجدداً".
وأدى ذلك التحالف إلى قلق واسع النطاق ضمن الأقليات الأمريكية في الولايات المتحدة، وبالأخص الأقليات المسلمة والسود واللاتينيين، والتي دفعتهم تصريحات ترامب إلى إعلان دعمها الكامل للسيدة الأولى السابقة ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التابعة للمعسكر الديمقراطي، والتي لم تتوان في مهاجمة سياسة ترامب ليتشكل قطبان للاتجاهات السياسة الأمريكية بشكل غطى تماماً على المرشحين الآخرين في السباق الرئاسي.
وركز ترامب في خطاباته على أهمية بناء الجدار العازل لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الدخول الى الولايات المتحدة عبر المكسيك، ومطالبته المستمرة بمنع دخول المسلمين إلى البلاد، ومراقبة من هم يعيشون داخلها وتسجيلهم في قواعد بيانات وعزلهم في معسكرات خاصة على غرار ما حدث مع الأمريكيين من أصول آسيوية في الحرب العالمية الثانية.
وجاء فوز كل من ترامب وكلينتون بالترشح لحزبيهما ليشكل بداية معركة طويلة ومنهكة لكل من الرأي العام والإعلام الأمريكيين، حيث انشغل الإعلام الأمريكي بتغطية تحليلات الصراعات التي زادت وتيرتها بين المرشحين الرئيسيين، وفي نفس الوقت أصبح الرأي العام منهكاً بسبب أعمال العنف التي تخللت فعاليات ترامب في عدد من الولايات، والتي تطورت إلى مظاهرات حاشدة وأعمال عنف في عدد من المدن التي استضافت عدداً من فعاليات ترامب.
وجاء رد الفعل العالمي مرتبكاً تجاه معركة ترامب وكلينتون، فاليمين الأوروبي رحب بترشح ترامب معتبراً نموذجه في الانتخابات الأمريكية وصفة سحرية لإمكانية صعودهم في الانتخابات المحلية في عدد من دول أوروبا والتي شجعت بعضهم بعمل تصريحات عن التعاون المستقبلي بينهم وبين ترامب، بينما أبدى عدد من التوجهات الأخرى امتعاضه من الطريقة التي يروج بها ترامب أفكاره وتصريحاته، وأشاروا الى أنها تصريحات تولد الكثير من الحقد والكراهية، على غرار تصريح البابا فرانسيس بابا الفاتيكان عن جدار ترامب العازل مع المكسيك قائلاً "كيف يمكن لأمريكي كاثوليكي التصويت لمثل هذا الشخص؟".
ولم يكتف ترامب بالهجوم على الأقليات والشخصيات العامة من على منصة فاعلياته، بل امتد هجومه على صفحات موقع التواصل الاجتماعي، حيث قام بإهانة المئات من الشخصيات العامة بداية بالرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، وصولاً بمنافسته في السباق هيلاري كلينتون، وانتهاءً بعدد كبير من المشاهير الداعمين لهيلاري كلينتون أو المناهضين لتصريحاته وسياساته.
واستغل ترامب الأزمة الصحية التي طالت هيلاري كلينتون أثناء زيارتها موقع تذكاري لهجمات 11 سبتمبر/أيلول، والتي صرح فيها أنها لا تصلح لرئاسة الولايات المتحدة، وطالب بالفحص الطبي عليها لمعرفة إذا ما كانت قابلة للاستمرار في السباق الرئاسي من الأساس، بالإضافة الى فضحية تسريبات البريد الإلكتروني الخاصة بها، عندما تقلدت وزارة الخارجية، التي طالت المرشحة الديمقراطية خلال السباق الرئاسي، والتي هددها ترامب في أحد المناظرات قائلاً "سأضعك في السجن عندما أكون رئيساً".
وتوقع الإعلام الأمريكي فوز هيلاري في استطلاعات للرأي قامت بها الوكالات والمواقع الإخبارية الأمريكية مثل شبكة سي إن إن وموقع "ريل كلير بوليتيكس" و"بوليتيكو" و"سي إن بي سي" و "إيه بي سي نيوز" و"أبسوس رويترز" وصحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست، وأظهرت تلك الاستطلاعات تقدماً كبيراً لهيلاري كلينتون في تلك النتائج، وبالأخص في أخر 5 أشهر من السباق.
ولكن في بداية العد التنازلي للجولة النهائية من السباق الرئاسي، ظهرت عدة تقارير حول جدوى تلك الاستطلاعات، بالأخص مع وجود الكتلة التصويتية الكبيرة للبيض داخل الولايات المتحدة، والتي لم يخاطبها أي من المرشحين الأمريكيين باستثناء ترامب، والتي ولدت زخماً كبيراً ساعده في اقتناص عدد ضخم من الأصوات.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات فوز دونالد ترامب بشكل ساحق على هيلاري كلينتون، حيث استطاع الفوز بكل من الولايات المتأرجحة والولايات الحاسمة، باستثناء كاليفورنيا، وحصد 306 أصوات من أصل 538 صوتاً في المجمع الانتخابي، مما يعني أكثر بـ 36 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي الـ 270 المطلوبة للفوز بالرئاسة.
وتلا ذلك الفوز، سلسلة من الاحتجاجات في العديد من المدن الأمريكية التي طالبت بإسقاط ترامب قبل وصوله السلطة، لكن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما طالب باحترام نتيجة الانتخابات والعمل على نقل السلطة بشكل سلمي.
ترامب من جهته اختار فريقه الانتقالي المكون من أبنائه ومستشاريه، والذين كانوا متواجدين في عدة لقاءات أبرزها لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الياباني شينزو ابى، والذي حضرته ابنته إيفانكا ترامب.
وسيتم تنصيب ترامب رئيساً في 20 يناير 2017، مع تأكيد كل من المجمع الانتخابي الأمريكي والكونجرس النتيجة رسمياً، ليصبح بذلك أحد قلائل الرؤساء الأمريكيين المنتخبين دون خبرة سياسية حقيقية.