بعد أزمة القمح.. تونس تبحث عن أمنها الغذائي بهذه الطريقة
تعول تونس على إنجاح موسم زراعة الحبوب خوفا من ضياع المحصول على جميع المراحل من الحصاد والنقل والتجميع.
حيث وضعت كافة أجهزتها من أجل تجميع أكثر ما يمكن من الحبوب للتقليص من الموارد المخصصة للتوريد، وتعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
رفعت تونس هذا الشهر سعر شراء القمح والشعير من المزارعين المحليين لتشجيع الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي.
وقال وزير الزراعة محمود إلياس حمزة حينها إن “تونس تسعى للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح الصلب بدءا من الموسم المقبل”.
وأوضح الوزير أنّ مختلف الإجراءات المتخذة لإنجاح البرنامج الاستراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب شملت جميع حلقات المنظومة الزراعية وتم الانطلاق فيها بداية من هذه السنة من خلال الترفيع في تسعيرة الحبوب علاوة على اقرار حزمة فنية متكاملة ترتكز على توفير المستلزمات الزراعية من بذور وأسمدة وادوية وغيرها ووضع برنامج تمويل داعم للفلاحة وبرنامج إحاطة شاملة بمهنيي القطاع من المزارعين .
وستزرع تونس 800 ألف هكتار إضافية تخصص للقمح الصلب وستركز على توفير البذور التي تزيد الإنتاجية.
كما حددت وزارة الزراعة التونسية إجراءات لانجاح هذا الموسم حيث نبهت أمس، الخميس، بعدم الشروع في عمليّة حصاد الحبوب قبل بلوغ نسبة الرطوبة 13 بالمئة حفاظا على المنتوج من التلف عند الخزن.
ويبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 مليون طن (1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن شعير)، وفق ديوان الحبوب الحكومي، ويتم تعديل واردات الحبوب في تونس تبعاً لمعدلات الإنتاج المحلي، بينما يبلغ الإنتاج من الحبوب 8.1 مليون قنطار في 2021، منها 7.5 مليون قنطار من القمح الصلب والبقية قمح ليّن وشعير.
ويبلغ معدّل واردات البلاد من الحبوب ضعف الإنتاج المحلي، أكثر من نصفها يأتي من روسيا وأوكرانيا.
مجهودات استثنائية
وفي هذا الإطار، قال العميد عبد العزيز الهرماسي، مدير إدارة التصرف في الأزمات بالحماية المدنية التونسية بوزارة الداخلية، إن المحاصيل الزراعية من الحبوب المتوفرة سيتم تأمينها من الحقول إلى مخازن التجميع لتفادي أخطاء السنوات الماضية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الكميات التي ستتوفر في مخازن وزارة الزراعة ستمكن من تقليص حجم التوريد من الخارج بعد أن فرضت الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا واقعا جديدة وقفزت أسعار الحبوب.
وتوقع أنه "من هنا للسنة القادمة ستوسع تونس في المساحات المزروعة وبالتالي سيتم الترفيع في محاصيل الحبوب"، موضحا أن تونس لا تستطيع سوى التعويل على تراب بلادها في الفترة الحالية.
وأكد أن تونس ستعمل على توسيع المساحات المزروعة اضافة الى وضع تشجيعات للمزارعين التونسيين لتكثيف جهودهم وتحفيزهم.
وأشار إلى أن تونس رفعت في تسعيرة قنطار الحبوب مثل الشقيقة الجزائر لمنع تهريبه لانه في السابق كان الثمن اقل من الاسعار في الجزائر .
وأوضح أنه مع المجهودات الأمنية سيتم الحد من عمليات تهريب مادة القمح في اتجاه الجزائر وليبيا.
وأضاف أنه يوجد أيضا عوامل بشرية وأخطاء يرتكبها المزارعون دون قصد برمي أعقاب السجائر وتشتعل الحرائق مثلما وقع في السنوات الماضية .
وأشار إلى أن المجهودات ستكون استثنائية لحماية موسم الحبوب من الحرائق خاصة أن السنة الماضية تم تسجيل عديد الحرائق في تونس معظمها تندلع في الحد الزمني بين نصف الليل والساعة السادسة صباحا وهو ما يؤكد أنها بفعل فاعل.
وتشير تقديرات الاتحاد التونسي للزراعة إلى أن 30% من المحاصيل يتم إتلافها لغياب منشآت التخزين ما يشكل خسارة للمزارعين وللاقتصاد بشكل عام إضافة إلى إضرام حرائق تتسبب في هلاك نسبة من المحصول.
أزمة القمح في تونس
وتضررت تونس، التي تعاني من أزمة مالية كبيرة، بشدة من ارتفاع أسعار القمح العالمية من جراء الحرب في أوكرانيا. وتقدر قيمة الواردات من الحبوب في 2022 بنحو مليار دولار.
وحتى تتفادى أي مشاكل في الإمدادات من السوقين الروسية والأوكرانية كونهما تشكلان لوحدهما 80 في المئة من الواردات العالمية، ستلجأ تونس إلى الأوروغواي وبلغاريا ورومانيا للحصول على إمدادات بديلة.
وقال الخبير الاقتصادي التونسي عبد الهادي العمدوني إن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لم تؤثر على تونس فقط بل أثرت على العالم بأسره ما تسبب في الترفيع في أسعار النفط إلى 115 دولارا.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن كل ارتفاع في سعر النفط يكبد الموازنة العامة لتونس بـ49 مليون دولار.
وأشار إلى أن وزارة الزراعة التونسية أعلنت إبرام اتفاقيات لاستيراد الحبوب من كل من فرنسا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة لكن الإشكال يتمثل في ارتفاع أسعار كلفة الشحن وارتفاع كلفة الملاحة البحرية بحوالي 10 % إضافة لارتفاع الديون على ديوان الحبوب بـ1.1 مليار دولار ما سيتسبب في خسائر مادية.
وأكد أن تونس تعاني من أزمة حبوب في الفترة الراهنة والحل هو التكثيف في المشتريات المحلية من المزارعين التونسيين من أجل ضمان الأمن الغذائي، موضحا أن الحلول التي وضعتها تونس لضمان محاصيل القمح لهذا الموسم ستكون ناجعة.
وللإشارة فإن مشتريات تونس من الحبوب في الفترة المقبلة من 2022 ستبلغ 1.185 مليون طن، ما يجعل إجمالي احتياجاتها من واردات الحبوب في العام الجاري بأكمله عند 2.680 مليون طن.
وتشمل مشتريات تونس خلال الفترة المقبلة من العام 600 ألف طن من القمح اللين و100 ألف طن من القمح الصلب و485 ألف طن من الشعير.